حملة ابتزاز حوثية جديدة تستهدف مُلاك معارض بيع السيارات

TT

حملة ابتزاز حوثية جديدة تستهدف مُلاك معارض بيع السيارات

بدأت الميليشيات الحوثية منذ أيام تنفيذ حملات استهداف جديدة لابتزاز ملاك معارض تجارة وبيع السيارات في عدد من مديريات العاصمة المحتلة صنعاء بغية إجبارهم تحت قوة الترهيب والسلاح على دفع جبايات مالية غير قانونية.
وفي هذا السياق، تحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن دوريات حوثية على متنها مسلحون نفذوا خلال الأيام القليلة المنصرمة حملات مداهمة طالت العشرات من معارض بيع السيارات في شوارع واقعة بنطاق مديريات السبعين والتحرير والوحدة ومعين بذات العاصمة.
وكشفت المصادر عن أن الحملة أسفرت خلال أيامها الأولى عن إغلاق نحو 14 معرضاً لتجارة السيارات واعتقال البعض من ملاكها والعاملين فيها، تحت مبرر مخالفتهم للتعليمات الحوثية. وأوضحت أن من بين تلك المعارض التي طالها الإغلاق ثمانية معارض تقع بنطاق مديرية السبعين وسط العاصمة.
واعتبرت المصادر أن الهدف الحقيقي من وراء عودة الجماعة لاستهداف مُلاك معارض السيارات هو ابتزازهم وإجبارهم على دفع مبالغ مالية تُفرض بصورة متكررة عليهم تحت مسميات مختلفة.
ومع تنامي حالة السخط في أوساط اليمنيين جراء تصاعد تلك الممارسات التعسفية، اتهم العشرات من ملاك معارض بيع السيارات في صنعاء الانقلابيين بمواصلة استهدافهم تارة بفرض جبايات مالية وأخرى بمبرر إصلاح أوضاع وتجديد تصاريح وغيرها.
وشكا البعض منهم لـ«الشرق الأوسط»، من عودة استهداف الجماعة لهم من خلال حملات الابتزاز وفرض دفع مبالغ جبائية غير مبررة. وقالوا: «إن الانقلابيين لم يوفروا أي وسيلة لجباية الأموال إلا وفرضوها سواء بالترهيب أو بالترغيب مستخدمين بذلك شتى الأساليب القمعية».
ووصفوا حملة التعسف الحالية بأنها «تأتي استكمالاً لسلسلة من حملات الاستهدافات طالتهم في أوقات سابقة بهدف جني الأموال بطرق غير مشروعة دعماً للجبهات».
ويقول مالك معرض في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإجراءات الابتزازية المتبعة حالياً من قبل الميليشيات تأتي في وقت لا تزال فيه سوق السيارات في العاصمة ومدن أخرى يعاني من ركود غير مسبوق، اتسع أكثر عقب افتعال الانقلابيين منذ أشهر لأوسع أزمة وقود أصابت الحياة العامة بشلل تام».
وأضاف التاجر، الذي طال الإغلاق الحوثي الأخير معرضاً له في صنعاء: «الميليشيات لم تكتف بما لحق بنا كمستثمرين بهذا القطاع من تدهور مع تراجع كبير في القدرة الشرائية لدى الناس نتيجة سوء أوضاعهم المعيشية التي خلفها الانقلاب والحرب المشتعلة منذ سنوات».
ولفت إلى أن مواصلة تضييق الجماعة الخناق على من تبقى من العاملين بهذا القطاع نتج عنه وفق تقديرات غير رسمية إغلاق نحو 70 في المائة من وكالات ومعارض تجارة السيارات بصنعاء ومدن أخرى لأبوابها وتسريح المئات من العاملين فيها.
وعمدت الميليشيات الحوثية، طيلة السنوات الماضية، إلى شن حملات ابتزاز وتنكيل بحق ممتهني تجارة بيع وشراء السيارات بعدة مدن واقعة تحت سيطرتها.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».