أزياء ديناميكية تحن إلى الماضي

أول تشكيلة «كروز» من المصمم أليساندور ميشال لـ«غوتشي»

أزياء ديناميكية تحن إلى الماضي
TT

أزياء ديناميكية تحن إلى الماضي

أزياء ديناميكية تحن إلى الماضي

رياح التغيير تهب مثل نسمة صيف على دار «غوتشي» منذ بداية العام عندما التحق بها المصمم أليساندرو ميشال. والجميل في الأمر أن مشكلات الدار الأخيرة لم تقف عائقا في وجهه حين قدم ثاني تشكيلة له للدار وأول واحدة من خط «الكروز»، لأنه صاغها بأسلوب جديد تماما عن ذلك الذي عودتنا عليه المصممة السابقة فريدا جيانيني لنحو عشر سنوات، ونجح لحد الآن في شد الانتباه حتى من أزعجهم خروج جيانيني من الدار وأكثرهم وفاء لأسلوبها. في لقاء له مع إحدى وكالات الأنباء قال ميشال: «كل شخص منا يريد أن يكون متميزا، وخصوصا المرأة. فنحن نريد أن نتمتع بأسلوب خاص بنا لا أن نتشابه مع الغير»، وهذا ما ترجمه في تشكيلة «الكروز» لعام 2016، التي اختار نيويورك كمسرح لها. فقد اقترح تشكيلة غلبت عليها لمسة «فينتاج» ذكرتنا بما قدمه في خطه الخاص بالأزياء الجاهزة بميلانو بداية العام، سواء تعلق الأمر بلمحات من ستينات أو سبعينات القرن الماضي، باختياره أقمشة اللاميه والدانتيل والمخمل وغيرها من الأقمشة التقليدية التي أضاف إليها بهارات عصرية مثل الألوان المتفتحة والقصات المنسدلة أو المفصلة، مما منح كل قطعة ديناميكية مثيرة. رغم أن ميشال اقترح خزانة متكاملة تشمل قطعا منفصلة كثيرة لكي تناسب كل الأجواء والأماكن، من معاطف وتنورات وبنطلونات وفساتين سهرة، كانت فساتين النهار التي تستوحي خطوطها من حقبة الستينات الحلقة الأقوى، إلى جانب القطع المتصلة، أي البنطلونات الواسعة المشبوكة بقمصان من الحرير، أغلبها بياقات عالية تستحضر الأزياء الداندية الرجالية إلى حد ما. كانت هناك أيضا الكثير من الإكسسوارات المتمثلة في الجواهر، مثل الخواتم الضخمة وأقراط الأذن المتدلية والبروشات والقبعات والنظارات الضخمة، والفكرة منها طبعا خلق صورة مغرية حتى إذا لم تبع الأزياء، باعت هذه الإكسسوارات، رغم أنه لا خوف على هذه التشكيلة من ذلك على الإطلاق. فأزياء الـ«كروز» الآن أكثر مبيعا من أي خط آخر، نظرا لأناقتها العملية وسهولة تنسيقها في كل المناسبات، وتشكيلة «غوتشي» لـ2016 تؤكد هذا الواقع. فهي لا تخاطب الربيع والصيف فحسب، بل أيضا الخريف والشتاء بالنظر إلى المعاطف ذات الحواشي المزينة بالفرو، والتايورات المصنوعة من الجلد والجاكيتات المتنوعة، التي من شأنها أن تروق لنسبة عالية من النساء بغض النظر عن أعمارهن وثقافتهن. أما ما يزيد من أهمية تشكيلة أليساندرو ميشال هاته، فتأكيدها بأنه فهم، وبسرعة، شخصية الدار الإيطالية التي كانت في يوم من الأيام تخاطب النخبة والطبقات الأرستقراطية الأوروبية في الستينات والسبعينات، وهو ما عاد إليه بصب الكثير من اللمسات الأرستقراطية عليها، إلى حد أننا نلمس فيها أسلوب ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية حينا من خلال المعاطف، والأميرة الراحلة دايانا، فيما يتعلق بالفساتين الحريرية المنسدلة والياقات العالية المربوطة على شكل «فيونكات».



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.