حسام الكيلاني من الهندسة إلى مدون طعام من الطراز الأول

وصفاته عصرية تخاطب جيل الألفية

مدون الطعام وصانع المحتوى المصري حسام الكيلاني  -  وصفة «سباغيتي» سريعة ولذيذة  -  أطباق سريعة التحضير وسهلة أيضاً  -  من أطباق المدون المصري حسام الكيلاني
مدون الطعام وصانع المحتوى المصري حسام الكيلاني - وصفة «سباغيتي» سريعة ولذيذة - أطباق سريعة التحضير وسهلة أيضاً - من أطباق المدون المصري حسام الكيلاني
TT

حسام الكيلاني من الهندسة إلى مدون طعام من الطراز الأول

مدون الطعام وصانع المحتوى المصري حسام الكيلاني  -  وصفة «سباغيتي» سريعة ولذيذة  -  أطباق سريعة التحضير وسهلة أيضاً  -  من أطباق المدون المصري حسام الكيلاني
مدون الطعام وصانع المحتوى المصري حسام الكيلاني - وصفة «سباغيتي» سريعة ولذيذة - أطباق سريعة التحضير وسهلة أيضاً - من أطباق المدون المصري حسام الكيلاني

ولى زمن وصْفات الأكل المعقدة، مواقع التواصل الاجتماعي فرضت ثقافتها، صحيح أنها احتضنت صناع محتوى الطعام؛ لكنها اعتمدت على وتيرتها وشروطها.
ملايين الحسابات تقدم وصفات الأكل لكن لا يصعد إلى الواجهة إلا القليل، ومن بين الحسابات العربية التي نالت قرابة 4 ملايين إعجاب على «تيك توك» وحده، حساب الطاهي المصري حسام الكيلاني الذي احترف لغة جيله، وقدم أطباقاً شهية بثقافة عصرية.
بأطباق الدجاج المقرمش، ووصفات البطاطس الغارقة في صلصة الجبنة، وشطائر البرغر المجهزة على طريقة البيتزا، قدَّم مدون الطعام، كما يفضل أن يُلقَّب «الكيلاني»، نموذجاً لفنون الطهي يختلف عن الشكل الكلاسيكي، مرتكزه هو الشغف والسرعة والمذاق.
وعن رحلته من الهندسة إلى احتراف الطهي، يقول الكيلاني لـ«الشرق الأوسط» إن ملهمته الوحيدة هي والدته، ويروي: «الحظ حالفني من البداية، فوالدتي محترفة في فنون الطهي، كانت (شيف) العائلة. قبل سنوات لم يكن تطوير الوصفات مهمة سهلة؛ لأن المحتوى الخاص بالطعام كان متوفراً بالكاد عبر قنوات تلفزيونية محدودة؛ لكنها كانت تبتكر الوصفات معتمدة على حبها للمطبخ ونظرتها لعمق المذاق».
ويضيف: «أتذكر طفولتي، كنت أعتقد أن أنامل أمي بها سحر، وهو سر المذاق الطيب لوصفاتها، كان المطبخ بالنسبة لي قلعة شاهقة أخشى طرق أبوابها؛ لكن مع التحاقي بالجامعة في مصر، بينما تعيش أسرتي في دولة الكويت، جاءت أول مواجهة مباشرة مع مهمة الطهي».
التحق الكيلاني بقسم الكهرباء في كلية الهندسة، وعكف على مستقبله المهني، ولم تراوده فكرة أن يصبح أحد أشهر صناع محتوى وصفات الطعام على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول: «أعرف من البداية أن بداخلي شغفاً للمطبخ وأسراره؛ لكن انطلاقة البداية الحقيقية من (دفتر وصفات أمي) فهذه كانت طريقتها الوحيدة لضمان أنني قادر على تلبية احتياجاتي من الطعام، لا أنكر أن هذا الدفتر كان بمثابة لغز أخشى ألا أنجح في فك شفرته».
بيد أن موهبة الطهي وراثة، هكذا يرى الكيلاني، أو على الأقل في حالته الذي اعتبر أن شغفه بالمطبخ انتقل له عبر جينات والدته، ويقول: «(فيتوتشيني ألفريدو)، كانت الوصفة الأولى التي قدمتني لعالم الطهي، كنت مُتشككاً في قدراتي، بخطوات مواربة خضت التجربة، بيد أن سحر والدتي انتقل إليَّ بالوراثة، وقدَّمت من المرة الأولى طبق معكرونة له مذاق خاص بشهادة أصدقائي». ويمضي في القول: «لم يكن مجرد طبق طيب، إنما هو سور شاهق نجحت في اختراقه لتتوالى التجارب والنجاحات».
