كارثة إنسانية تهدد النازحين في إدلب بعد توقف دعم الأدوية والمشافي

قوات النظام تضرب طوقاً أمنياً في محيط منطقة السخنة شرق حمص

سيارات إسعاف أمام مديرية الصحة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
سيارات إسعاف أمام مديرية الصحة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

كارثة إنسانية تهدد النازحين في إدلب بعد توقف دعم الأدوية والمشافي

سيارات إسعاف أمام مديرية الصحة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
سيارات إسعاف أمام مديرية الصحة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

حذرت الكوادر الطبية والجهات المسؤولة وناشطون في شمال غربي سوريا، من كارثة محتملة تهدد حياة أكثر من مليوني ونصف المليون مدني معظمهم من النازحين، بعد توقف دعم الأدوية وعدد من المشافي (العامة)، من قبل الجهات الداعمة الدولية في ظل ارتفاع نسبة الفقر والإصابة بفيروس «كورونا»، والعجز في تغطية تكاليف العلاج والحصول على الأدوية في المشافي الخاصة.
ولجأ أبو حسن (39 عاماً)، نازح من ريف حلب الجنوبي في مخيم الأمل بالقرب من مدينة حارم شمال إدلب، إلى بيع دراجته النارية قبل أيام، لتأمين ثمن وتكاليف إجراء الفحوصات الطبية لطفلته، وعد، ذات الـخمس سنوات، ومعالجتها في المشافي الخاصة، من الإصابة بالتهاب القصبات الهوائية والرئتين، بعد أن فقد الأمل في الحصول على العلاج المجاني في المشافي العامة، بسبب توقف الدعم الطبي والأدوية عنها.
وقال، إن «كنا نحصل على العلاج المجاني بدءاً من الكشف الطبي والفحوصات والتحاليل وصولاً إلى الأدوية، بالمجان، في المشافي العامة، ولكن منذ أكثر من 6 أشهر، توقفت عدد من العيادات والمشافي عن عملها المجاني، ما فاقم ذلك من معاناتنا، ومع تدهور صحة ابنتي مؤخراً، لجأت إلى بيع آخر شيء أملكه، وهو (الدراجة النارية)، التي تؤمن مصدر رزقي الوحيد في جمع الأشياء المستعملة والخردة وبيعها، لعلاج ابنتي، ونخشى مستقبلاً من التعرض لذات الحالة ولا يتوفر لدينا حينها المال الكافي للعلاج، في الوقت الذي لا نملك فيه أي عمل قادر على تغطية المصاريف الحياتية ومنها الصحية».
وقال مسؤول في مديرية صحة إدلب، إنه «مع قرار (منظمة الصحة العالمية) قبل نحو عام، بتخفيض الدعم المقدم للمشافي والذي تراوحت نسبتها بين 10 و70 في المائة من قبل المنظمات الدولية المانحة عن عدد من الأقسام والمراكز الطبية والمشافي وتوقف دعم قطاع الأدوية، فاقم ذلك من معاناة المواطنين في شمال غربي سوريا، وتحديداً النازحين منهم».
ويضيف، أنه «وفق الإحصائيات الأخيرة في مناطق شمال غربي سوريا، وصل عدد المتضررين من توقف الدعم الطبي من قبل المنظمات الدولية، إلى مليون ونصف المليون مدني، وذلك بعد توقف الدعم الطبي والمالي عن 18 مشفى ومركزاً طبياً يقدم فيها العلاج للأطفال والنساء وأصحاب الأمراض المزمنة، الأمر الذي أسهم في سقف معاناتهم وبدأ البعض يلجأ إلى بيع ما يملكه من (ماشية ودراجات نارية وسلال إغاثية) لتأمين العلاج وثمن الأدوية التي ترتفع أسعارها مع ارتفاع أسعار الدولار الأميركي في المنطقة، وبات يشكل توقف الدعم الطبي حالة قلق كبيرة في أوساط المواطنين، وخصوصاً النازحين الفقراء، الذين لا يملكون ثمن العلاج في المشافي الخاصة».
