تركيا أمام سيناريو انتخابات مبكرة.. و«الشعب الجمهوري» جاهز لـ«الشاي فقط» مع الحزب الحاكم

المعارضة تتخوف من ضغوط على نوابها لاستمالتهم وإعادة الأغلبية إلى «العدالة والتنمية»

مواطن يمر امام ملصق اعلاني ضخم لرجب طيب إردوغان الرئيس التركي الذي فشل حزبه {العدالة والتنمية} الحاكم لأول مرة في الفوز بالغالبية في الانتخابات البرلمانية أول من أمس (أ.ب)
مواطن يمر امام ملصق اعلاني ضخم لرجب طيب إردوغان الرئيس التركي الذي فشل حزبه {العدالة والتنمية} الحاكم لأول مرة في الفوز بالغالبية في الانتخابات البرلمانية أول من أمس (أ.ب)
TT

تركيا أمام سيناريو انتخابات مبكرة.. و«الشعب الجمهوري» جاهز لـ«الشاي فقط» مع الحزب الحاكم

مواطن يمر امام ملصق اعلاني ضخم لرجب طيب إردوغان الرئيس التركي الذي فشل حزبه {العدالة والتنمية} الحاكم لأول مرة في الفوز بالغالبية في الانتخابات البرلمانية أول من أمس (أ.ب)
مواطن يمر امام ملصق اعلاني ضخم لرجب طيب إردوغان الرئيس التركي الذي فشل حزبه {العدالة والتنمية} الحاكم لأول مرة في الفوز بالغالبية في الانتخابات البرلمانية أول من أمس (أ.ب)

