شركة ناشئة لحلب خلايا البقر في مختبر لمنتجات الألبان الخالية من الحيوانات

TT

شركة ناشئة لحلب خلايا البقر في مختبر لمنتجات الألبان الخالية من الحيوانات

في مختبر في بوسطن، قضت إحدى الشركات الناشئة الجديدة الأشهر القليلة الماضية، بزراعة خلايا ثديية من بقرة، ونجحت مؤخراً في توفير الظروف المثالية لجعل هذه الخلايا تنتج حليباً بقرياً حقيقياً من دون حيوان.
يقول سهيل غوبتا، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة «براون فودز» الناشئة، التي تصنع منتجاً باسم (أنريل ميلك - UnReal Milk): «نقضي الكثير من الوقت لمحاولة فهم الكيفية التي تعمل بها البيولوجيا في الأبقار، ومن ثم نحاول محاكاة ذلك». وقد استكملت الشركة الناشئة، التي تعمل في الهند والولايات المتحدة، فترة عمل محددة في مسرع التكنولوجيا (واي كومبيناتور).
مبيعات الألبان البديلة مستمرة في النمو: وفقاً لأحدث البيانات المتاحة في سنة 2020 كانت مبيعات الشوفان والصويا واللوز وغيرها من منتجات الحليب البديلة تشكل 15 في المائة من إجمالي مبيعات الحليب في الولايات المتحدة، أي بزيادة بلغت 27 في المائة على مدى العامين السابقين. لكن شركة «براون فودز»، مثل غيرها من الشركات في المجال نفسه، أدركت أن الحليب النباتي لا يزال غير قادر على استنساخ الألبان التقليدية. «إنها ليست موجودة بعد من حيث المذاق والملمس»، كما يقول غوبتا. كما أنها غالباً ما تحتوي على بروتينات ومغذيات أقل. ويقول إن بدائل الحليب الجديدة الأخرى، بما في ذلك تلك التي تستخدم التخمير الدقيق لصنع بروتينات ألبان خالية من الحيوانات، لا يمكن أيضاً أن تتطابق تماماً مع الألبان، لأنها لا تزال تستخدم مكونات النبات للدهون والمكونات الأخرى.
هناك أسباب متعددة للابتعاد عن منتجات الألبان التقليدية، بما في ذلك حقيقة أن الأبقار التي تربى من أجل الحليب واللحوم مسؤولة عن حوالي 30 في المائة من انبعاثات غاز الميثان، وهو من غازات الاحتباس الحراري القوية. لكن غوبتا يعتقد أنه من المنطقي أن يظل المرء قريباً قدر الإمكان من العملية الطبيعية. ويقول إن الخلايا الثديية «تطورت طبيعياً على مر القرون لإنتاج الحليب في الثدييات. لذا، لدى هذه الخلايا البنية الوراثية الكاملة لإنتاج الدهون، والكربوهيدرات، والبروتينات».
يدرس مهندسو الكيمياء البيولوجية في الشركة كيفية سلوك الخلايا، وما تحتاج إليه من الناحية الغذائية للبقاء على قيد الحياة، وما الذي يحفز إدرار الحليب لديها. يقول غوبتا: «نحاول محاكاة الطبيعة، وفهم أي نوع من الإشارات الكيميائية التي تطلق في الثدييات لتحفيز الخلايا على الإدرار، وبدء إفراز الحليب والدخول في مرحلة الإنتاج». الآن، وقد أظهروا أنه يمكن نجاحه على نطاق صغير في المختبر، بدأوا بالتحضير للإنتاج التجاري في مفاعلات حيوية أكبر. وتعتقد الشركة أنها قادرة في نهاية المطاف على تحقيق تعادل الأسعار مع الحليب التقليدي. وطبقاً لحسابات أولية، فإنها قادرة على خفض انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي من الحليب بنسبة 90 في المائة (على النقيض من اللحوم التي تُزرع في المختبرات، التي تتطلب عملية مكثفة لاستهلاك الطاقة لزراعة الخلايا، فإن إنتاج الحليب يتطلب فقط إبقاء الخلايا على قيد الحياة، وتخلف أثراً أقل بكثير).
تخطط الشركة الناشئة لإنتاج الحليب وغيره من منتجات الألبان مثل الجبن والزبدة. ويمكن استخدام العملية نفسها لصنع أنواع أخرى من الحليب، من حليب الماعز إلى حليب الأم البشري. وتستخدم شركة «ويلك»، الشركة الناشئة من إسرائيل، «الزراعة الخلوية» أيضاً لإنتاج حليب البقر وحليب الأمهات (وشركة «بيوميلك»، ومقرها في الولايات المتحدة، تصنع حليب الأمهات المُصنع في المختبرات). وقد يتبع ذلك آخرون بمنتجات ألبان إضافية. وإذا نجحت المنتجات، بما في ذلك عقبة إقناع المستهلكين بشرب الحليب الناتج عن مفاعل حيوي، فمن الممكن البدء في استبدال مزارع الألبان التقليدية. يقول غوبتا: «أعتقد أن الوقت قد حان لتحسين أداء الحيوانات والكوكب على حد سواء. وأشعر أخيراً بأن النظام الغذائي يجب أن يصير، وسوف يصير، خالياً من الحيوانات».
* خدمة «تريبيون ميديا»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».