وأوضح، أنه «أدى توقف الدعم الطبي والمالي عن المشافي في إدلب، إلى تراجع خدماتها الطبية إلى ما دون 30 في المائة، نظراً لتراجع كميات المواد التشغيلية الطبية (المعقمات والخيوط الجراحية والشفرات والشاش وأدوية تخدير وأدوية مخبرية)، من أبرز تلك المشافي هو مشفى (الرحمة) في منطقة دركوش ومشفى (إنقاذ روح) في منطقة سلقين، ومشفى الداخلية التخصصي في إدلب ومشفى (الوحدة الجراحية) في أريحا ومشفى النسائية والأطفال في منطقة أريحا، ومشفى حريتان في منطقة دير حسان، وكانت معظم هذه المشافي تقدم العلاج المجاني إلى نحو 7000 مريض شهرياً، معظمهم من النازحين». وكانت 22 منظمة إنسانية وطبية محلية ودولية أصدرت نهاية العام بياناً، أكدت فيه انهياراً وشيكاً للقطاع الصحي في مناطق تسيطر عليها المعارضة، شمال غربي سوريا (محافظة إدلب وأجزاء من محافظات اللاذقية وحماة وحلب)، ويعيش فيها نحو 4703846 نسمة بينهم 1674918 نازحاً ومهجراً قسرياً من مناطق مختلفة في سوريا، بعد توقف دعم نحو 18 مشفى ومركزاً صحياً، تقدم فيها العلاج المجاني للمرضى الفقراء والنازحين.
وفي سياق منفصل، ضربت قوات النظام بمشاركة الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد طوقاً عسكرياً مدججاً بآليات عسكرية ومئات العناصر، حول منطقة السخنة ومناطق أخرى شرق حمص، لحمايتها من هجمات محتملة من قبل (تنظيم داعش)، في وقت نقلت فيه ميليشيا (الحرس الثوري الإيراني) عدداً من الطائرات المسيرة من مستودعاتها في منطقة تدمر إلى مناطق دير الزور شمال شرقي سوريا، وإجراء تدريبات عسكرية جوية.
وقال مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط»، إنه «طوقت قوات النظام والفرقة الرابعة بعشرات الآليات العسكرية والعناصر مدينة السخنة ومحيطها ومناطق أخرى في بادية حمص شرقاً، بعد وصول تعزيزات عسكرية كبيرة خلال الأيام الأخيرة الماضية، وجرى نشر عدد من العناصر على نقاط (حراسة) عسكرية، بمحيط المدينة لحمايتها من هجمات محتملة لتنظيم (داعش)، واستهداف القوافل المدنية والعسكرية في المنطقة ومقتل نحو 58 عنصراً من قوات النظام بينهم 7 ضباط منذ مطلع العام الحالي 2022 وحتى الآن».
وأضاف، أن «عملية الطوق الأمني والعسكري حول منطقة السخنة أتى عقب انسحاب ميليشيا لواء (فاطميون) الأفغاني، المدعوم من إيران، باتجاه مناطق داخل الحدود العراقية قبل أيام، وفشله في كبح الهجمات التي تنفذها مجموعات تابعة لتنظيم (داعش) في المنطقة، والتي ارتفعت وتيرتها خلال الفترة الأخيرة الماضية».
من جهته قال موقع «شبكة عين الفرات» المتخصص بنقل أخبار البادية السوري ومناطق شمال شرقي سوريا، إنه «استقدمت الميليشيات الإيرانية في مناطق شمال غربي منطقة دير الزور، خلال الأيام الأخيرة الماضية، 10 طائرات مسيرة (إيرانية الصنع)، من مستودعات مدينة تدمر وسط البادية السورية شرق حمص، وباشرت تجهيزات التدريب أول من أمس الجمعة، وانطلقت عمليات التدريب الجوي والعسكري، صباح السبت بشكل فعلي».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.