حقق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انتصارًا كبيرًا في الانتخابات التشريعية التي عرفتها البلاد أول من أمس، وكان وقعها كالزلزال، إذ إنها ستمكن الزعيم المحافظ من الحكم من دون الحاجة لأحزاب أخرى في وقت تسببت فيه على الفور في الإطاحة بزعماء ثلاثة أحزاب. وكان من النتائج البارزة لهذه الانتخابات أيضا اكتساح القوميين الاسكوتلنديين المطالبين بالاستقلال للمقاعد المخصصة لإقليمهم في مجلس العموم البريطاني.
وبعد ظهور النتائج أمس، توجه كاميرون إلى قصر بكنغهام، حيث استقبلته الملكة إليزابيث الثانية وطلبت منه تشكيل الحكومة المقبلة. وبعدها عاد الزعيم المحافظ إلى مقر رئاسة الوزراء (10 داونينغ ستريت) مبتسما وممسكا بذراع زوجته سامنثا في أول يوم من ولايته الثانية. وقال بعد خمسة أعوام من انتخابات 2010 عندما كان المحافظون بحاجة إلى الليبراليين الديمقراطيين ليشكلوا حكومة: «أريد الآن تشكيل حكومة من الغالبية المحافظة».
وحتى قبل الانتهاء من فرز بطاقات الاقتراع، أعلن كاميرون (48 عاما)، أنه سيعمل من أجل «مستقبل أفضل للجميع» مستخفًا باستطلاعات الرأي التي كانت تتوقع هزيمته وتحقيق حزبه نتائج متقاربة مع حزب العمال.
وأظهرت النتائج النهائية، أن حزب المحافظين حاز 331 مقعدا، أي الأكثرية المطلقة من أصل 650 مقعدا مقابل 232 لحزب العمال و56 للحزب القومي الاسكوتلندي وثمانية مقاعد للحزب الليبرالي الديمقراطيين ومقعد واحد لحزب استقلال المملكة المتحدة (يوكيب).
وسارع كاميرون إلى إعادة تعيين جورج أوزبورن في منصب وزير الخزانة وتيريزا ماي لوزارة الداخلية وفيليب هاموند للخارجية في حكومته الجديدة. كما عين ميشال فالون في منصب وزير الدفاع. وكان كاميرون قد بدأ تغريداته على «تويتر» بالقول: «سأعلن عن بعض المناصب الحكومية خلال الساعتين المقبلتين». ومنذ ظهور أولى اتجاهات التصويت، توقع المحللون «مجزرة انتخابية».
وكان زعيم حزب الاستقلال «يوكيب» الشعبوي المناهض لأوروبا نايجل فاراج أول المستقيلين بسبب خسارته في دائرة ساوث ثانت منفذا إعلانه بأنه «سيستقيل» في حال الخسارة. وألقى فاراج باللائمة في هزيمته على ناخبي حزب استقلال الذين تحولوا، حسبه، إلى المحافظين بسب خوفهم من إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية بين حزب العمال والحزب الوطني الاسكوتلندي، والذي وصفته الصحف اليمينية الشعبية بأنه سيناريو «كابوسي». وخسر فاراج مقعده البرلماني لصالح مرشح حزب المحافظين كريغ كريغ ماكينلي، نائب سابق لزعيم حزب استقلال المملكة المتحدة، في دائرة سوث ثانيت.
وبعده بقليل، أعلن زعيم الليبراليين الديمقراطيين نك كليغ (48 عاما) استقالته بعد ليلة «مدمرة»، حسب قوله. وقد خسر الحزب شريك المحافظين في الحكومة المنتهية ولايتها معظم مقاعده الـ56 ولم يحتفظ سوى بثمانية. وقال كليغ الذي احتفظ بمقعده في شيفيلد: «لطالما توقعت أن تكون هذه الانتخابات صعبة للغاية. النتائج كانت أكثر اكتساحا من توقعاتي». وأضاف: «هذه أقسى ضربة منذ تأسيس الحزب في 1988». وبعد إعلان فاراج وكليغ تنحيهما، تبعهما زعيم العماليين إد ميليباند (45 عاما) الذي أعلن تحمله «المسؤولية الكاملة عن الهزيمة»، متحدثا عن «ليلة مخيبة للآمال» بالنسبة لحزبه.
وكانت استطلاعات الخروج من مراكز التصويت توقعت مثل هذه النتيجة وأثارت رد فعل حذرا الليلة قبل الماضية بسبب اختلافها الشديد عن التوقعات السابقة التي أشارت إلى نتيجة متقاربة.
من جهة أخرى، أعلن كاميرون منذ فجر أمس، أنه سيفي بوعده وسينظم استفتاء قبل نهاية 2017 بشأن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يثير قلق شركائه الأوروبيين نظرا لاحتمال أن يصبح ذلك حقيقة. وانعكس خبر فوز المحافظين على العماليين بارتفاع سعر صرف العملة البريطانية إزاء الدولار واليورو أمس في الأسواق الآسيوية.
وأحرز القوميون الاسكوتلنديون انتصارا يرمز إلى نهاية حزب العمال في مقاطعتهم مع فوز مرشحتهم ميري بلاك، الطالبة البالغة من العمر 20 عاما التي تمكنت من إزاحة أحد أبرز أوجه حزب العمال دوغلاس ألكسندر. وأصبحت بلاك أصغر نائب يدخل قصر وستمنستر منذ نحو ثلاثة قرون ونصف القرن، منذ عام 1667 تحديدا. وطيلة يوم الاقتراع، لم يخف ناشطو الحزب القومي في غلاسكو رغبتهم في «الانتقام»، فهم يتطلعون لتنظيم استفتاء جديد من أجل الاستقلال. وعلق كاميرون على اجتياح القوميين لمقاعد اسكوتلندا بأن هدفه هو أن «يحكم البلاد من أجل الجميع» في بريطانيا. كما أشار إلى منح سلطات إضافية إلى المناطق إذا «عهد إليه تشكيل حكومة في الأيام المقبلة».
زلزال انتخابي يبقي كاميرون رئيسًا للوزراء في بريطانيا.. من دون قيود
المحافظون حازوا الغالبية المطلقة مخالفين الاستطلاعات.. والقوميون الاسكوتلنديون أكبر الفائزين
زلزال انتخابي يبقي كاميرون رئيسًا للوزراء في بريطانيا.. من دون قيود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة