ميرفا القاضي: ليس هناك صداقات في الوسط الفني وأنا ناقدة قاسية لنفسي

تستعد لإطلاق أغنية «ميسترال غانيان» بالفرنسية

ميرفا القاضي
ميرفا القاضي
TT

ميرفا القاضي: ليس هناك صداقات في الوسط الفني وأنا ناقدة قاسية لنفسي

ميرفا القاضي
ميرفا القاضي

قالت الممثلة اللبنانية ميرفا القاضي إنها صارت تتمتع اليوم بخطوات ثابتة في عالم الفن، تختلف تماما عن تلك التي سبق وأقدمت عليها في بداياتها. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «في الماضي كنت ما زلت في العشرين من عمري عملت وحدي دون وجود أي فريق عمل أو مستشارين فنيين يساعدونني في هذا المجال. ولذلك أعتبر أن ما قدّمته لم يكن يشبهني في مجال الغناء. اليوم صرت أكثر نضوجا وأعرف تماما ما أريده، كما أنني صرت أعير هويتي الفنية الاهتمام الأكبر، وبهذه الطريقة لا بد أن يلمس الناس موهبتي الحقيقية».
وميرفا التي تشارك اليوم في مسلسل «علاقات خاصة» وتلعب فيه دور فنانة مشهورة (ياسمين)، استطاعت بالفعل جذب المشاهد بأدائها التمثيلي الطبيعي الذي نقلها بسرعة إلى مصاف الممثلات الناجحات. وتعلّق عن هذا لموضوع بالقول: «لا شك أن صعودي درجات السلّم بتمهل أوصلني إلى هذه المرتبة، فأنا لم استخدم المصعد للوصول إلى ما أنا عليه. فالأمر استغرق وقتا وعندما شاركت في مسلسل (أولاد البلد) في دور (فريال) لم يكن يحمل في خطوطه التعقيدات أو الأحداث التي يحملها دوري الحالي». وأضافت: «في (علاقات خاصة) هناك حالات مختلفة تلوّن الشخصية وتتطلّب تقنية مغايرة وتعبا أكبر، وأنا سعيدة بالأصداء التي حصدتها حتى الآن». ووصفت ميرفا نفسها بالناقدة القاسية لأعمالها. وقالت: «عندما يصبح الممثل أو أي شخص آخر يعدّ نفسه معصوما عن الخطأ فهو دون شك يكون قد اقترب من الفشل. جميعنا لدينا أخطاؤنا وأنا من ناحيتي أراقب نفسي جيدا وأحيانا أكون أكثر ملكية من الملك نفسه، وأشعر دائما بأنه عليّ تقديم الأفضل في أدائي».
وعما إذا هي تحتسب نفسها اقتنصت فرصة لا تفوّت من خلال مشاركتها في هذا المسلسل، أجابت: «الأهم أنني لم أفرض نفسي، فأن يتم اختياري من قبل شركة الإنتاج لهو أمر يصبّ في مصلحتي بالطبع. فلطالما تلقيت العروض والفرص إلا أنني لم أكن أشعر بأنها تناسبني، فانتظرت حتى يأتيني العمل الكامل الذي لا تشوبه خطوة ناقصة، وهكذا كان، فكل شيء يتم في وقته وبعد دراسته بدقة».
ورأت ميرفا القاضي التي اشتهرت في إعلان تلفزيوني تغني فيه «ديجونكتوري طقّ»، أن عالم التمثيل التلفزيوني يختلف تماما عن ذلك الموجود في عالم السينما، ولذلك فهو يتحمّل دخول مواهب فنية جديدة إليه تولّد التنوع كما أنه يعطي الفرص المناسبة.
ورفضت ميرفا ما يردده البعض عنها بحيث يعتبرونها امرأة جميلة في استطاعتها أن تحقق النجاحات بفضل شكلها الحلو، وقالت: «ماذا يعني أن يقولوا (بالنهاية البنت حلوة) فما دخل التمثيل بالجمال الخارجي؟ لا، أبدا ليس هذا هو لبّ الموضوع، فصحيح أن (البنت حلوة)، ولكنها أيضا ذكية وصاحبة موهبة، فأنا لم أصل إلى هنا بالصدفة ولمجرّد أنني فتاة جميلة».
ولكن مما تخاف ميرفا القاضي؟ تردّ: «الخوف حالة لا تفارقنا عندما نفكّر بأهلنا وعائلتنا، فنحن نرغب دائما في أن يبقوا إلى جانبنا طوال العمر، فالخوف الأكبر الذي ينتابني يخص أفراد عائلتي وسلامتهم». وتتابع: «إلا أن الخوف النابع من مسؤولياتك تجاه عملك لهو أمر آخر ويجب التحلّي به لتحقيق ما يليق بك. ولكن على المستوى العام، أنا لا أخاف من أي شيء، ففي النهاية هذه الدنيا (مش حرزانة) أن تخافي فيها إلا على أحبائك».
وعما إذا لديها تقاليد وعادات قبيل دخولها استوديو التصوير، أجابت: «لا أحب أن أحفظ دوري في البيت، وأحيانا أقوم بذلك وأنا أصففّ شعري، لكني في المجمل أفضل أن أقوم بالأمر في مكان العمل أي في استوديوهات التصوير. وأثناء ذلك أفضل أن يكون الجو العام ملائما لهدفي هذا، إذ يستفزني حفظ النص وأجواء من الضحك واللهو تحيط بي، وقد حصل معي ذلك أكثر من مرة وكنت جدّية في طلبي بأن يسود الهدوء الأجواء حتى أستطيع التركيز والحفظ».
وعما إذا لديها من صداقات في مجال التمثيل، أجابت: «ليس هناك من صداقات في هذا المجال، فأنا على مسافة واحدة من الجميع، يعني قريبة وبعيدة في الوقت نفسه، ولا أحبّذ أن تتجاوز هذه العلاقات حدودها المهنية». وعن سبب اتباعها هذا الأسلوب في علاقاتها مع زملائها، تقول: «لا يجب أن أشرّع أبوابي وأسمح لأي كان أن يخترق عالمي الخاص، فالمنافسة شرسة في هذا المجال والناس تنتظر أن تقدمي على هفوة صغيرة كي يجرّحون بك، فمن هذا المنطلق أحتفظ بحدودي مع الجميع».
وعن كيفية تقييمها للجو الفني عامة، ترد: «أحيانا أقول لأمي لماذا دخلت هذا المجال؟ ألم يكن من الأجدر بي أن أكون طبيبة نفسية مثلا؟ ولكني تخصصت ودرست المرئي والمسموع وأحب هذه المهنة، ليس بدافع الشهرة أبدا بل بدافع الشغف الذي يتملكني تجاهها».
وتؤكّد الفنانة اللبنانية أن لا طموحات معيّنة تلامسها فهي إنسانة واقعية بامتياز وتضيف: «لا أحب أن أطمح بل أترك للأيام أن تهديني ما تريد، فأنا من الأشخاص الذين يعيشون كل يوم بيومه، كما أن الطموح هو شيء يسكننا في أعماقنا وفكرنا ونقوم به لاشعوريا، فمثلا لا أفكّر بالدور الذي يجب أن أقدمه بعد (علاقات خاصة)، بل بفحوى النص الذي ستحمله شخصيتي التمثيلية الجديدة، وما يمكنها أن تترك من أثر لدى المشاهد حتى لو لم يكن هذا الدور بطوليا كما في المسلسل الحالي».
وعن الأشخاص الذين تركن إليهم حاليا وتستشيرهم في أعمالها، تقول: «هم مقرّبون منّي لديهم مستوى ثقافي فنّي لا يستهان به، فأحبّ أن أقف على آرائهم ولكن في النهاية القرار الأخير وكلمة الفصل يعودان لي لأنني أعرف تماما ماذا أريد».
وعن رأيها في الدراما اللبنانية، أجابت: «لا شك أننا تطورنا بشكل لافت في صناعتنا للدراما، كما أن الخلطات العربية فيها ساهمت في انتشارنا. فعندما نشبك نحن العرب أيادينا بعضها ببعض لا بد أن نحرز الفرق، والدراما المختلطة أفضل دليل على ذلك».
وعن جديدها في عالم الغناء، قالت: «أستعد لطرح أغنية بالفرنسية (ميسترال غانيان)، فهذه الأغنية تعني لي كثيرا وتذكرني بطفولتي، كما أن أداءها ليس بالأمر السهل، ولكنها ستكون نموذجا حسّيا عما سبق وذكرته لك وهو أنني سأقدم ما يشبهني، وسيرافقها عزف على البيانو، وهي على فكرة أغنية معروفة وسأعيد غناءها بأسلوبي كما أحبّ تماما».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».