بن لادن خشي تجسس الإيرانيين عليه بأجهزة تنصت قد يضعونها في أسنان زوجته

واشنطن ترفع السرية عن مائة وثيقة عثر عليها في مخبأ زعيم القاعدة بأبوت آباد

رسالة موجهة إلى {الخالة العزيزة أم خالد} عثر عليها في مكان مخبأ بن لادن، ونشرتها الاستخبارات الأميركية أمس (إ.ب.أ)
رسالة موجهة إلى {الخالة العزيزة أم خالد} عثر عليها في مكان مخبأ بن لادن، ونشرتها الاستخبارات الأميركية أمس (إ.ب.أ)
TT

بن لادن خشي تجسس الإيرانيين عليه بأجهزة تنصت قد يضعونها في أسنان زوجته

رسالة موجهة إلى {الخالة العزيزة أم خالد} عثر عليها في مكان مخبأ بن لادن، ونشرتها الاستخبارات الأميركية أمس (إ.ب.أ)
رسالة موجهة إلى {الخالة العزيزة أم خالد} عثر عليها في مكان مخبأ بن لادن، ونشرتها الاستخبارات الأميركية أمس (إ.ب.أ)

رفعت الاستخبارات الوطنية الأميركية أمس السرية عن عشرات الوثائق التي عثر عليها في المنزل الذي قتل فيه أسامة بن لادن بمدينة أبوت آباد الباكستانية عام 2011. ويتضمن جزء كبير من هذه الوثائق رسائل شخصية وعائلية، إضافة إلى رسائل أخرى بين زعيم القاعدة وأتباعه. وفي المجموع كشفت الاستخبارات الأميركية عن نحو 103 وثائق، إضافة إلى 266 كتابا باللغة الإنجليزية كانت عبارة عن «مكتبة إلكترونية» جمعها بن لادن بنفسه. وذكر جيف إنشوكايتيس الناطق باسم الإدارة الوطنية للاستخبارات الأميركية أن الرئيس الأميركي باراك أوباما دعا إلى «شفافية أكبر» بشأن ما تمت مصادرته في باكستان، والكونغرس صوت على قانون يلزم الاستخبارات بدراسة أي من الوثائق يمكن نشرها. وكانت الاستخبارات الأميركية كشفت عام 2012، أي بعد عام على مقتل بن لادن، عن أقل من عشرين وثيقة وكانت أيضا تتضمن خطابات عائلية وأخرى لأتباعه ومساعديه. وتشير الرسائل الأخيرة إلى أن بن لادن كان يركز في توجيهاتها لأتباعه على شن مزيد من الهجمات ضد الولايات المتحدة. ففي رسالة موجهة إلى متشددين في شمال أفريقيا، طالبهم مجددًا بالتوقف عن «الإصرار على إقامة دولة إسلامية»، وبدلا عن ذلك، عليهم التركيز على شن هجمات ضد السفارات والمصالح الأميركية في المنطقة. وأشار إلى السفارتين في سيراليون وتوغو في غرب أفريقيا، وأيضا إلى شركات النفط الأميركية في المنطقة. وكرر بن لادن نفس الخطة في رسائل إلى قادة تنظيم القاعدة في اليمن، حيث طلب منهم «تجنب استهداف الشرطة اليمنية والأهداف العسكرية»، والتركيز على أهداف أميركية. وكتب بن لادن في إحدى رسائله: «علينا وقف العمليات ضد الجيش والشرطة في كل المناطق وخصوصا في اليمن. الأولوية يجب أن تكون ضرب أميركا لإجبارها على التخلي» عن الحكومات العربية «وترك المسلمين وشأنهم». وقال بيتر بيرغن، مؤلف كتاب: «الصيد: عشر سنوات بحث عن بن لادن، من هجمات سبتمبر (أيلول) إلى أبوت آباد»: إن «هذه الرسائل تقدم صورة معقدة ومختلفة بعض الشيء» عن بن لادن. ويشير بيرغن إلى أن بن لادن يظهر في رسائله إلى أبنائه وبناته «بمثابة الأب الذي يحرص على حمايتهم»، وفي رسالة إلى واحدة من زوجاته «يبدو مثل عاشق متيم»، لكنه في رسائله إلى قادة التنظيم يطلب منهم التركيز على إحداث إصابات جماعية بشن هجمات على الأهداف الأميركية». ويعلق بيرغن على ذلك: «هناك تناقض حاد» في شخصية زعيم القاعدة. في واحدة من هذه الرسائل، كتب بن لادن: «يجب أن يكون التركيز على قتال وقتل الشعب الأميركي». تشير بعض الوثائق أيضا إلى أن بن لادن أصدر في 2010، توجيهات حول المفاوضات التي يجب إجراؤها بشأن الفرنسيين الذين خطفهم «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» أو صحافيين فرنسيين اثنين في أفغانستان. وفي الحالتين يصر على الحصول على تعهد من فرنسا بالانسحاب من أفغانستان وفدية في قضية رهائن «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وعن هجمات الطائرات دون طيار (درون) التي كانت تشنها القوات الأميركية قبيل قتله، كتب بن لادن أنها تسببت في قتل كثير من قادته. وأشار إلى أن «هذا أمر مقلق لنا، ويستنفد طاقاتنا». ولهذا، نصح بن لادن المقربين منه بالحذر وتشفير الرسائل. واقترح مثلًا أن تكون رحلات رجاله في المناطق الحدودية الأفغانية - الباكستانية «عندما تكون السماء ملبدة وتقل فعالية مراقبة طائرات درون». غير أن بعض التقارير والمذكرات التي كتبها بن لادن لم تكن لها أي صلة بالإرهاب، إذ تضمنت الوثائق التي كشف عنها مذكرات حول تغير المناخ وتأثيره على العالم الإسلامي، وأخرى حول أهمية الاستفادة من مخزونات الماء الجوفية، و«الأمن الغذائي» و«أحسن الوسائل لحفظ مخزون القمح». وفي تعليقه على هذه المواضيع غير الإرهابية، قال بيرغن: «كان بن لادن مثل خبير في البنك الدولي، وليس زعيم منظمة إرهابية كبيرة».
وتتطرق الرسائل العائلية لابن لادن (كانت لديه أربع زوجات وأكثر من عشرين ولدا وبنتا)، إلى أدق التفاصيل، مثل ترتيبات زواج ابنه خالد إلى ابنة «شهيد» كان من قادة «القاعدة»، وفي رسالة إلى والدة العروس، كتب بحماسة عن الزواج «الذي ظلت قلوبنا تنتظره». وكتب بن لادن كثيرا إلى ابنه حمزة، وإلى خيرية، والدة حمزة، وكانا يعيشان في إيران لعشر سنوات تقريبا، منذ الغزو الأميركي الذي أسقط حكم طالبان. وفي عام 2009، كتب حمزة خطابا من إيران إلى والده، اشتكى فيه أنه لم يره منذ ثمان سنوات، عندما كان عمره 13 عاما. وكتب حمزة: «يظل قلبي حزينا لهذا الفراق كل هذه السنوات. ويظل ينتظر يوم نلتقي، وتظل عيناي تتذكران آخر مرة رأيتك عندما كنت تقف تحت شجرة الزيتون، وأعطيت كل واحد منا سبحة». في عام 2010، قبل عام من قتل بن لادن، بدأ الإيرانيون يفرجون عن بعض أفراد عائلته. وكتب بن لادن رسائل عن إمكانية اللقاء معهم. وكتب إلى زوجته خيرية: «كم انتظرت خروجك من إيران». ووصف الإيرانيين بأنهم «لا يستحقون الثقة فيهم». وحذرها من أن الاستخبارات الإيرانية يمكن أن تضع أجهزة تصنت في متاعهم قبل أن يغادروا إيران، وربما حتى داخل أجسامهم. وقال: «إذا كنت زرت طبيب أسنان مؤخرا، يجب أن تذهبي إلى طبيب آخر ليرى ما إذا كان الإيرانيون قد وضعوا أجهزة تنصت في أسنانك». وكتب بن لادن في رسالته «قبل وصول أم حمزة إلى هنا يجب أن تتخلص من كل شيء بما في ذلك الملابس والكتب، وكل ما كانت تملكه في إيران» قبل أن يوضح «تم تطوير شرائح (إلكترونية) مؤخرا للتجسس، وهي دقيقة إلى الحد الذي يمكن من إخفائها بسهولة في حقنة. وبما أنه لا يمكننا الوثوق بالإيرانيين فإنه من الممكن زرع شريحة في بعض الأغراض التي تأتون بها معكم».
في العام الماضي، كان مسؤولون في الاستخبارات الأميركية قالوا إن بن لادن كان يرشح ابنه حمزة لخلافته، وإن فرقة الكوماندوز التي قتلت بن لادن كانت تتوقع وجود حمزة معه (بعد أن أطلق الإيرانيون سراحه). لكن ابنه لم يكن معه يوم قتله. وفي الآونة الأخيرة، قال هؤلاء المسؤولون إنهم لا يعرفون مكان وجود حمزة، الذي يتوقع أن يكون اقترب من الثلاثين من عمره.
