«عروس بيروت 3» يتوج «الست ليلى الضاهر» حديث الناس

يتصدر «شاهد» بأعلى نسب مشاهدة

تقلا شمعون في دور {الست ليلى}
تقلا شمعون في دور {الست ليلى}
TT

«عروس بيروت 3» يتوج «الست ليلى الضاهر» حديث الناس

تقلا شمعون في دور {الست ليلى}
تقلا شمعون في دور {الست ليلى}

يتصدر مسلسل «عروس بيروت» في جزئه الثالث أعلى نسب مشاهدة على منصة «شاهد» الإلكترونية. فهذا العمل الدرامي الذي يتابعه المشاهد العربي منذ عام 2019، لا يزال يحقق نجاحاً منقطع النظير. فعائلة «آل الضاهر» التي تشكل المحور الأساسي في قصته، جذبت المشاهد بحيث صار يشعر أنه فرد منها.
ولعل عملية «الكاستينغ» لهذه الدراما المنقولة عن عمل أجنبي، أسهمت في ترك أثرها الكبير على متابعها. وكما ظافر العابدين وجو طراد ومرام علي وفارس ياغي ومحمد الأحمد، كذلك تألق فيه العنصران الأنثويان كارمن بصيبص وتقلا شمعون على مدى أجزائه الثلاثة، ومؤخراً مع كارمن لبس. أمضى المشاهد معهم أحلى السهرات الدافئة وعاش مشاكلهم وحمل همومهم، ورحّب بهم ضيوفاً أعزاء على شاشته الصغيرة.
وفي الجزء الثالث منه يحمل «عروس بيروت» أحداثاً مشوقة كما في جزئيه السابقين. إلا أن ما يغلفه من مشاعر الحب والرابط العائلي يشكل الفرق. فمع هذين العنصرين يدرك المشاهد أن عائلة «آل الضاهر» استطاعت أن تواجه وتتجاوز جميع مشكلاتها. كما يدفعه لإجراء وقفة مع الذات، فيعيد حساباته، ويتحضّر لما تحمله له الأيام بعد منتصف العمر، تماماً كبطلته ليلى الضاهر التي تواجه في هذا الجزء الأخير ما لم تتوقعه. مطبقة بذلك القول المأثور «أول 50 سنة من عمرنا لا تشبه الخمسين المتبقية منه».

تقلا شمعون

وفي انتظار الحلقات الـ15 النهائية من هذه الدراما، والمتوقع أن تشهد المزيد من التشويق، لا بد أن نتوقف عند «الست ليلى الضاهر» التي تجسد شخصيتها تقلا شمعون. فالمشاهد الذي بات على علم بمهاراتها التمثيلية من خلال أدوار سبق وقدمتها وترسخت في ذاكرته، رأى أنها في «عروس بيروت3» تتفوق على نفسها إلى حد يبهر مشاهدها. وتبلغ ذروة أدائها ابتداءً من الحلقات الثلاثينية عندما تعلم بإصابتها بمرض فقدان الذاكرة «ألزهايمر». فيدرك المشاهد أن عدو «الست ليلى» هذه المرة هو القدر نفسه. فقد قرر أن يحاربها بعد أن ربحت جميع معاركها مع البشر. تنهار المرأة الحديدية عندما تعلم بمرضها، ويحزن المشاهد لمصيرها. وتقدم تقلا شمعون في هذا الإطار مشاهد مؤثرة تخطف الأنفاس، خصوصاً عندما تحبس نفسها في غرفتها. فهي راحت تدون على دفترها أسماء أولادها مع صورهم، كي لا تنساهم في المراحل المتقدمة من مرضها. فساقت المشاهد إلى ملعبها بسلاسة الممثل المحترف. وبمجرد إدراكه أن عقل المرأة الحديدية اهتز، وأن ذاكرتها على المحك بين ليلة وضحاها يصاب بالصدمة. وتعلق تقلا شمعون لـ«الشرق الأوسط»، «هذه الدموع التي رأيتموها في هذا المشهد صدرت بالفعل عني. فكانت حقيقية وليست مجرد تمثيل؛ إذ تفاعلت مع مشاعر ليلى الضاهر، وأفرطت في البكاء عندما بدأت تتخيل المصير الذي ينتظرها. فهي أدركت أن أولادها الذين يشكلون محور حياتها، قد يصل اليوم الذي لا تعود تتعرف به إليهم».
ولعل تقنية الكريشاندو التي اتبعتها شمعون في إيصال شخصية «الست ليلى» إلى المشاهد، تقف وراء نجاحها في هذا الدور، إضافة إلى ذوبانها بخطوط هذه الشخصية. فهي استطاعت أن تجذ المشاهد نحوها في مرها وحلوها، فصدّقها وبرر قساوتها وساندها، وعندما علم بمرضها عانى معها، كما عتب على كاتب المسلسل لأنه كسر عنفوانها. وتقول تقلا شمعون «عندما عرفت بمرض ليلى وحاولت تقمص حالتها المرضية، رسمت رد فعلها على ضوء شخصيتها. رحت أفكر بهذه الإنسانة التي ستخسر قوتها الذهنية الأساسية في حياتها. فهي امرأة قررت أن يكون عقلها من يتحكم بها، حتى أنها تبوح لحبيبها عادل عن صدمتها، وبعبارة مؤثرة تسأله لماذا عقلها أيضا قرر أن يخونها ويعمل ضدها؟ فكأن عقلها أصبح عدوها، ويحاول تحطيمها أمام مجتمع كانت قدوة بالنسبة له».
حتى عندما تتحدث تقلا شمعون عن دورها هذا يلمس مستمعها مدى ارتباطها به وذوبانها بطبيعته. كيف لا وقد استوحته من شخصية والدها كاهن الرعية والعسكري في آن. فهي تعترف أنها اختارت مرجعية عزيزة على قلبها لبناء هذا الدور، وركنت إلى تصرفات طبعته. كما أنها استصعبت هذا الموقف على ليلى الضاهر نظرا لتاريخها الرائد في المجتمع.
أخرجت تقلا شمعون شخصية ليلى إلى الضوء هذه المرة بعد أن قولبتها بحرفيتها المعهودة وعجنتها بمخزونها التمثيلي ونفخت فيها روحها. صار المشاهد ينتظر إطلالة الـ«ست ليلى» تماماً كما يترقب متابعة ميريل ستريب وغلين غلوز وسوزان سيراندن في الأفلام الهوليودية.
أعجب المشاهد منذ البداية بالـ«ست ليلى» بقسوتها كما بحنانها، وبصرامتها كما في تفهمها للآخر، وكذلك في استقامتها اللامتناهية. عشق فيها روح الأمومة الذي أجادته رغم عدم رزقها بأولاد في حياتها الحقيقية. وفي «عروس بيروت3» يكتشف فيها المشاهد طبيعة المرأة العاشقة. فترتبط بعد طول انتظار برجل حياتها (عادل)، الذي يجسده رفيق علي أحمد. يراها تفلت من قفص التقاليد لتحلق حرة في فضاء الحب مع أنها تجاوزت منتصف عمرها. وهو ما أحدث لدى النساء في هذا العمر مساحة حلم؛ إذ سعت شمعون للتأكيد من خلال أدائها المحترف والأنيق، بأن لا أفق مسدود أو حدود تقف أمام القلب.
أحدثت تقلا شمعون حالة اجتماعية في لبنان، وشكلت موضوعاً تتداوله النساء في قعداتها الضيقة، وفي اتصالاتها الهاتفية بعيداً عن الأحوال المتردية في البلاد. حتى أن عبارة «شو ست ليلى؟» باتت ترافق أي موقف نسيان تتعرض له إحداهن. فشكلت «ترانداً» رائجاً بين الأم وابنتها والأخت وشقيقتها والجارة وزميلتها. فالثناء على أدائها والأثر الكبير الذي تتركه على مشاهدها، هي ردود فعل باتت تلون مؤخرا أحاديث الناس.
وصل اليوم مسلسل «عروس بيروت3» إلى خواتمه مع تجاوزه الحلقات الثلاثين؛ إذ إن هذا الجزء يتألف من نحو 50 حلقة. وقريباً سيفتقد المشاهد إطلالة «الست ليلى الضاهر» عن المسلسل، بسبب انتهاء دورها إثر وفاتها كما تتطلب أحداث القصة. فيودع تقلا شمعون بعد أن كانت تشكل المحور الأساسي للعمل و«عروس بيروت» الأصيلة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».