دارينا الجندي لـ«الشرق الأوسط»: متابعة أعمال «نتفليكس» فقاقيع هواء لا أكثر

تطل ضيفة شرف في «ظل» و«بطلوع الروح»

دارينا الجندي تستمتع في أداء دورها «أم سعود» في مسلسل «بطلوع الروح»
دارينا الجندي تستمتع في أداء دورها «أم سعود» في مسلسل «بطلوع الروح»
TT

دارينا الجندي لـ«الشرق الأوسط»: متابعة أعمال «نتفليكس» فقاقيع هواء لا أكثر

دارينا الجندي تستمتع في أداء دورها «أم سعود» في مسلسل «بطلوع الروح»
دارينا الجندي تستمتع في أداء دورها «أم سعود» في مسلسل «بطلوع الروح»

تسرق دارينا الجندي انتباه المشاهد تلقائياً عند إطلالتها في أي عمل درامي. فهي تختار أدوارها بدقة وإتقان، وتكون مفصلة على قياس وقت فراغها. فعملها خارج لبنان منذ أكثر من 18 عاماً، يضطرها للمشاركة في الدراما اللبنانية والعربية، ضيفة شرف ليس أكثر. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «مركز حياتي باريس، حيث أعمل أيضاً في مجال التمثيل، كما أعطي صفوفاً خاصة «ماستر كلاس» في الأداء التمثيلي، حتى في بلدان أوروبية مختلفة. لذلك ترينني أشارك في أعمال الدراما المحلية من باب ضيق، بحيث لا يؤثر على عملي في الخارج. أشدد على الشركة المنتجة بأن أكون ضيفة شرف، ولكن ضمن محور أساسي للمسلسل. عندها يعرضون علي الدور، فإما أوافق عليه أولاً».
ولكن إطلالات دارينا الجندي ضيفة شرف، لا تقلل من وهج أدائها، بل على العكس تصبح مشاركتها هذه بمثابة إضافة للعمل. وهو ما يلمسه المشاهد عند متابعته لأدوارها، إذ تتمتع بحضور وكاريزما، قويين لا بد أن يطبعا في ذاكرة المتفرج.
في موسم رمضان 2022 تطل دارينا الجندي ضمن عملين دراميين «ظل»، و«بطلوع الروح». وبالفعل تمسك من خلالهما بخيوط كثيرة للقصتين. تجسد في الأول دور امرأة غامضة صنعت شهرة زوجها المحامي، ومن ثم تضع حداً لحياتها لعدم تحملها زيفه. وفي الثاني تقدم دور «أم سعود»، المرأة التي تمسكت ببقائها في مدينة الرقة بعد احتلالها من داعش، وإقفالهم لصالون التزيين الذي كانت تملكه. فتلعب دوراً أساسياً في قصة مستوحاة من الواقع.
تعلق الجندي: «هناك اختلاف كبير بين الشخصيتين وهو ما جذبني إليهما كي ألعبهما. هذا الأمر يهمني جداً، إذ لا أحب تكرار نفسي، ومهما بلغ الدور من مساحة صغيرة، فهذا لا يمنعني من أدائه في حال كنت مقتنعة به».


تختار دارينا الجندي أدوارها لتحل عادة ضيفة شرف في الدراما العربية

تبدأ في الحديث عن شخصية «أم سعود»، ربما لأنها لا تزال تصورها حتى اليوم في إحدى المناطق اللبنانية. فهي عالقة في وجدانها، خصوصاً أنها معجبة بشخصية هذه المرأة التي تنشر الفرح والطاقة الإيجابية حولها. وتقول في سياق حديثها: «هذه الشخصية موجودة وحقيقة على أرض الواقع في الرقة. كاتب العمل محمد هشام عبية حاكها بشكل رائع، مستنبطاً خيوطها من أبحاث أجراها على الأرض. كما أن مخرجة العمل كاملة أبو ذكري، أكملت ما بدأه عبية وترجمته بكاميرتها المبدعة».
وهل الممثل يستمتع أكثر بالدور الذي يلعبه إذا ما كان واقعياً؟ ترد: «طبعاً، هذا الأمر يؤثر كثيراً على الممثل، وقد سبق وقمت بتجارب مماثلة من قبل. عندما يعرف الكاتب كيفية تقديم الشخصية بأسلوب شيق، تولد غنية وحقيقية، وهو ما يساعد الممثل على أداء مميز. فنص العمل أو الورق كما نسميه في عالم التمثيل، عندما يكون متكاملاً بأسلوب ومستوى رفيعين، يطبعه جهد كل من المنتج والمؤلف والمخرج، ينعكس رونقاً ومتعة عند الممثل، فتحضر معه جميع عناصر نجاح العمل».
تشير دارينا إلى أنها سبق ومكثت في منطقة الرقة لأشهر طويلة. كانت يومها تصور مسلسل «تل الرماد» في أواخر التسعينات، تحت إدارة المخرج السوري نجدت أنزور، فتعرفت إليها عن كثب. «عندما كنت أقرأ نص (بطلوع الروح)، وفيه تفاصيل صغيرة عن شوارع الرقة وأزقتها، كنت أستعيد أجواءها بذاكرتي، وهو ما أنسن شخصية (أم سعود) بشكل أكبر عندي».
وتشير الجندي إلى أن هذه الشخصية تلعب دوراً أساسياً في العمل سيكتشفه المشاهد في حلقاته المقبلة. وتوضح: «ستنشأ بينها وبين روح التي تجسد شخصيتها منة شلبي علاقة وطيدة. وعلى فكرة، فإن هذه الأخيرة ممثلة ممتازة وصاحبة شخصية جميلة في الحقيقة».
وماذا عن دورها في «ظل» ضمن شخصية دلال؟ تقول: «عادة عندما تصنع المرأة نجاح الرجل فهي تكون أول هدف، يطيح به. وهو ما حصل مع دلال المرأة التي جعلت من زوجها جلال (عبد المنعم عمايري) محامياً مشهوراً. ولأنها تعرفه جيداً وكشفت ألاعيبه، يولد بينهما علاقة متوترة تنتهي بشكل درامي. تؤلف دلال مفتاحاً لألغاز كثيرة. صحيح أن شخصيتها يلفها الغموض، ولكن الأمور ستتبلور مع توالي الحلقات».
دارينا الجندي التي عرفت بدعمها للمرأة، وبصفتها ناشطة تطالب وتعمل من أجل تأمين حقوقها الإنسانية، تقدم في العملين دورين يدعمان المرأة بشكل غير مباشر. وتعلق: «يهمني دائماً أن أقدم شخصيات تدور في هذا الإطار، فأنا أصلاً، لا أحب الأدوار المسطحة، بل أتوق دائماً إلى لعب شخصيات تحمل لي التحدي، ولو كانت ترتكز على الشر. فالتجارب والخبرات التي أتمتع بها منذ بداية مشواري في عام 1976، ولدت عندي تراكمات أستفيد منها في عملي كممثلة. وأهم ما يجب أن يتمتع به الممثل، هو أن يعيش الشخصية بلحظتها، فتحضر معه عندما يجسدها. الإحساس الذي يعترينا في هذه اللحظات، هو الذي يسهم في إبداعنا كممثلين. فإذا ما حاول الممثل التفكير بالكلمة أو العبارة التي سيقولها، يفقد من مصداقيته في التمثيل، لذلك عليه أن يلحق بهذه اللحظات حتى النهاية».
قريباً، تدخل الجندي استوديوهات التصوير للمشاركة في عمل أجنبي من إنتاج أميركي فرنسي. «إنه يتألف من جزأين، وألعب فيه دوراً أساسياً، لن أستطيع التحدث عنه حالياً، لشروط تفرضها علينا الشركة المنتجة». وهل أنت مع الأعمال التي تتألف من أكثر من موسم؟ ترد: «إن الأمر يتعلق بحبكة العمل منذ بدايته. فإذا صمم وكتب على أساس أكثر من موسم، فهذا يعني أنه يرتكز على تركيبة درامية صلبة، ومبنية بالشكل المطلوب. ولكن أن نفكر بتقديم جزء ثانٍ وثالث لعمل ما، إثر لمسنا نجاح الجزء الأول، فلا أجده أمراً سليماً».
وتتحدث الجندي عما ينقصنا في الدراما العربية بشكل عام، وتقول: «لا شك أنها في حالة تطور ملحوظ. وهناك منتجون لبنانيون يسهمون بذلك. وصادق الصباح واحد منهم، وأنا شخصياً أطلق عليه لقب (برنس)، فهو صاحب أداء رائع في الإنتاج، وفي كيفية تعاونه مع الممثلين وفريق العمل ككل. كما أنه يتمتع بشخصية محببة إلى القلب ويتعامل مع الجميع بأناقة ولياقة ملحوظتين، عدا أنه منتج محترف، وهو ما يجذبك أكثر للتعاون معه. كما أنه يضع جميع الإمكانيات اللازمة بتصرف فريق العمل، ما ينعكس إيجاباً على إنتاجاته».
وتكمل: «من ناحية أخرى، ما ينقصنا في الدراما اللبنانية هو التمتع بالثقافة الفنية اللازمة. فإن تكوني ممثلة، ولم تدرسي التمثيل ليس بمشكلة، شرط الاجتهاد في المقابل والقيام بورش عمل تدريبية. وكذلك على الممثل أن يمتلك قاعدة أدبية جيدة تشمل الشعر والاطلاع على الفنون كافة، وهو ما يولد مخزوناً فكرياً عنده، يمكنه الاستفادة منه للعب أي شخصية».
وترى الجندي أن متابعة أعمال عبر (نتفليكس) غير كافٍ، لأنها بمثابة فقاقيع هواء ليس أكثر. الأجدى الاطلاع على أعمال مسرحية أدبية وفنية راقية، وأخرى من شأنها أن تزود الممثل بثقافة فنية غنية. وفي رأيها أن الممثل عندما يصفق لنفسه، يقترف خطأ. «التواضع ومن ثَم التواضع، إضافة إلى الثقافة والحشرية لاكتساب المزيد من الخبرات. هناك شهرة مؤقتة تشبه (الفشار) إذ تختفي بسرعة، وكأن صاحبها دخل مجال التمثيل طمعاً به، أو حباً بجمع المال. هذا رأيي في الموضوع، وأتمنى على من لا يريد الاجتهاد، ألا يدخل هذا المضمار من البداية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».