رغم امتهانه الهندسة في الأصل، فإن ثمة طريقاً موازياً يسير فيه الطاهي المصري، ويروي البدايات: «كنت أعرف أن المطبخ ضالتي؛ لكن فكرة إطلاق مطعم لتقديم وصفاتي الخاصة، كانت فكرة بعيدة المنال، ما زلت شاباً في بداية طريقي، ولا أملك الدعم المادي الكافي لأنطلق نحو منافسة المطاعم الكبرى، فكانت مواقع التواصل الاجتماعي هي الملاذ الذي يحتضن المواهب ويختصر الطريق».
يعتقد البعض أن اختراق عالم «السوشيال ميديا» أمر متاح بسهولة؛ لكن تجربة الكيلاني تقول غير ذلك: «عدد لا نهائي من الحسابات الخاصة بالطهي، سباق محموم، فكيف لي أن أخترق هذه السوق الشرسة، وأكشف النقاب عن مدرستي الخاصة في تقديم الوصفات؟!».
لازمت الهواجس والمخاوف والشكوك الكيلاني «طيلة 3 سنوات قبل الانطلاق» حسبما يقول الكيلاني الذي يصف حاله حينها بأنه كان «بين التردد وخلق عوائق وهمية... صحيح خلال تلك الفترة كنت أتعلم المزيد عن المطبخ وأسراره، وأتابع ثقافات الأكل حول العالم؛ لكن قرار البدء لم يكن سهلاً».
ويردف: «إشارة البدء كانت دعم والدتي. حددت رسالتي من الفيديو الأول، وهي تقديم البسيط والسريع والشهي، فأنا أمام اختبار صعب، إما أن أقنع جيل (زي) الأكثر استخداماً لمواقع التواصل الاجتماعي، وإما خرجت سريعاً من السباق، وبالفعل نجحت من أولى التجارب في تحقيق تفاعل لم يكن في الحسبان».
إذا دخلت حسابات الكيلاني فستلاحظ تدوينه لجملة: «أنا لست طاهياً محترفاً»، ربما يذهب بك الظن في البداية أنه يعني عدم الدراسة الأكاديمية، بيد أن هدف الرسالة يبدو أبعد من ذلك، ويوضح: «جيل الألفية ينصرف عن المطبخ لأنه يعتقد أن الطهي مهمة معقدة. حددت في ذلك مهمتي الأولى، وهي أن أفك طلاسم الوصفات، وأقدم معادلة السريع والشهي».
أما التحدي الثاني في مسيرة الكيلاني، فكان حسبما يروي ويقول: «تطور ثقافة الأكل في الآونة الأخيرة، وتصدر الوجبات السريعة المشهد، لذا انطلقت من وصفات الدجاج المزود بطبقات القرمشة، وشطائر البرغر، وكذلك الوصفات التي يمكن تحضيرها في قدر واحد، وفي أسرع وقت، مثلاً: دجاج التوسكان، أصابع جبن الحلوم، دجاج التندر، شوربة البطاطس بشرائح اللحم المقدد، ووصفات الكاساديا التي تحضر في دقائق».
وضمن العبارات الوصفية التي اختارها الطاهي المصري لنفسه، كانت: «عاشق الجبن»، فما تتابع وصفاته إلا وتجد صلصات الجبن تتوغل مع مكونات شهية، مثل البطاطس والكوسة والمعكرونة.
يقول الكيلاني عن عشقه لصلصة الجبن: «ربما أرى أن الأجبان بأنواعها المختلفة هي إضافة عصرية يميل لها الجيل الحالي، وفي الوقت عينه تعزز المذاق وتجعله يلامس الخيال، ربما تكون وسيلة يسيرة لتحديث وصفات كلاسيكية، مثل طبق الكوسة بطبقات الباشميل واللحم المفري مع طبقات الجبن الذائب». ويردف: «إضافة الجبن لا تأتي اعتباطاً، هناك أنواع مختلفة ومتنوعة، ولكل منها مذاقه المميز، لذا لكل طبق إضافته الخاصة وإلا اختفت هويته».
ما بين دراسة الهندسة واحتراف فنون الطهي، طريقان متوازيان يصعب أن يلتقيا، لذا حدد الطاهي المصري هدفه من البداية، يقول: «صحيح أن الهندسة هي دراستي والطهي شغفي؛ لكني أرى في تجربة المطبخ كثيراً من الثراء والابتكار، لذا أحلم بالاستمرار حتى يأتي يوم وافتتح مطعمي بوصفات خاصة تحمل توقيعي، مثل أشهر طهاة العالم».


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».