كتاب رجال الزهور ... رحلة معطرة إلى قلب عسير

لقطة من كتاب «رجال الزهور»
لقطة من كتاب «رجال الزهور»
TT

كتاب رجال الزهور ... رحلة معطرة إلى قلب عسير

لقطة من كتاب «رجال الزهور»
لقطة من كتاب «رجال الزهور»

صدرت مؤخرا عن دار «أسولين للنشر» ستة كتب عن السعودية. يكشف كل مجلد عن كنز فريد من نوعه للمملكة، سواء كانت مدينة قديمة أو قبيلة تاريخية. واحد منها مجلد ضخم عن عسير يحمل عنوان «رجال الزهور». الكتاب بقلم الكاتب برونو دوسي ومن تصوير لازيز هاماني وإبراهيم سرحان وزياد الرفاج. يصف الكاتب «رجال الزهور» بأنه رحلة معطرة لجنوب المملكة السعودية. وهي رحلة كانت شبه أسطورية لمن ليست لديهم القدرة على تحمل الصعاب واستكشاف القبائل التي تنام تحت أقدام أعلى قمم في السعودية خصوصاً أن طرقها لم تكن مُعبَّدة، الأمر الذي كان يجعل البحث عنها مغامرة لا يعرف أحد نتائجها، أو بالأحرى عواقبها. يشير الكتاب إلى رحلة قام بها 5 مغامرين أوروبيين في عام 1761 انتهت بهلاكهم جميعاً باستثناء دليلهم الذي عاش ليحكي القصة.
وقد سرد الكاتب هذه القصة ليس فقط لتأكيد صعوبة الوصول إليها بل للتدليل على أنه رغم الغموض الذي غلّف هذه المنطقة لقرون فإن الاهتمام بها ليس وليد الساعة.

«رجال الزهور»  -  من كتاب «رجال الزهور»

لكن ربما تكون بداية الثمانينات من القرن الماضي نقطة تحول مهمة عندما اتّخذ فيه الفرنسي ثيري موغر قراراً مصيرياً. ترك عمله في فرنسا كمهندس كومبيوتر وتوجه للعمل في مدينة الطائف بمنطقة الحجاز. لم يكن يعرف أي شيء عن البلد، لكن كان يسكن بداخله رحّالة يتوق للمغامرة. دفعه فضول جامح لاستكشاف أسرارها وخباياها، وفي يوم من الأيام سمع صدفة من صديق أن قبطان طائرة هيلكوبتر تابعة لشركة مناجم وقعت عيونه على قبيلة لم يعرف بوجودها من قبل. كانت هذه الملاحظة كافية لكي تُشعل فضول موغر. بدأ بحثه عن هذه القبيلة غير عابئ لا ببعدها ولا طرقها الوعرة. وكانت نتيجة هذه الرحلة كتاباً باللغة الفرنسية بعنوان «أوم فلور» (رجال الزهور) نشره في عام 2003، كان ثيري موغر أول من ابتكر وأطلق هذا الوصف على سكان القبيلة. أثارت صور رجال المنطقة وهم يتزينون بأكاليل من الزهور والنباتات العطرية الاهتمام للتعرف على تاريخ هذه القبيلة وعاداتها، كما فتحت شهية المصورين العالمية على التقاط صور تكشف طقوساً لسكان منطقة لا تتمتع بوفرة الماشية فحسب بل أيضاً بعطورها والتناغم بين سكانها ومحيطهم.
الانفتاح الذي تعرفه السعودية حالياً فتح أبواب السياحة واستكشاف ألوان وروائح وثقافة كل منطقة من مناطقها. لكن لا تزال المنطقة التي يعيش بها رجال الزهور تثير الفضول وتتغلف ببعض الغموض، فهي تقع في منطقة شبّهها الكاتب بالقلعة: نائية ومعزولة لا يزال الوصول إليها صعباً. لكنّ زائرها سيلفته أنها مثل غيرها من المناطق الزراعية متأثرة، أو بالأحرى متفاعلة مع مناخها وجغرافيتها وتُربتها الملائمة لنمو الكثير من أنواع الزهور والنباتات العطرية. لهذا ليس غريباً أن تكون هذه الورود جزءاً لا يتجزأ من طقوسها لمئات السنين. «لقد حوّلوا أراضيهم إلى حدائق غناء، وبالتالي ليس هناك ما يمنعهم من تزيين رؤوسهم بورودها وأزهارها والاحتفال بتفتح الطبيعة وتغير المواسم بالفرح والابتهاج» حسبما كتب دوسي.
وقد لاحظ الكاتب أنهم لا يقلد بعضهم بعضاً أو يعتمدون أسلوباً واحداً. بالعكس فإن كل رجل منهم يختار أنواع الورود أو النباتات العطرية التي يميل إليها لصنع إكليله الخاص. الأمر الذي يفسره برونو دوسي بأنه «وسيلة للتعبير عن الذوق الخاص. فاستعمال هذه الورود من أشكال الفن تتغير حسب الفصول ومواسمها وحسب العُمر والمزاج أيضاً إلى حد القول إنها مثل الموسيقى أو الرسم. الفرق الوحيد أنها تعكس شخصية صاحبها».

