بالتزامن مع الاهتمام العالمي بظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي تفشت آثارها في الفترة الأخيرة خصوصا من جنوب البحر المتوسط إلى شماله، مما أدى إلى وفاة آلاف البشر خلال الأشهر الأخيرة، انتهى المخرج المصري إبراهيم كامل من تصوير فيلم «بحرية»، الذي يتناول الظاهرة لعرضه خلال الفترة المقبلة.
وتدور أحداث الفيلم حول فتاة تعمل مع والدتها بالبحر على مركب ورثته من والدها الذي مات غرقا. وتعمل الفتاة من أجل الإنفاق على شقيقها العاطل، الذي يقرر الهجرة إلى إيطاليا بعد سرقة 5 آلاف جنيه من والدته بالإكراه. وبعد مرور عدة أيام، يعود الصيادون بجثة الشقيق ميتا، عقب فشل محاولته في الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا.
ويجسد الفيلم نموذجا من قصة طموح آلاف الشباب، خصوصا في دول جنوب وشرق البحر المتوسط، في الفرار من آلام واقعهم إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر البحر.. وهو ما أدى إلى مقتل آلاف منهم غرقا، وكان آخر تلك الحوادث غرق نحو 800 مهاجر غير شرعي بين سواحل ليبيا وإيطاليا الأحد الماضي.
وصارت ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط إحدى «بضائع» تجارة البشر الرائجة، التي تقوم عليها عصابات كاملة، مستغلة ظروف شباب دول الربيع العربي بوجه خاص، وكذلك كثير من أبناء القارة الأفريقية، الذين يواجهون الفقر وضعف التنمية وربما الحروب الأهلية في بلادهم. مما أدى إلى وفاة الآلاف، ووصل الأمر إلى أن دولة مثل إيطاليا قالت أخيرا إن معدل التدفق غير الشرعي على سواحلها فاق ألف شخص يوميا، خلال الشهر الأخير.
ويقوم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، غدا (الاثنين)، برحلة في البحر المتوسط، على متن مركب تابع للبحرية الإيطالية قبالة سواحل صقلية لتقييم الوضع بعد سلسلة المآسي الأخيرة لمقتل مهاجرين، وذلك ضمن مبادرة تضامن أوروبية مع الجهود المبذولة من أجل إنقاذ المهاجرين الذين يحاولون عبور المتوسط لبلوغ أوروبا، بحسب بيان للاتحاد الأوروبي.
وكان القادة الأوروبيون اتفقوا، خلال قمة استثنائية، الخميس الماضي، على أن يضاعفوا ثلاث مرات الموارد المخصصة لإنقاذ المهاجرين غير الشرعيين في المتوسط، وعلى استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز التحرك عسكريا ضد المهربين في ليبيا على وجه الخصوص، التي أصبحت نقطة انطلاق رئيسية لتلك الرحلات.
كما تشهد مصر عدد أقل من موجات محاولات الهجرة غير الشرعية، وخصوصا في مدن تقع في شرق دلتا مصر، على غرار محافظات شرم الشيخ ودمياط. وتقوم السلطات كثيرا بالقبض على شبكات ضالعة في مثل تلك الأعمال في مقابل مبالغ تتراوح بين 2000 إلى 5000 دولار للفرد الواحد.
وقبل أيام قليلة ماضية، قال السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية المصري، خلال افتتاح اجتماع لجنة تسيير مبادرة الاتحاد الأوروبي والقرن الأفريقي حول مسارات الهجرة، الذي عقد في شرم الشيخ يومي 23 و24 أبريل (نيسان)، إن «المنطقة تمر بتطورات وتحولات عميقة وجذرية كان لها أثر هائل على قضايا اللجوء والهجرة والاتجار في البشر»، لافتا إلى أن «السلبيات الناجمة عن الأبعاد الإنسانية لهذه الظواهر تفرض علينا تعاملا استراتيجيا جادا، وأن نتبنى رؤية قائمة على العمل على حل جذور المشكلات، والابتعاد عن المقاربات السياسية غير المتوازنة».
