شارع الحمرا... مركز بريق لبنان الذي أصبح مظلماً (صور)

شارع الحمرا في العاصمة اللبنانية (أ.ب)
شارع الحمرا في العاصمة اللبنانية (أ.ب)
TT

شارع الحمرا... مركز بريق لبنان الذي أصبح مظلماً (صور)

شارع الحمرا في العاصمة اللبنانية (أ.ب)
شارع الحمرا في العاصمة اللبنانية (أ.ب)

من متجر الموسيقى الصغير الخاص به في شارع الحمرا في بيروت، شهد ميشال عيد، 88 عاماً، مراحل الصعود والهبوط لبلاده عبر انعكاساتها المتغيرة على هذا الشارع الشهير لأكثر من 60 عاماً.
ويُعد شارع الحمرا مركز سحر بيروت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث احتضن أهم دور السينما والمسارح في لبنان، والمقاهي التي يرتادها المثقفون والفنانون، والمتاجر التي تبيع أفضل العلامات التجارية العالمية، حسبما نقلت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء.
لكن تبدلت الأوضاع داخل الشارع حالياً، كحال كل الأشياء في البلد الذي تمزقه الأزمات وتلفّه من كل حدب وصوب، ويعصف به انهيار اقتصادي حاد منذ عام 2019 يعد الأسوأ منذ عقود.

إذ انعكست تداعيات هذا الانهيار على إغلاق الكثير من متاجر في الشارع، وتراصٍّ اللاجئين السوريين واللبنانيين الفقراء على أرصفته للتسول، وانقطاع الكهرباء المستمر، وتراكم القمامة على أركان الأرصفة، كحال بقية شوارع العاصمة اللبنانية.
يتذكر عيد المَشاهد الصعبة التي عاشها الشارع التاريخي حين اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية 1975 - 1990، عندما شهدت الحمرا قتال الميليشيات، والاغتيالات في مقاهيها، واجتياح القوات الإسرائيلية.
قال: «لقد وصلنا إلى الحضيض، لم يكن هناك شيء بهذا السوء كما هو الحال الآن».

ولم تستثنِ تداعيات الأزمة الاقتصادية نشاط عيد في متجره المخصص لبيع أسطوانات الموسيقى والساعات الإلكترونية وآلات الحاسبة، الذي انخفض بنسبة 75% إثر الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلاده.
وينقل مراسل الوكالة الأميركية أن الحمرا، التي كانت تنبض بالحياة في الليل، تشعر بأنها مهجورة قبل منتصف الليل -حتى خلال موسم العطلات الأخير، حيث يتم إضاءته بأضواء ملونة في عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، مع مرور سانتا كلوز لتوزيع الحلوى على المارة، وذلك خلال فترة الستينات والسبعينات.
وخلال هذه العقود، شهد الشارع توافد السائحين العرب والأوروبيين والأميركيين على المحلات التجارية والمطاعم والبارات الفاخرة، وتوافد نجوم الغناء والسينما في العالم لإحياء حفلات في مسارحه مثل لويس أرمسترونغ وبول أنكا.

يقول محمد ريس، الذي يعمل في الشارع منذ أوائل السبعينات ويمتلك ثلاثة متاجر للملابس والملابس الداخلية في المنطقة: «شارع الحمرا شارع دولي». بينما أشار، وهو جالس في مقهى كان يسمى في السبعينات «حذاء الحصان»، إلى ركن اعتاد اثنان من أعظم المطربين العرب في ذلك الوقت، هما عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، الجلوس فيه بانتظام، إلى جانب نزار قباني، الشاعر الرومانسي الشهير من سوريا.
تقع الحمرا في حي رأس بيروت الغربي بالعاصمة، وكانت ولا تزال مكاناً يعيش فيه المسيحيون والمسلمون جنباً إلى جنب، وتحوي مقاهي تحولت لأماكن استراحة للفنانين والمثقفين والنشطاء السياسيين.
ولم تستثنِ تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها لبنان، نعيم صالح، وهو أحد معالم الشارع، الذي يبيع الكتب والصحف على مدار 52 عاماً الماضية، في أحد الأكشاك على رصيف الشارع، بعدما أصبح يبيع كتاباً أو كتابين شهرياً، مقارنةً بـ50 كتاباً في اليوم في الماضي.

قال: «أشعر بالألم كل يوم لأن هناك المزيد من المعاناة والمزيد من الفقر».
بينما يعتقد ميشال عيد، الذي افتتح متجر الموسيقى الخاص به في الحمرا عام 1958، أنه سيغلقه عندما يتوقف عن العمل، على حد قوله.
لكنه رغم هذه الصعوبات المعيشية والاقتصادية، لن يغادر هذا الشارع الذي كان شاهداً على التحولات التي مرت بها بلاده.
قال: «شارع الحمرا هو الأكسجين الذي أتنفسه، حيث نشأت في شارع الحمرا وسأُنهي حياتي هنا».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.