القوات العراقية تحكم سيطرتها على بيجي.. وعناصر «داعش» يتحصنون في الشرقاط

رفعت العلم العراقي على مقر القائمقامية.. ومهدت لتحرير الموصل

رتل من الشاحنات يقل عناصر في ميليشيات الحشد الشعبي إلى بحيرة الثرثار غرب سامراء أول من أمس (رويترز)
رتل من الشاحنات يقل عناصر في ميليشيات الحشد الشعبي إلى بحيرة الثرثار غرب سامراء أول من أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تحكم سيطرتها على بيجي.. وعناصر «داعش» يتحصنون في الشرقاط

رتل من الشاحنات يقل عناصر في ميليشيات الحشد الشعبي إلى بحيرة الثرثار غرب سامراء أول من أمس (رويترز)
رتل من الشاحنات يقل عناصر في ميليشيات الحشد الشعبي إلى بحيرة الثرثار غرب سامراء أول من أمس (رويترز)

أعلنت القوات الأمنية العراقية أنها أحكمت السيطرة على قضاء بيجي؛ المحطة قبل الأخيرة في عمليات تحرير محافظة صلاح الدين، التي تنتهي بقضاء الشرقاط آخر معاقل تنظيم داعش في هذه المحافظة. وقال بيان لوزارة الدفاع أمس إنه شوهد «هروب جماعي لإرهابيي (داعش) خارج مدينة بيجي باتجاه الموصل».
وأضاف البيان أن القطعات العسكرية مسنودة بميليشيات الحشد الشعبي وأبناء العشائر «تواصل تقدمها داخل مدينة بيجي، وتطهر جامع الفتاح والمناطق المحيطة به، وتقوم بتطهير مركز مدينة بيجي».
من جهته، أكد نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين خالد الخزرجي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهجوم على قضاء بيجي بدأ منذ ساعات الفجر الأولى من محاور عدة بعد أن تكاملت الاستعدادات العسكرية». وأضاف الخزرجي أن «الهجوم الواسع أسفر عن تحرير القضاء وبدء عمليات التطهير والمطاردة لعناصر تنظيم داعش الذين لم تعد لهم سوى وجهة واحدة وهي قضاء الشرقاط لأنه معقلهم الأخير».
في السياق نفسه، أكد القيادي في عشائر صلاح الدين التي تقاتل تنظيم داعش، يزن الجبوري، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «بيجي لن يكتمل تحريرها حتى تلتقي المحاور الأربعة؛ وهي المحور الشرقي عبر جامع الفتاح، والغربي عبر جامع حميد المجيد، والشمالي ما بين البركة والزيتون، والوسطي مقبرة بيجي بعد حي التأميم حيث لا تزال عمليات التطهير جارية.. حتى تلتقي كل هذه القوات المقاتلة عند نقطة واحدة»، مشيرا إلى أنه «تم الوصول للقائمقامية ورفع العلم العراقي في وسط المدينة، وهذا في حد ذاته إنجاز مهم».
وبشأن السقف الزمني لتحرير كل قضاء بيجي، قال الجبوري إن «المسألة في الواقع مسألة وقت لا أكثر، علما بأن العدو أخذ يركز قواته عند خط صد معين، ولكن نتوقع انهياره خلال ساعات، وبالتالي يصبح الطريق سالكا لمطاردتهم نحو قضاء الشرقاط، وهو معقلهم الأخير في صلاح الدين، كما أنه سيكون البوابة للبدء بعملية تحرير الموصل في مرحلة لاحقة».
وزارة الداخلية أعلنت، من جهتها، تحرير مركز قضاء بيجي شمالي تكريت (170 كلم شمال بغداد) ورفع العلم العراقي فوق مبنى قائمقامية القضاء، مؤكدة أن القوات المشتركة مستمرة في تقدمها لتطهير جيوب «داعش» في القضاء وتحقيق أهدافها. وقال قائد فرقة الرد السريع في وزارة الداخلية العميد الركن ناصر الفرطوسي، في بيان، إن «القطعات العسكرية تجاوزت مبنى القائمقامية بمسافة 150 مترًا، وهي مستمرة بتقدمها لتطهير جيوب تنظيم (داعش) في القضاء وتحقيق الأهداف المرسومة»، مبينًا أن «عناصر (داعش) يحاولون استهداف القوات المتقدمة من خلال العبوات الناسفة والمنازل المفخخة والانتحاريين». وتابع الفرطوسي، أن «فوج مغاوير قيادة فرقة الرد السريع، تمكن من قتل انتحاري يمني الجنسية حاول استهداف القوات الأمنية في القضاء»، مؤكدًا أن «عناصر تنظيم (داعش) بدأوا بالانسحاب إلى مدينة الموصل بعد تكبيدهم خسائر كبيرة».
وأوضح الفرطوسي أن «هناك خططًا وتنسيقًا بين قواطع العمليات في قضاء بيجي وطيران الجيش والقوة الجوية لمنع تسلل عناصر تنظيم (داعش) وهروبهم من القضاء»، لافتًا إلى وجود «متابعة ميدانية من قبل قادة العمليات وقيادة الشرطة الاتحادية لمراقبة سير العمليات».
بدوره، قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة لوكالة الصحافة الفرنسية إن القوات الأمنية «أحكمت سيطرتها بشكل كامل على مركز المدينة وتتقدم باتجاه الأحياء الشمالية للمدينة»، والتي تؤدي إلى مصفاة بيجي، أكبر مصافي النفط في البلاد، حيث تدور معارك مع التنظيم.
وكانت القوات الأمنية استعادت في نوفمبر (تشرين الثاني) السيطرة على بيجي، وفكت الحصار الذي فرضه المتطرفون على مصفاتها منذ هجوم يونيو (حزيران) من العام الماضي. إلا أن التنظيم عاود بعد ذلك السيطرة على أجزاء واسعة من المدينة، واقتحم في أبريل (نيسان) المصفاة حيث لا تزال المواجهات تدور مع القوات التي تتولى حمايتها. وكانت قيادة العمليات المشتركة أعلنت في 4 يونيو (حزيران) الحالي، عن إحراز القوات الأمنية «تقدمًا سريعًا» باتجاه مركز قضاء بيجي، شمالي تكريت، وهروب جماعي لعناصر تنظيم «داعش» جراء تلك العمليات، فيما أشارت إلى تنفيذ عملية تفتيش في مستشفى تكريت التعليمي والأقسام المحيطة به في محافظة صلاح الدين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.