 لاحظ مؤلف الكتاب أن أبناء القبيلة لا يعتمدون أسلوباً واحداً في اختيار الورود

مقالات ذات صلة

تعزيز «منصة الابتعاث الثقافي» السعودية بخدمات جديدة

يوميات الشرق تعزيز «منصة الابتعاث الثقافي» السعودية بخدمات جديدة

تعزيز «منصة الابتعاث الثقافي» السعودية بخدمات جديدة

أضافت وزارة الثقافة السعودية خدمات جديدة إلى «منصة الابتعاث الثقافي» بميزات متعددة تهدف من خلالها إلى تعزيز العدالة في ترشيح المبتعثين. وتحتوي المنصة على التفاصيل والمعلومات التي يحتاجها المهتمون بالابتعاث الثقافي، ومحتوى توعوي عنه، فضلاً عن تمكينهم من التقديم على برامجه، ومتابعة طلباتهم، وإنهاء كافة الإجراءات المتعلقة بذلك. وتعد المنصة بمثابة رحلة متكاملة تبدأ من خلال الدخول على صفحة برامج الابتعاث ليظهر مساران للتقدم، وهما: الدارسون على حسابهم الخاص، والحاصلون على قبول مسبق، ومن ثم الانطلاق في التقديم بإنشاء الملف الشخصي الموثق بالتكامل مع أنظمة وخدمات مختلف الجهات الحكومية، ومن ثم تعبئة الب

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مسنّون «يروّجون» لشيخوخة سعيدة

مسنّون «يروّجون» لشيخوخة سعيدة

ينشر مسنّون على إحدى المنصات الاجتماعية فيديوهات مضحكة لأنفسهم مزيلين الأفكار السابقة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وفي سن التاسعة والثمانين، تعيش دولوريس التي تستخدم اسم «دولي برودواي» على «تيك توك» «أفضل أيام حياتها»، وتشارك مقاطع فيديو طريفة لمتابعيها البالغ عددهم 2.4 مليون متابع. لا شيء يوقف هذه «السيدة الكبيرة» اللبقة التي تظهر تارة وهي ترقص على أغاني فرقة «أبا». وقال سيرج غيران عالم الاجتماع والمتخصص في الشيخوخة: «لم تعد للسن اليوم علاقة بما كانت عليه في السابق»، ومع سقوط الصور النمطية «لم يعد المسنون أشخاصاً يحتاجون حصراً إلى الأدوية والهدوء، بل يمكنهم أيضاً أن يكونوا في أفضل أحوالهم!»،