نزعت الانتخابات البرلمانية التركية حق تأليف الحكومة من يد حزب العدالة والتنمية الذي حكم البلاد، لكنها لم تخرجه من الحلبة السياسية حيث لا يزال الحزب الأول في البلاد بمجموع مقاعد يقترب من 260 مقعدا يتحدد رقمها النهائي مع صدور النتائج الرسمية للانتخابات هذا الأسبوع، أو مطلع الأسبوع المقبل.
وبينما تخوف معارضون من عمليات ضغط وإغراء لعدد من نواب الأحزاب الأخرى والنواب المستقلين للانضمام إلى حزب العدالة والتنمية وإعطائه الأغلبية البرلمانية مجددا، توقع مقربون من الحزب الحاكم ذهاب البلاد نحو انتخابات برلمانية مبكرة، بعدما أدت النتائج التي أسفرت عنها إلى أزمة تشكيل الحكومة، فلا الحزب الحاكم قادر على تأليف الحكومة منفردا، ولا هو قادر على التفاهم مع أي من أحزاب المعارضة الثلاثة الأخرى، وفي المقابل لا تستطيع أحزاب المعارضة التفاهم في ما بينها بسبب الخلافات الكبيرة بينها.
ويشير أونال تنك رئيس تحرير شبكة «روتي خبر» إلى أنه من المتعارف عليه أن رئيس الجمهورية بعد أن يعلن نتائج الانتخابات الرسمية يقوم بتكليف زعيم الحزب الأول بتشكيل الحكومة، معتبرا أنه من المفترض أن يبدأ رئيس الحزب الأول بالمفاوضات مع رئيس وكوادر الحزب الثاني، أي سيكلف أحمد داود أوغلو بتشكيل الحكومة، إذ يبدأ المشاورات مع كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، ومن ثم دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية اليميني، ومن ثم صلاح الدين دميرطاش زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، ونتيجة المفاوضات يتم الاتفاق على تشكيل حكومة يقدم داود أوغلو وزراءها لرئيس الجمهورية، ومن ثم يقدمها للبرلمان لأخذ الثقة.
ويوضح تنك أنه في حال لم يستطع داود أوغلو تشكيل الحكومة فإنه يرجع التكليف إلى رئيس الجمهورية إردوغان الذي سيكون عليه، تكليف كليتشدار أوغلو تشكيل الحكومة الجديدة، ويبدأ الأخير المباحثات مع الأحزاب الأخرى بداية بحزب العدالة والتنمية، وهكذا دواليك، وصولا إلى أصغر الأحزاب.
ولكن ماذا سيفعل إردوغان؟ يقول تنك إنه من المتوقع أن يتصرف إردوغان بخلاف ما تصرف من قبله من رؤساء الجمهورية، والدليل على هذا أن كلمة داود أوغلو من شرفة حزب العدالة والتنمية تشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد خلاف المتعارف عليه، إذ إن إردوغان سيكلف داود أوغلو تشكيل الحكومة، وهنا ستكون إحدى الحالتين: الأولى إما أن يقبل إردوغان تشكيل حكومة أقليات في البرلمان، وإما أن يقول لداود أوغلو اترك لي الأمر لكي أقوم بعملية تأمين العدد اللازم من النواب من خلال استقالتهم من أحزابهم والانضمام إلى حزب العدالة والتنمية. ورأى تنك أن الأقرب إلى تشكيل الائتلاف هو العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية، والأقل احتمالا هو بين الشعب الجمهوري والحركة القومية وديمقراطية الشعوب. ولكن إذا لم يحصل لا هذا ولا ذاك خلال 45 يوما فإن البرلمان سينحل تلقائيا وتذهب البلاد إلى انتخابات مبكرة جديدة.
وفي المقابل، يقول الباحث في مركز التفكير الاستراتيجي في أنقرة جاهد توز إن الخيار المرجح الآن هو الانتخابات المبكرة. ويشير توز لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أمام تركيا حاليا ثلاثة خيارات، هي: أولا تشكيل حكومة أقلية يكلف رئيس الجمهورية بها أحد الأحزاب، أو حكومة ائتلافية، أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، مرجحا الخيار الأخير لأن التعايش مستحيل بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، وكذلك من غير الممكن الائتلاف مع حزب الحركة القومية لأن ذلك معناه إنهاء عملية السلام مع الأكراد، ومن المستحيل أيضا الائتلاف مع الأكراد لأن من شأن ذلك إثارة غضب الناخبين القوميين الذين اعتاد حزب العدالة والتنمية أن يأخذ بعض أصواتهم. وفي المقابل يرى توز أن الأحزاب المعارضة الثلاثة لا تستطيع للأسباب نفسها الدخول في عملية ائتلافية أيضا».
وقد سخر رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري بمدينة إسطنبول مراد كارا يالتشين مما تردد حول تحالف حزبه مع حزب العدالة والتنمية بعد إعلان النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات قائلا: «بالتأكيد يمكننا دعوتهم لاحتساء فنجان من الشاي لا أكثر. وأعتقد أن هناك اتجاها لغير ذلك».
وأوضح كارا يالتشين أنه في حال فشل حزب العدالة والتنمية في التوافق مع أي من أحزاب المعارضة لتشكيل حكومة ائتلافية، ستلقى المسؤولية على عاتق حزب الشعب الجمهوري بصفته في المركز الثاني، مشيرا إلى أن الحزب من الممكن أن يدخل في محادثات مع حزبي الحركة القومية والشعوب الديمقراطية للتشكيل التحالف. ولفت إلى أن حزب العدالة والتنمية خسر 8 نقاط على مستوى البلاد، و9 نقاط على مستوى إسطنبول، قائلا: «إن ناخبينا لم يعطوا حزب العدالة والتنمية صلاحية تشكيل الحكومة».



برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

TT

برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان في كوريا الجنوبية، السبت، على عزل الرئيس يون سوك يول، بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية وعرقلة عمل المؤسسة التشريعية عبر اللجوء إلى الجيش في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال يون سوك يول، عقب قرار عزله، إنه «لن يستسلم أبداً»، داعياً في الوقت ذاته إلى الاستقرار.

واحتشد عشرات آلاف المتظاهرين أمام الجمعية الوطنية في أثناء إجراء عملية التصويت، معبرين عن فرحتهم لدى إعلان رئيس البرلمان وو وون شيك نتيجة التصويت. وصوّت 204 نواب لصالح مذكرة العزل، في حين عارضها 85 نائباً، وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، وأُبطلت ثماني بطاقات تصويت. وكان ينبغي أن يوافق البرلمان على مذكرة العزل بأغلبية 200 صوت من أصل 300. ونجحت المعارضة، التي تضم 192 نائباً، في إقناع 12 من أصل 108 من أعضاء حزب السلطة للشعب الذي ينتمي إليه يون، بالانضمام إليها. وبذلك، عُلق عمل يون في انتظار قرار المحكمة الدستورية المصادقة على فصله في غضون 180 يوماً. ومن المقرر أن يتولّى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام منصبه مؤقتاً.