ومما جاء في تبادل رسائل بين بن لادن ومساعديه «بشأن استخدام الإنترنت في المراسلة يمكن القيام بذلك في الرسائل العامة جدا لكن السرية التي يجب أن تحيط بعناصر القاعدة لا تتيح استخدامها والرسول هو الوسيلة الوحيدة» لذلك. ويجيب أحد المساعدين أن الإنترنت عملية. وكتب عطية عبد الرحمن المسؤول الثاني في التنظيم «هذا معقد جدا. كيف سيمكننا التواصل في الجزائر والعراق واليمن والصومال؟ أحيانا لا تكون هناك وسيلة أخرى (غير الإنترنت) متى اتخذنا الاحتياطات». وينصح أيضا بتدمير «الشرائح الإلكترونية» التي ترسل بينه وبين القائد ويدعو إلى تغييرها بانتظام. ويضيف بن لادن: «أثبتت الوقائع أن التكنولوجيا الأميركية والأنظمة الفائقة التطور لا يمكنها القبض على عنصر في التنظيم إذا لم يحصل انتهاك للقواعد الأمنية». ويشير المسؤول الثاني إلى مقتل 20 مقاتلا في قصف، وينتقد عدم تقيد عناصر القاعدة بالقواعد التي تنص على عدم تجمع أكثر من خمسة أشخاص. وفي رسالة إلى بن لادن بتاريخ 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 يشير المسؤول الثاني إلى «سماء ملبدة بالغيوم رحيمة» قبل إرسال زوجة الزعيم إلى مقر بن لادن. تشير إحدى الوثائق إلى أن بن لادن كان يريد في عام 2011 سرقة الأضواء في الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 سبتمبر، عبر إطلاق حملة إعلامية ضخمة. وكتب زعيم «القاعدة» في رسالة غير مؤرخة لكن يرجح أن تعود إلى ديسمبر (كانون الأول) 2010 وفقا لمضمونها «نترقب الذكرى العاشرة للهجمات المباركة على نيويورك وواشنطن خلال تسعة أشهر». وأضاف في الرسالة التي لم يعرف الطرف الموجهة إليه «تدركون جيدا أهميتها وأهمية الإفادة من هذه الذكرى في وسائل الإعلام لتمجيد انتصارات المسلمين ولننقل إلى العالم ما نريد نقله». وقال بن لادن في الرسالة أيضا إنه «على اتصال بإخوة» ليزودوا وسائل الإعلام «بتصريحات عندما تبدأ تغطية الذكرى في الأول من سبتمبر».
وشكا زعيم القاعدة الذي كانت الوسائل اللوجيستية للاتصال بالعالم الخارجي تزداد صعوبة عليه على مر السنين، من أنه بعث «شريط فيديو قبل نحو شهرين ولم يبث بعد في الإعلام». وأضاف: «سأعيد تصوير الشريط قبل العمل على بثه».
وفي وثيقة أخرى مؤرخة في الخامس من أبريل (نيسان) 2011 أي أقل من شهر قبل اغتياله، بعث شخص يدعى محمود برسالة إلى بن لادن قدم فيها مقترحات حول الرسالة التي يجب أن يوجهها بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 سبتمبر. وكتب لبن لادن أن الرسالة «يجب أن تتضمن توجيهات وتذكيرات للشباب. يجب أن تكون عامة ولا تتوقف عند تفاصيل»، وتدعو إلى مواصلة العمليات.
وبالنسبة للكتب الإلكترونية التي جمعها بن لادن، هناك كتاب «حروب أوباما»، الذي كتبه بوب وودوورد، الصحافي بجريدة «واشنطن بوست» الذي اشتهر بكشف فضيحة ووترغيت (التي أطاحت بالرئيس نيكسون عام 1974)، وكتب لنعوم شومسكي، أستاذ الرياضيات في معهد ماساتشستس للتكنولوجيا (إم آي تي)، والشهير بانتقاد السياسة الخارجية الأميركية. وهناك كتب تتحدث عنه هو شخصيًا (بن لادن)، وأخرى عن هجمات 11 سبتمبر بأنها كانت عبارة عن «مؤامرة أميركية داخلية» لم تنفذها القاعدة، إضافة إلى كتب عن الإرهاب أعدها معهد راند الأميركي و«خدمة أبحاث الكونغرس» في واشنطن. وإضافة إلى الكتب، هناك تقارير وتعليقات كتبها بن لادن. وتشير شبكة «سي إن إن» الإخبارية إلى أن «بن لادن كان يبدو مثل محرر دقيق. أحيانا، راجع تعليقاته ومذكراته 50 مرة تقريبا». ففي تعليقات كتبها بن لادن عن «الربيع العربي» مثلًا، أشار إلى وجود «عامل جديد» هو «ثورة تكنولوجيا المعلومات». واعتبر أن ثورات الربيع العربي هي «أهم الأحداث في العالم الإسلامي منذ قرون».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.