محاكمة نائب تونسي بسبب تدوينات «مناوئة» للرئيس سعيد

الرئيس التونسي قيس سعيد (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد (د.ب.أ)
TT

محاكمة نائب تونسي بسبب تدوينات «مناوئة» للرئيس سعيد

الرئيس التونسي قيس سعيد (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد (د.ب.أ)

قال مصدر قريب من النائب في البرلمان التونسي المجمد، ياسين العياري، إنه مثل أمس مجدداً أمام القضاء العسكري، بسبب تدوينات له ضد الرئيس قيس سعيد، إبان إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 من يوليو (تموز) الماضي.
وقال مساعد النائب أمين الجمل لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن القضية الجديدة تتعلق بتدوينات نشرها النائب العياري أيام 26 و27 و28 يوليو الماضي، تعليقاً على خطوة سعيد بشأن إعلان التدابير الاستثنائية.
وكان العياري، رئيس «حركة أمل وعمل»، وأحد أبرز منتقدي الرئيس سعيد، قد قضى عقوبة سجنية لمدة شهرين، بمجرد تجميد البرلمان ورفع الحصانة البرلمانية عن النواب في قضية تعود إلى عام 2018، بتهمة «الحط من معنويات الجيش» في تدوينات نشرها آنذاك. كما حوكم العياري قبل ذلك مرتين أمام محاكم عسكرية، عامي 2015 و2016 بتهمة إهانة الجيش، وسُجن لمدة أربعة أشهر ونصف.
وقال المتحدث باسم رئاسة البرلمان المجمد، ماهر مذيوب، أمس إن رئيس البرلمان راشد الغنوشي قرر اعتماد ترشيح المدون والنائب العياري لجائزة اليونيسكو لحرية الصحافة. فيما أوضح بيان من مكتب رئاسة البرلمان إن العياري «نشر تدوينة يوم 27 يوليو الماضي شرح فيها بإسهاب ورؤية بليغة الانقلاب، الذي أقدم عليه السيد قيس سعيد ومن معه، وتداعياته الخطيرة والجسيمة على الدستور، وقيم الجمهورية والشعب التونسي العظيم في قوته وحريته ومستقبل أجياله».
في غضون ذلك، طالبت منظمات حقوقية القضاء بإغلاق ملف النائب في البرلمان المجمدة أعماله، زهير مخلوف، المتهم بالتحرش الجنسي، بعد نحو عامين من التقاضي.
ومثل مخلوف في جلسة ثانية للمحاكمة في طورها الاستئنافي، أمس، بعد أن كانت المحكمة الابتدائية في نابل قد أصدرت بحقه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حكماً بالنفاذ العاجل، يقضي بسجنه لمدة عام ودفع غرامة مالية قيمتها ألف دينار تونسي (نحو 348 دولاراً أميركياً).
واتهم مخلوف بـ«التحرش الجنسي والتجاهر بما ينافي الحياء» في قضية تعود إلى فترة الحملة الانتخابية عام 2019، عندما كان مرشحاً عن حزب «قلب تونس». ونشرت الفتاة التي كانت ضحية التحرش على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً مخلة له وهو داخل سيارته المرابطة أمام معهد للثانوي. لكن مخلوف نفى تهمة التحرش، وقال إنه كان بصدد استخدام مرهم لداء السكري في سيارته.
وسبق أن نددت منظمات حقوقية بدخول مخلوف، الفائز بمقعد في الانتخابات، البرلمان في 2019، وتمتعه بالحصانة البرلمانية برغم الملاحقة القضائية. لكن بعد قرار الرئيس سعيد تجميد البرلمان، وإعلان التدابير الاستثنائية، أخضعت السلطات مخلوف إلى الإقامة الجبرية .



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.