«انتصار عظيم»

قال زعيم الحزب الديمقراطي الذي يمثّل قوى المعارضة الرئيسة في البرلمان، بارك تشان داي، بعد التصويت، إن «إجراءات العزل اليوم تمثّل انتصاراً عظيماً للشعب والديمقراطية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقبل التصويت، أكد بارك في كلمة أمام البرلمان، أن فرض الأحكام العرفية يشكّل «انتهاكاً واضحاً للدستور وخرقاً خطيراً للقانون»، مضيفاً أن «يون سوك يول هو العقل المدبر لهذا التمرد».

رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأضاف: «أحضكم على التصويت لصالح العزل من أجل ترك درس تاريخي مفاده بأن أولئك الذين يدمّرون النظام الدستوري سوف يُحاسبون»، لافتاً إلى أن «يون سوك يول هو الخطر الأكبر على جمهورية كوريا». وفي السابع من ديسمبر الحالي، فشلت محاولة أولى لعزل يون عندما غادر معظم نواب حزب السلطة للشعب الجلسة البرلمانية لمنع اكتمال النصاب القانوني.

مظاهرات واسعة

عند إعلان عزل يون، عبّر نحو 200 ألف متظاهر كانوا محتشدين أمام الجمعية الوطنية عن فرحهم، ورقصوا على أنغام موسيقى البوب الكورية الصاخبة، كما احتضنوا بعضهم فيما كانوا يبكون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت تشوي جانغ ها (52 عاماً): «أليس من المدهش أننا، الشعب، حققنا هذا معاً؟».

كوريون جنوبيون يحتفلون بعد عزل البرلمان الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (رويترز)

في المقابل، تجمّع آلاف من مناصري يون في وسط سيول، حيث حُملت أعلام كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وقال يون للتلفزيون إنه «محبط للغاية»، مؤكداً أنه «سيتنحى جانباً لبعض الوقت». ودعا إلى إنهاء «سياسة الإفراط والمواجهة» لصالح «سياسة التروي والتفكير». وأمام المحكمة الدستورية ستة أشهر للمصادقة على قرار البرلمان أو نقضه. ومع تقاعد ثلاثة من قضاتها التسعة في أكتوبر (تشرين الأول) من دون أن يجري استبدالهم بسبب الجمود السياسي، سيتعيّن على الستة المتبقين اتخاذ قرارهم بالإجماع. وإذا تمّت الموافقة على العزل فستُجرى انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة ستين يوماً. وتعهّد رئيس المحكمة مون هيونغ باي باتخاذ «إجراء سريع وعادل»، في حين دعا بقية القضاة إلى أول اجتماع صباح الاثنين.

تحديات قانونية

ويون سوك يول (63 عاماً) هو ثالث رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يعزله البرلمان، بعد بارك جون هيي في عام 2017، وروه مو هيون في عام 2004، غير أن المحكمة العليا نقضت إجراءات عزل روه موه هيون، بعد شهرين على اتخاذ القرار بعزله من قبل البرلمان. وباتت الشبكة القضائية تضيق على يون سوك يول ومعاونيه المقربين، بعد إبعاده عن السلطة وخضوعه لتحقيق جنائي بتهمة «التمرد» ومنعه من مغادرة البلاد.

زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)

وكانت النيابة العامة قد أعلنت، الجمعة، توقيف رئيس القيادة العسكرية في سيول، كما أصدرت محكمة مذكرات توقيف بحق قائدي الشرطة الوطنية وشرطة سيول، مشيرة إلى «خطر إتلاف أدلة». وكان وزير الدفاع السابق كيم هونغ هيون، الذي يُعدّ الشخص الذي دفع الرئيس إلى فرض الأحكام العرفية، أول من تم توقيفه واحتجازه في الثامن من ديسمبر الحالي.

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث إلى الرابع من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في البلاد، وأرسل الجيش إلى البرلمان، في محاولة لمنع النواب من الاجتماع. مع ذلك، تمكّن النواب من عقد جلسة طارئة في قاعة محاطة بالقوات الخاصة، وصوّتوا على نص يطالب بإلغاء الأحكام العرفية، الأمر الذي كان الرئيس ملزماً دستورياً على الامتثال له. وكان يون سوك يول مدعياً عاماً في السابق، وقد دخل السياسة متأخراً وانتُخب رئيساً في عام 2022. وبرر انقلابه الأخير بأنه لـ«حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المعادية للدولة»، مُتهماً البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة بنسف كل مبادراته وتعطيل البلاد.