«مهرجانات الأرز الدولية» تعود إلى الساحة بـ«لغة الروح» بعد غياب دام 50 عامًا

تتضمن 4 أمسيات فنية يشارك فيها وائل كفوري وإليسا ونجوى كرم وفريق «ما في متلو»

وائل كفوري

نجوى كرم

إليسا
وائل كفوري نجوى كرم إليسا
TT

«مهرجانات الأرز الدولية» تعود إلى الساحة بـ«لغة الروح» بعد غياب دام 50 عامًا

وائل كفوري

نجوى كرم

إليسا
وائل كفوري نجوى كرم إليسا

بعد غياب دام خمسين عاما تعود «مهرجانات الأرز الدولية» إلى تفعيل دورها السياحي في منطقة الشمال، من خلال إقامتها أربع أمسيات فنية تحت عنوان «لغة الروح».
وقد استوحي هذا العنوان من الفيلسوف اللبناني جبران خليل جبران ابن بلدة بشري، الذي استطاع من خلال مؤلّفاته محاكاة الناس في مختلف بقاع العالم بروحه الشاعرية الفذّة.
واختارت اللجنة المسؤولة عن تنظيم هذه المهرجانات، عيد الجيش اللبناني الذي يصادف الأول من أغسطس (آب) المقبل، مناسبة تعنون بها عودتها بعد طول غياب.
يتضمن برنامج المهرجان الذي تمّ إطلاقه من وزارة السياحة في مؤتمر صحافي، حضره الوزير ميشال فرعون وعدد من فعاليات منطقة بشري وأهل الصحافة والإعلام، أربع سهرات فنّية متنوعة. وسيتم افتتاح الموسم المنتظر من قبل أهل منطقة الشمال بأمسية فنية مميزة، يجتمع فيها كل من إليسا ووائل كفوري والموسيقي ميشال فاضل، يقدمون فيها على مدى ساعتين متواليتين مجموعة من أغانيهم الجديدة والقديمة إضافة إلى معزوفات موسيقية، انتقاها الموسيقي اللبناني ميشال فاضل من أشهر المقطوعات التي عزفها على البيانو في مشواره الفني، وبينها ما هو من ألبومه الأخير «بالعربي».
وحسبما ذكر رئيس المجلس السياحي في بلدة بشري جوزيف جعجع في سياق المؤتمر، فإن اختيار انطلاقة المهرجان بالتزامن مع عيد الجيش كان بالصدفة، إلا أن لجنة المهرجان أصرت على الربط ما بينها وبين هذه المناسبة الوطنية للرمزية التي تحملها، كون هذا الأخير لا تختلف مكانته وأهميته بالنسبة للبنان عن أرزه.
أما في 2 أغسطس فسيكون اللبنانيون على موعد مع الفنانة عبير نعمة (إحدى نجمات برنامج سوبر ستار)، التي ستقدّم حفلة غنائية يغلب عليها طابع الغناء الكلاسيكي الذي اشتهرت بغنائه. كما سيشاركها في هذه الأمسية الفنية الأب خليل رحمة الذي سيقدّم مجموعة من الأناشيد والتراتيل الدينية.
أما محبو الضحك والتسلية فسيمضون نحو 90 دقيقة مع فريق البرنامج التلفزيوني «ما في متلو» الانتقادي الساخر، وذلك في 7 أغسطس. والمعروف أن هذا الفريق حققت اسكتشاته المسرحية نجاحات كبيرة طالت العالمين العربي والغربي. وهو يتألّف من عادل كرم وعباس شاهين ورلى شامية ونعيم حلاوي. وسيتم في الأمسية نفسها استضافة الفريق الغنائي «من الآخر» الذي لديه أسلوبه الخاص في رفضه للفساد عن طريق الغناء.
أما ختام المهرجان الذي يصادف 8 من شهر أغسطس، فسيكون مع المطربة نجوى كرم التي سيشاركها الفنان جوزيف عطيّة، إحياء هذه الحفلة التي ستسدل الستارة على انطلاقة «مهرجانات الأرز الدولية».
والمعروف أن مهرجانات الأرز الدولية كانت تقام في المنطقة في حقبة الستينات، وتلاقي إقبالا كبيرا من قبل اللبنانيين والسياح العرب نظرا لموقعها المميز في غابة الأرز. ولتذكير المدعوين إلى المؤتمر بتلك الحقبة، حمل الوزير ميشال فرعون صورة لغابة الأرز التقطت لفيروز عندما شاركت في تلك المهرجانات في الماضي. وعندما سئل رئيس المجلس السياحي لبلدة بشرّي عن سبب إعادة افتتاح المهرجانات بصوتها أجاب: «كلّو بوقتو».
وتؤمن لجنة «مهرجانات الأرز الدولية» وسائل النقل الخاصة للراغبين في حضور المهرجان، بحيث تقلّهم باصات خاصة إلى موقع إقامة المهرجانات من نقاط معينة في المتن وجونية وكسبا وطرابلس. كما تمت الإشارة إلى أن من يفضّل أن ينتقل إلى موقع المهرجان بسيارته الخاصة ليغتنم فرصة وجوده في منطقة بشري - الأرز ليزور معالمها السياحية الكثيرة، التي تتضمن متحف جبران ومحمية الأرز ووادي قنوبين وغيرها، فإنه تم تأمين المواقف العامة لهم أيضا في أربع نقاط محيطة بمكان إقامة المهرجانات.
والمعروف أن النائب ستريدا جعجع كانت وراء إعادة «مهرجانات الأرز الدولية» إلى الساحة من جديد، من منطلق إعادة إحياء منطقة بشري - الأرز، وأن الهدف من إقامتها هو تحفيز أصحاب المرافق السياحية لتحديث وتطوير الخدمات وتشجيع الاستثمارات فيها.
ومنطقة الأرز - بشري تقع في شمال لبنان، وهي أبرز المناطق السياحية فيه، حيث يوجد غابة شجر الأرز المعمّر الذي يمثّل رمز لبنان. يتم الوصول إلى الأرز إما عبر طريق البقاع أو عن طريق الساحل. وينطلق الطريق الأول من بلدة «دير الأحمر» الواقعة عند السفوح الشرقية من سلسلة جبال لبنان الغربية، المشرفة على سهل البقاع قرب «عيون ارغش» (منطقة سياحية معروفة في المنطقة). وكلما اقترب الطريق من القمة، ازداد الهواء نقاء والجو انتعاشًا وأصبح بالإمكان مشاهدة بعض المثلجات الصغيرة التي بقيت صامدة في وجه حرارة الصيف. ومع بلوغ القمة ينفتح أمام الناظر مشهد رائع يمتد ليشمل غابة الأرز ومحطة التزلج وليغوص في أعماق «وادي قاديشا» ويصل إلى البحر.
أما الطريق الآخر وهو الأقصر، فينطلق من بلدة شكا مباشرة إلى منطقة بشري، ومنها يتشعّب إلى طريقين يوصل كل منهما إلى بقعة الأرز التي لا تبعد عن بشري أكثر من سبعة كيلومترات. ويعدّ الأول طريقا قديما يمتاز بتعرّجاته الضيقة، كما يسمح للزائر ببلوغ مغارة قاديشا وهو في طريقه إلى الأرز. أما الآخر فهو أكثر حداثة وتجهيزًا بحيث إنه يبقى سالكا في أيام الشتاء.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».