وأضاف بدر: «إن مصر تؤكد على ضرورة مكافحة الهجرة غير الشرعية في إطار تعددي بشكل يضمن أكبر قدر من التنسيق السياسي والأمني للتوصل إلى منظومة فعالة للسيطرة على هذه الظاهرة، ومن ثم الابتعاد عن السياسات ذات الطابع الانفرادي والترتيبات الأمنية من طرف واحد مع الاحترام الكامل للسيادة الوطنية».
وتابع: «تحدثنا وتفاوضنا كثيرا، وأصدرنا الكثير من الإعلانات والوثائق حول الربط بين الهجرة والتنمية، وقد حان وقت التنفيذ، إذ إن ما تحقق على هذا الصعيد ضئيل جدا كما وكيفا، ويكفي للدلالة على ذلك تكرار الحوادث المأساوية التي نفقد فيها أرواحا بشرية غالية.. وهو أمر لا يمكن قبوله أو السكوت عليه أكثر من ذلك.. ونرجو أن نصل من خلال فعاليات هذه المبادرة إلى توافقٍ حقيقي حول أفضل السبل لتعزيز التنمية، واضطلاع كل الأطراف بمسؤولياتها لتنفيذ مشروعات محددة للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد مجتمعاتنا».
وتتفق تصريحات السفير بدر في روحها مع توجهات إسبانيا حول أن حل المشكلة الرئيسي يكمن في تنمية جنوب المتوسط، وتقليل الفوارق التي تدفع الشباب إلى الهجرة شمالا، وليس فقط الاعتماد على تشديد الحل الأمني، الذي لن يجدي وحده في الحد من الظاهرة.
وكان رئيس مجلس أوروبا، دونالد توسك، حرص قبيل بدء القمة الاستثنائية الخميس الماضي لمناقشة الظاهرة، على خفض سقف التوقعات، وقال: «يجب ألا يكون لدى أحد أي أوهام. المشكلات لن تحل اليوم».
واتفق القادة الأوروبيون على أن يضاعفوا ثلاث مرات الموازنة المخصصة لعملية «تريتون»، مهمة البحث والإنقاذ الأوروبية في المتوسط. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في ختام القمة: «نريد أن نتصرف بسرعة، وهذا يعني أننا سنضاعف ثلاث مرات الموارد المالية لعملية تريتون». ولكن القادة لم يتفقوا على توسيع نطاق عملية تريتون للسماح لها بالخروج من المياه الإقليمية الأوروبية باتجاه السواحل الليبية، حسبما أضافت ميركل.
و«تريتون» هي عملية تديرها «فرونتكس»، الوكالة الأوروبية المكلفة مراقبة الحدود الخارجية لفضاء شنغن، الذي يضم 22 من دول الاتحاد الأوروبي الـ28 إضافة إلى سويسرا وآيسلندا والنرويج وليشتنشتاين.
وتخشى دول أوروبية من أن تتسبب عمليات الإنقاذ في طلب المهاجرين غير الشرعيين حق اللجوء في بلادهم، وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون صراحة إن مشاركة بريطانيا في هذه العمليات لا تعني بأي شكل من الأشكال أنها ستمنح اللاجئين الذين ستنقذهم قطعها البحرية حق اللجوء في بريطانيا.
وفشلت القمة برمتها في الاتفاق على الشق الثالث من خطة العمل، وهو استضافة المهاجرين غير الشرعيين، وكيفية التعامل معهم بعد وصولهم إلى أوروبا.
فيلم مصري يتعرض لمأساة الهجرة غير الشرعية
تزامنًا مع رحلة بان وموغيريني ورينزي التضامنية في المتوسط
فيلم مصري يتعرض لمأساة الهجرة غير الشرعية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة