وزير العدل المغربي يقود مفاوضات شاقة مع العثماني لإقناعه بالمشاركة في حكومة ابن كيران الثالثة

الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية تجتمع اليوم للحسم في أسماء وزراء الحزب الجدد

وزير العدل المغربي يقود مفاوضات شاقة مع العثماني لإقناعه بالمشاركة في حكومة ابن كيران الثالثة
TT

وزير العدل المغربي يقود مفاوضات شاقة مع العثماني لإقناعه بالمشاركة في حكومة ابن كيران الثالثة

وزير العدل المغربي يقود مفاوضات شاقة مع العثماني لإقناعه بالمشاركة في حكومة ابن كيران الثالثة

كشفت مصادر حزبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن سعد الدين العثماني، وزير خارجية المغرب السابق ورئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية (برلمان الحزب) متزعم التحالف الحكومي، أصبح قاب قوسين أو أدنى من شغل منصب الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني في النسخة الثالثة من حكومة عبد الإله ابن كيران، التي ينتظر تعيينها خلال الأيام القليلة المقبلة من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وذكرت المصادر ذاتها، أن إقناع العثماني بخلافة الحبيب شوباني، الوزير الذي أعفي من منصبه جراء تفجر قضية عشق حكومي جمعته بسمية بن خلدون، الوزيرة المنتدبة في البحث العلمي، جاء بعد سلسلة من المفاوضات الماراثونية، قادها مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، بتكليف من رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران.
ويبدو أن الرميد، تقول المصادر، نجح في دفع وزير الخارجية السابق إلى تولي حقيبة الوزارة المكلفة العلاقة مع البرلمان، التي يعول عليها خلال السنة المتبقية من عمر الحكومة في تلطيف الأجواء بين الحكومة والمعارضة داخل المؤسسة التشريعية، حيث يراهن عبد الإله ابن كيران على شخصية العثماني الهادئة والمتزنة لتهدئة الأوضاع، والتخفيف من التجاذبات والاتهامات المتبادلة التي تسببت أخيرا في تعليق جلسة مساءلة رئيس الحكومة إلى أجل غير مسمى بعد اتهام ابن كيران للمعارضة بـ«السفاهة».
وأضافت ذات المصادر أن قرار موافقة العثماني على دخول التشكيلة الجديدة للحكومة لن يكون نهائيا قبل حصوله على أغلبية أصوات الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، التي يتوقع أن تعقد اجتماعها اليوم (السبت) بالمقر المركزي للحزب بالرباط.
وفي ارتباط بذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن ابن كيران أعد بتنسيق مع الرميد مرشحا ثانيا يمكن أن يقود الوزارة المكلفة العلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، في حالة تعذر قبول العثماني، ويتعلق الأمر برشيد المدور، العضو السابق بالمحكمة الدستورية والنائب البرلماني السابق. وأعلنت المصادر أن المدور يمتلك كل المواصفات السياسية والمهنية لدخول غمار السباق إلى جانب العثماني، وخصوصا أن تجربة المدور كقاضٍ دستوري تخوله الإمكانيات اللازمة لضبط العلاقة بين الحكومة والبرلمان.
وفي ارتباط بذلك، أضحت حظوظ عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) ضئيلة في تحمل حقيبة وزارية، إذ كشفت المصادر ذاتها أن بوانو، الذي يتوفر منطقيا على أقوى الحظوظ، جرى استبعاده من طرف رئيس الحكومة، نظرا لاعتماد ابن كيران على بوانو في ضمان قوة الذراع النيابية للحزب في ظل غياب شخصية قوية يمكن أن تخلف بوانو على رأس الفريق النيابي.
وأكدت المصادر أن سماح رئيس الحكومة باستوزار كبير برلمانيي الحزب من شأنه أن يعرض أداء تحالف الغالبية داخل المؤسسة التشريعية إلى نوع من الارتباك، وخصوصا أن بوانو يعد بمثابة محرك لجنة تنسيق التحالف المكون من رؤساء الفرق النيابية لأحزاب العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.