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير المخاوف في كينيا

تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير المخاوف في كينيا

حالة من الذعر تعيشها كينيا مع توالي العثور على رفات في مقابر جماعية لضحايا على صلة بجماعة دينية تدعو إلى «الصوم من أجل لقاء المسيح»، الأمر الذي جدد تحذيرات من تنامي الجماعات السرية، التي تتبع «أفكاراً دينية شاذة»، خلال السنوات الأخيرة في البلاد. وتُجري الشرطة الكينية منذ أيام عمليات تمشيط في غابة «شاكاهولا» القريبة من بلدة «ماليندي» الساحلية، بعد تلقيها معلومات عن جماعة دينية تدعى «غود نيوز إنترناشونال»، يرأسها بول ماكينزي نثينغي، الذي قال إن «الموت جوعاً يرسل الأتباع إلى الله».

يوميات الشرق كم يُنفق اليابانيون لتزيين سياراتهم بالرسوم المتحركة؟

كم يُنفق اليابانيون لتزيين سياراتهم بالرسوم المتحركة؟

ينفق مجموعة من اليابانيين آلاف الدولارات على تزيين مركباتهم بشخصيات الرسوم المتحركة والشرائط المصوّرة وألعاب الفيديو المفضلة لديهم، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتُطلَق على هذه السيارات أو الدراجات النارية أو المقطورات تسمية «إيتاشا»، وهي كلمة مركبة تُترجم إلى «السيارة المُحرِجة» وتعكس السمعة السيئة التي كانت تحظى بها هذه الموضة لدى ولادتها في الأرخبيل الياباني في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. إلا أنّ العقليات تغيرت مذّاك، وباتت شخصيات الرسوم المتحركة والشرائط المصوّرة وألعاب الفيديو تُعد «ثقافة ثانوية» تحظى باعتراف أكبر في المجتمع الياباني. ولتزيين سيارته الفاخرة من نوع «جاغوار إكس جاي

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
يوميات الشرق في اليوم العالمي للتراث... 6 معالم لبنانية بمتناول الجميع مجاناً

في اليوم العالمي للتراث... 6 معالم لبنانية بمتناول الجميع مجاناً

في 18 أبريل (نيسان) من كل عام، يحتفل العالم بـ«اليوم العالمي للتراث»، وهو يوم حدده المجلس الدولي للمباني والمواقع الأثرية (ICOMOS) للاحتفاء به. ويتم برعاية منظمة «اليونيسكو» ومنظمة «التراث العالمي لحماية التراث الإنساني». ويأتي لبنان من ضمن الدول التي تحتفل به. ويعوّل سنوياً وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى على هذه المناسبة، فيفتح أبواب بعض المعالم مجاناً أمام الزائرين لمدة أسبوع كامل. في رأيه أن مهمته تكمن في توعية اللبناني بموروثه الثقافي، فيشجعه على الخروج من حالة الإحباط التي يعيشها من ناحية، وللتعرف على هذه المواقع عن قرب، من ناحية ثانية.


مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنّ جهود استعادة القطع الأثرية من آيرلندا استمرّت طوال عام ونصف العام، وأوضحت في بيان، الجمعة، أنّ «القطع الأثرية التي استُردَّت من جامعة (كورك) الآيرلندية، هي مومياء مصرية وعدد من الأواني الفخارية والقطع الأثرية الأخرى، والجامعة أبدت تعاوناً كبيراً في تسهيل إجراءات إعادتها».

وتمثّل القطع المُستعادة حقبة مهمّة من التاريخ المصري القديم، وجزءاً من التراث الثقافي المصري الذي يحظى باهتمام الجميع، ومن المقرَّر عرضها في المتاحف المصرية، وفق بيان «الخارجية».

