مصادر لـ(«الشرق الأوسط»): قيادات في «المؤتمر الشعبي» تعيد تشكيل الحزب بما يتوافق مع «الشرعية»

الحزب انقسم إلى 4 أجزاء.. ونصيب صالح «الحلقة الأضعف»

يمني ينقل أغراضه استعداداً لمغادرة بيته نازحا من صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمني ينقل أغراضه استعداداً لمغادرة بيته نازحا من صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

مصادر لـ(«الشرق الأوسط»): قيادات في «المؤتمر الشعبي» تعيد تشكيل الحزب بما يتوافق مع «الشرعية»

يمني ينقل أغراضه استعداداً لمغادرة بيته نازحا من صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمني ينقل أغراضه استعداداً لمغادرة بيته نازحا من صنعاء أمس (إ.ب.أ)

قالت مصادر سياسية يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات بارزة في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، تسعى إلى إعادة تشكيل الحزب بصيغة ورؤية سياسية جديدة تتوافق مع الشرعية الدستورية، وإن أبرز الشخصيات التي تبذل جهودا في هذا الاتجاه، هو الشيخ محمد بن ناجي بن عبد العزيز الشايف، عضو الأمانة العامة للحزب (المكتب السياسي) وأحد أبرز وجهاء قبائل بكيل في اليمن، وأشارت المصادر إلى أن القيادات الحزبية التي التأمت في الرياض، الأسبوع الماضي، وأجرت لقاءات بعدد من السفراء الغربيين ورئاسة مجلس التعاون الخليجي، بلورت عدة مقترحات لإعادة ترتيب «البيت الداخلي» لحزب المؤتمر، وإلى أن اتصالات تجرى مع عدد كبير من عناصر «المؤتمر»، في الداخل، لتحركات إيجابية على صعيد تأييد الشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، لكن المصادر لم تتطرق إلى الآلية التي سيتم من خلالها العمل المستقبلي وكيفية التعاطي أو التعامل مع صالح، حيث يطرح كثير من الآراء بشأن عقد اجتماع لأعضاء اللجنة العامة في الخارج واتخاذ قرار بإقالة صالح وعدد من الأعضاء، فيما تطرح آراء أخرى بشأن عقد اجتماعات منفصلة على مستوى كل محافظة، وأكدت هذه المصادر أن «المشاورات مستمرة ولن تطول إطلاقا».
وقال عضو في الأمانة العامة لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر الشعبي بات حزبا مختطفا سياسيا وإعلاميا من قبل صالح وأقربائه وبعض أبواقه المقربين منه، الذين حولوا الحزب وسياساته إلى واجهة لارتزاقهم السياسي»، على حد تعبيره، وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن «صالح ومنذ تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام عام 1982، وهو يسيطر عليه ولم يترك المجال لـ(المؤتمر) كي يتحول إلى حزب سياسي بكل ما تعنيه الكلمة، وأن يتحرك وينشط في أوساط الجماهير، بل حصره بشخصه وبزعامات القبائل ومسؤولي الدولة والقيادات العسكرية، حيث أصبح (المؤتمر) هو الدولة، والدولة هي (المؤتمر)، وهو ما قضى على الحزب سياسيا»، وأردف أن «صالح وعندما جرى خلعه من منصب الرئاسة في ضوء المبادرة الخليجية، استصغر على نفسه أن يسمى رئيس حزب المؤتمر، فأضاف لقب (الزعيم)».
وحول التحركات الحالية لإعادة ترتيب وضع الحزب، أكد القيادي «المؤتمري» لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا كانت هناك قيادات حريصة على حزب المؤتمر وتريد أن تمارس العمل السياسي من خلاله، فعليها تنقيحه من صالح والتابعين له، وإعادة الحزب إلى مساره الوطني الصحيح، أي ليكون الحزب مع الشرعية الدستورية».
وكان حزب المؤتمر الشعبي العام، شهد، العام الماضي، انقساما في صفوفه، حيث اصطفت قياداته وقواعده في جنوب اليمن، إلى جانب الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس المؤتمر إلى ما قبل قيام صالح باجتماع انقلابي في غياب هادي وإجراء انتخابات داخلية، أقصي هادي بموجبها، إضافة إلى إقصاء السياسي اليمني المخضرم، عبد الكريم الإرياني، الذي ساهم لعقود في تحسين وجه نظام الرئيس المخلوع صالح ومحاولة إبقاء هيكل الدولة اليمنية قائما، وشكلت قيادات وقواعد المؤتمر في الجنوب، فصيلا منفصلا كان وما زال يؤيد هادي حتى اللحظة.
وهاجمت قيادات في حزب المؤتمر، مؤخرا، وسائل الإعلام التي أسسها المخلوع صالح بأموال حزب المؤتمر الشعبي، وهي مرئية ومسموعة ومقروءة، بعد خروجه من السلطة، وجاء الهجوم على هذه الوسائل، بعد أن تحولت إلى وسيلة لتصفية الحسابات الداخلية في الحزب، ومنبرا لمهاجمة قيادات الحزب التي تعارض صالح أو تختلف معه في الرأي بشأن بعض القضايا.
وانقسمت قيادات حزب المؤتمر الشعبي في اليمن، مع الأزمة الراهنة، إلى أربعة أقسام؛ القسم الأول، وهو الأصغر، الذي يقف إلى جانب صالح، ومن أبرز شخصياته، عارف الزوكا، أمين عام الحزب، وياسر العواضي، عضو الأمانة العامة، وعبده الجندي المتحدث باسم الحزب، وأحمد عبد الله الصوفي، السكرتير الصحافي لرئيس الحزب، علي عبد الله صالح. والقسم الآخر يضم هادي وقيادات وقواعد الحزب في المحافظات الجنوبية. أما القسم الثالث فيضم القيادات التي غادرت إلى الرياض لبحث مستقبل الحزب والتبرؤ من مواقفه السياسية التي صاغها صالح والمشاركة في الانقلاب على الشرعية. أما القسم الأخير فهو الأغلبية التي فضلت الصمت ومراقبة كل التطورات.
ويرى المراقبون أن ثلاثة من الأقسام الأربعة، مؤهلة لإعادة تشكيل الحزب من جديد برؤى ومواقف جديدة، فيما سيظل القسم الموالي لصالح خارج الحسابات الحزبية والسياسية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.