العراق يتجه شرقا.. معصوم في طهران والعبادي إلى موسكو قريبا

على وقع لقاءات واشنطن «الغامضة»

المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لدى استقباله أمس الرئيس العراقي فؤاد معصوم بحضور الرئيس الإيراني حسن روحاني (أ.ف.ب)
المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لدى استقباله أمس الرئيس العراقي فؤاد معصوم بحضور الرئيس الإيراني حسن روحاني (أ.ف.ب)
TT

العراق يتجه شرقا.. معصوم في طهران والعبادي إلى موسكو قريبا

المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لدى استقباله أمس الرئيس العراقي فؤاد معصوم بحضور الرئيس الإيراني حسن روحاني (أ.ف.ب)
المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لدى استقباله أمس الرئيس العراقي فؤاد معصوم بحضور الرئيس الإيراني حسن روحاني (أ.ف.ب)

لم ينته بعد زلزال مشروع قرار الكونغرس الأميركي الذي مررته لجنة القوات المسلحة العراقية، بشأن إمكانية تقسيم السلاح بصورة مباشرة على المكونات العرقية والمذهبية في العراق بدلا من الدولة الهشة. وفيما لا تزال الأوساط السياسية والأكاديمية العراقية تناقش تداعيات هذا القرار على مستقبل بلاد اكتشف مسؤولوها فجأة أن إمكانية تقسيمها بدءا من بيعها السلاح بالمفرد للطوائف والأعراق أصبحت أمرا ممكنا، فإن ارتدادات هذا المشروع بدأت تتسع طولا وعرضا، من مؤتمر للسنة في باريس في محاولة لتوحيد رؤاهم لأول مرة منذ عام 2003، ولقاءات بدت غامضة حتى الآن في واشنطن لكل من السياسيين السنيين رافع العيساوي (وزير المالية السابق) وأثيل النجيفي محافظ نينوى الحالي، وقبلها لقاءات ربما بدت أكثر غموضا للزعيم الكردي مسعود بارزاني الذي بدأ يعزف في عدد من دول أوروبا نغمة الاستقلال عقب زيارته لواشنطن.
رسميا لم يعد الصمت ممكنا، فالرئيس العراقي فؤاد معصوم، الذي ينتمي إلى التحالف الكردستاني الحليف مع حكومة بقي اسمها منذ 12 عاما يحمل اسم «حكومة الشراكة الوطنية»، ولى وجهه شطر إيران في مسعى منه لخلق توازن في علاقات دولة تحتاج إلى علاقات متوازنة مع جيرانها من أجل الحد مما يبدو أنها تصدعات وانهيارات هنا وهناك. وعلى خطى معصوم فإن رئيس الوزراء حيدر العبادي على وشك التوجه إلى موسكو لبحث - كما قال مسؤولو مكتبه - صفقات التسليح، حيث سبق للعراق أن أبرم قبل نحو سنتين صفقة سلاح ضخمة مع روسيا بلغت قيمتها أكثر من أربعة مليارات دولار فاحت رائحة فسادها حتى قبل توقيع عقدها بالحرف الأولى.
وفي إطار تفسير زيارة معصوم الحالية إلى إيران وزيارة العبادي الوشيكة إلى موسكو، يقول سياسي سني بارز لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، إن «كلا من طهران وموسكو الآن جزء من محور مختلف على تفاصيله بخصوص الحرب على الإرهاب لجهة تجزئة هذه الحرب، بخلاف محور آخر تقوده الولايات المتحدة الأميركية يرى أن الحرب على الإرهاب لا تتجزأ»، مضيفا أن «العراق وجد نفسه جزءا من هذين المحورين سواء لجهة ترحيبه بجهود واشنطن على صعيد محاربة (داعش) أو ترحيبه بإيران على الصعيد ذاته، في وقت تختلف فيه كل من طهران وواشنطن على قصة (داعش) لجهة الموقف من نظام بشار الأسد».
وردا على سؤال بشأن طبيعة الموقف العراقي الذي يحلو له أن يكون متوازنا بين الأطراف الثلاثة «واشنطن وطهران وموسكو»، يقول السياسي السني إن «علاقة العراق مع الولايات المتحدة باتت محكومة الآن بقناعات واشنطن لجهة علاقتها مع الطرفين السني والكردي التي بدأت تأخذ مسافة عن بغداد الشيعية إن صح التعبير، بينما تبدو علاقتها مع طهران وموسكو أكثر تماسكا لجهة أن كلا من العاصمتين لا تتعامل مع المكونات الأخرى إلا من خلال بغداد». وعما إذا كان هناك خلل في مثل هذا التوجه، يقول السياسي السني «من حيث الظاهر لا يوجد خلل ما دامت طهران وموسكو تتعاملان مع دولة أو حكومة واحدة مثلما يفترض، لكن المشكلة التي تبرز هنا هي أن علاقة العراق تبدو لهاتين الدولتين، لا سيما لإيران، علاقة تبعية خصوصا لجهة موقف إيران من النظام السوري، وهو ما يعكس موقفا روسيا بهذا الاتجاه»، مشيرا إلى أن «العراق الرسمي سواء بشخص رئيس الجمهورية فؤاد معصوم من خلال زيارة طهران أو بشخص رئيس الوزراء حيدر العبادي من خلال زيارة موسكو يحاول تمرير رسالة إلى واشنطن مفادها أنه لا يريد أن يكون جزءا من محور على حساب آخر، أو أنه قادر على تنويع مصادر تسليحه، وهو ما لا يرضي في النهاية الأكراد والسنة الذين باتوا اليوم الأقرب إلى واشنطن بعد أن ابتعدت عنهم بغداد».
وكان الرئيس معصوم ركز في مؤتمره الصحافي الذي عقده في طهران أمس مع نظيره الإيراني حسن روحاني على مسألتين بدتا هما الأكثر أهمية في المؤتمر، وهما دعوته دول المنطقة إلى عدم التخوف من الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، وكذلك إلى أهمية عدم ترك الأمر للإرهابيين في سوريا لكي يحكموها. معصوم أضاف «نؤيد الحوار والمفاوضات الدائرة بين إيران ودول مجموعة (5+1)، ونعتقد أن هذه المفاوضات عندما تنجح وتقر آنذاك هذه الاتفاقية فإنها لصالح دول المنطقة ومن يريد السلام لها، ولا داعي أن تخاف أي جهة من هذه الاتفاقية». وعن مباحثاته مع روحاني قال معصوم «كانت الأفكار السياسية متفقة، وفي بعضها متقاربة، لكن في النتيجة سنكون متفقين على كل ما من شأنه أن يحمي البلدين والمنطقة من التدخلات الخارجية».
معصوم ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك على صعيد العلاقة الثنائية مع إيران. فبالإضافة إلى ملف التصحر الذي يواجهه العراق فإنه أشار إلى أن مباحثاته مع روحاني «تناولت مد خط أنابيب للنفط والغاز بين البلدين وفتح طرق بينهما لتسهيل المهام التجارية والاقتصادية وللكثير من الزائرين»، مضيفا «سنرى قريبا البدء بمد سكة الحديد بين البلدين». وفي الشأن الإقليمي وتحديدا الأوضاع في سوريا قال الرئيس العراقي «لا يمكن أن يترك الأمر بأن يتحكم أو يحكم سوريا الإرهابيون، فالأولوية الآن هي لمحاربة الإرهاب في سوريا كما نحن نحاربه في العراق».
من جانبه، أكد الرئيس الإيراني على أهمية أمن العراق بالنسبة لبلاده، قائلا إن «استقرار العراق واستتباب أمنه يحظى بأهمية بالغة بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية»، مشيرا إلى أن «الدول التي تصدر الإرهاب ترتكب خطأ كبيرا وعليها التصدي له من أجل أمن المنطقة». وبالنسبة لروحاني فإن الأمور بالنسبة لإيران لا تقتصر على المسائل الثنائية، فقد ذهب هو الآخر إلى ما هو أبعد من ذلك قائلا إن «إيران مع وحدة العراق، والذين يقومون من وراء المحيطات بإعداد الخطط لمستقبله هم مجرد أضغاث أحلام»، مخاطبا إياهم بالقول إن «الشعب العراقي بالذات هو الذي يخطط مستقبله، ولن نسمح للدول الأخرى بأن تبث التفرقة وتخلق شرخا بين أبناء الشعب العراقي وتعمل على تقسيم البلد».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.