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أنّ «استرداد هذه القطع جاء وفقاً للاتفاق الثنائي الموقَّع مؤخراً بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة (كورك) الآيرلندية»، مشيراً في بيان لوزارة السياحة والآثار، إلى أنّ الجامعة كانت قد حصلت عليها بين الأعوام 1920 و1930؛ ومن بينها تابوت خشبي ملوَّن بداخله بقايا مومياء ومجموعة من الأواني الكانوبية المصنوعة من الحجر الجيري بداخلها أحشاء المتوفّى.

القطع الأثرية المُستردّة تعود إلى حقب تاريخية مهمّة (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، كشف مدير الإدارة العامة لاسترداد الآثار، المُشرف على الإدارة المركزية للمنافذ الأثرية، شعبان عبد الجواد، عن أنّ «الأواني الكانوبية التي استُردَّت لكاهن يُدعى (با ور)، من الأسرة 22 من العصر المتأخر؛ كان يحمل ألقاباً من بينها (حارس حقول الإله). أما التابوت الخشبي فهو من العصر الصاوي لشخص يُدعى (حور)، وكان يحمل لقب (حامل اللوتس)؛ وتوجد بداخله بقايا مومياء وعدد من أسنانها»، وفق بيان الوزارة.

وأعلنت مصر، في وقت سابق، استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية من 2014 حتى أغسطس (آب) 2024، كما استُردَّت أخيراً 67 قطعة أثرية من ألمانيا. وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) 2023 استرداد 17 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية، أبرزها «التابوت الأخضر».

في هذا السياق، يرى عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير، أنّ «استعادة القطع الأثرية والمومياوات فرصة لإثراء بحثنا الأثري والتاريخي، إذ تساعدنا في الكشف عن جوانب جديدة من التاريخ المصري»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المقتنيات توفّر رؤى قيّمة حول أساليب الدفن والعادات الثقافية القديمة التي كانت جزءاً من الحياة اليومية للمصريين القدماء».

ويعدُّ عبد البصير هذه الاستردادات إسهاماً في تعزيز الهوية الوطنية، إذ تُساعد في الحفاظ على التراث الثقافي من أجل الأجيال القادمة، مؤكداً أنّ «وزارة الخارجية المصرية تلعب دوراً حيوياً في استرداد الآثار من خلال التفاوض مع الدول الأجنبية والتنسيق الدبلوماسي للوصول إلى حلول تفاوضية تُرضي الأطراف المعنيّة»، لافتاً إلى أنّ استرداد القطع يأتي بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى آيرلندا؛ مما يؤكد اهتمام الدولة على أعلى مستوياتها باسترداد آثار مصر المُهرَّبة من الخارج.

قطع متنوّعة من الآثار استردّتها مصر من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

«وتسهم الاتفاقات الثنائية التي تعقدها مصر مع الدول في استعادة الآثار؛ منها 5 اتفاقات لمكافحة تهريبها والاتجار في الآثار المسروقة مع سويسرا وكوبا وإيطاليا وبيرو وكينيا»، وفق عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، الخبير الآثاري الدكتور عبد الرحيم ريحان، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «العلاقات القوية بين مصر وآيرلندا منذ تولّي الرئيس السيسي الحُكم أسهمت في استعادة هذه الآثار»، مشيراً إلى أنّ «مصر استعادت نحو 30 ألف قطعة أثرية منذ تولّيه الرئاسة، من الولايات المتحدة الأميركية، وإنجلترا، وفرنسا، وإسبانيا، وهولندا، وكندا، وألمانيا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسويسرا، ونيوزيلندا، وقبرص، والإمارات، والكويت، والأردن».

ويتابع: «جاء ذلك بعد جهود حثيثة من إدارة الآثار المُستردة بالمجلس الأعلى للآثار، وبمتابعة مستمرّة لكل المزادات العلنية، وكل ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر وكالات الأنباء الدولية عن الآثار المصرية المنهوبة، وعن طريق مفاوضات مثمرة، بالتعاون بين وزارات السياحة والآثار والخارجية والداخلية في مصر».