أعلنت ما تسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، التي تدير الأمور في العاصمة الليبية طرابلس، حالة النفير في كل مدن ليبيا لمحاربة تنظيم داعش، الذي تبنى أمس أحدث تفجير انتحاري في نقطة تفتيش أمنية رئيسية غرب مصراتة، مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة ثمانية آخرين.
وقالت وكالة الأنباء الموالية لحكومة طرابلس، غير المعترف بها دوليا، إن رئيس هذه الحكومة خليفة الغويل زار البوابة التي وقع عندها التفجير، وذلك عقب الحادث الذي ألحق أضرارا بعدد من السيارات والمتاجر القريبة. وقال الغويل لوكالة «رويترز»: «سندعم كل قوات الأمن والجيش والثوار لمكافحة ومطاردة هؤلاء الخوارج القتلة، الذين دخلوا إلى ليبيا مدعين أنهم يمثلون الإسلام والإسلام منهم براء».
وأعلن تنظيم داعش بنسخته الليبية أنه مسؤول عن الهجوم الذي قال إن تونسيا يدعى أبو وهيب التونسي نفذه، ووزع صورا فوتوغرافية له أمس. وهذه هي ثاني عملية إرهابية يتبناها التنظيم خلال أسبوعين، حيث سبق لانتحاري سوداني الجنسية تفجير سيارة مفخخة أمام بوابة 60 كيلومترا شرق مصراتة، مما أدى إلى مصرع قتيلين وسقوط 5 جرحى.
وقال متحدث باسم ميليشيات «فجر ليبيا» في منطقة الدافنية الواقعة بين مصراتة التي تبعد نحو 200 كيلومتر شرق طرابلس وزليتن على بعد 150 كيلومترا شرق طرابلس إن «انتحاريا يقود سيارة مفخخة فجر نفسه فجر أمس قرب حاجز عند أحد مداخل بلدة الدافنية». وأوضح مصدر بغرفة العمليات المشتركة بمصراتة أن الهجوم جاء مباغتا، بعد توجه الانتحاري مسرعا نحو البوابة، كما أن الانفجار أحدث دمارا ودمويا كبيرين، نظرا لضخامة حجم المتفجرات، التي وضعت داخل السيارة.
وحذر التنظيم الذي سبق أن تبنى هجمات مماثلة على مدى الأشهر الماضية ميليشيات «فجر ليبيا»، التي تضم إسلاميين، من أنه أطلق حربا على هذه القوات هدفها أن «تطهر الأرض من رجسهم»، داعيا عناصرها إلى أن «يتوبوا من كفرهم ويعودوا لدينهم».
وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011 فوضى أمنية ونزاعا على السلطة تسببا في انقسام البلاد الصيف الماضي بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في الشرق، وحكومة وبرلمان يديران العاصمة بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى «فجر ليبيا». وسمحت الفوضى الأمنية الناتجة عن هذا النزاع باتساع نفوذ جماعات متشددة في ليبيا، بينها الفرع الليبي لتنظيم داعش الذي سيطر قبل ثلاثة أيام على مطار مدينة سرت مسقط رأس القذافي والخاضعة لسيطرته منذ شهر فبراير (شباط) الماضي.
وكانت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا حذرت من أن المؤسسات والمنشآت النفطية القريبة من سرت باتت تواجه خطر التعرض لهجمات يشنها تنظيم داعش، بعد سيطرة هذا التنظيم المتطرف على مطار المدينة.
وقاعدة القرضابية، التي تقع على بعد نحو 20 كيلومترا جنوب سرت وتضم المطار، تبعد نحو 150 كيلومترا فقط عن منطقة الهلال النفطي التي تشمل مؤسسات وحقولا وموانئ نفطية رئيسية. وحذرت مصادر ليبية رسمية من اتجاه المتطرفين إلى محاولة السيطرة على ما يعرف بمنطقة الهلال النفطي بشرق ليبيا التي تعد من أغنى مناطقها بالنفط.
وعدت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني «سيطرة تنظيم داعش على مدينة سرت تعد مؤشرا خطيرا على سعي هذا التنظيم للاستيلاء على المؤسسات والمنشآت النفطية القريبة من مطار سرت واستخدامها كقاعدة للإمداد العسكري». كما حذرت الحكومة من إمكانية استخدام المتطرفين لميناء مدينة سرت لإدخال المتطرفين إلى ليبيا، واستخدامه أيضا كنقطة انطلاق للهجرة غير الشرعية التي تشكل خطرا على ليبيا ودول حوض المتوسط.
وقالت حكومة الثني إن «تنظيم داعش بدأ فعليا بتنفيذ مخططه القاضي بالاستيلاء على المنشآت النفطية للحصول على تمويل لعملياته الإرهابية»، ودعت المجتمع الدوى إلى رفع الحظر المفروض على تسليح الجيش الليبي قبل فوات الأوان. كما دعت مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والسياسية تجاه ليبيا والليبيين، وعدت كل الشواهد تؤكد على أن تنظيم داعش هو الوجه الآخر لما يسمى بميليشيات «فجر ليبيا» التي تسيطر بقوة السلاح على العاصمة طرابلس منذ صيف العام الماضي، واتهمت هذه الميليشيات بتسليم قاعدة القرضابية الجوية وميناء سرت جهارا نهارا للمتطرفين. وتعهدت الحكومة ببذل كل مساعيها لاسترداد المدينة من قبضة الإرهاب واستعادة كل منشآتها الحيوية، داعية الليبيين إلى الوقوف إلى جانب الجيش الوطني والحكومة لمحاربة الإرهاب.
وإلى جانب سرت والمناطق المحيطة بها، يوجد تنظيم داعش في مدينة درنة الواقعة على بعد نحو 1300 كيلومتر شرق طرابلس والخاضعة لسيطرة مجموعات متشددة مسلحة. كما يؤكد مسؤولون في طرابلس أن لتنظيم داعش خلايا نائمة في العاصمة، حيث أعلنت هذه المجموعات المتطرفة مسؤوليتها عن تفجيرات وقعت في المدينة خلال الأشهر الماضية.
وبينما تتزايد هجمات هذا التنظيم الذي بات يتوسع بشكل سريع في ليبيا، لا يزال الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة بين طرفي النزاع في السلطتين مجمدا، علما بأنه من المتوقع أن تقدم بعثة الأمم المتحدة خلال الأيام المقبلة مسودة اتفاق جديدة. ودعا ممثلون عن بلديات ليبية في ختام اجتماعات في تونس استمرت ليومين برعاية الأمم المتحدة إلى الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا.
«داعش» يتبنى ثاني عملية إرهابية في مصراتة.. وحكومة طرابلس تعلن النفير العام
الثني يحذر من إمكانية استخدام ميناء سرت لإدخال المتطرفين
«داعش» يتبنى ثاني عملية إرهابية في مصراتة.. وحكومة طرابلس تعلن النفير العام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة