«البودكاست»... محاولات للتطوير وسط رهان «تعزيز الانتشار»

«البودكاست»... محاولات للتطوير وسط رهان «تعزيز الانتشار»
TT

«البودكاست»... محاولات للتطوير وسط رهان «تعزيز الانتشار»

«البودكاست»... محاولات للتطوير وسط رهان «تعزيز الانتشار»

في محاولة لمواكبة التطورات المتلاحقة في سوق الإعلام، أشارت مجموعة من التقارير الدولية إلى اتجاه بعض وسائل الإعلام إلى زيادة استثماراتها في «البودكاست» والمحتوى الصوتي المنشور على شبكة «الإنترنت». وهذا أمر يراه بعض خبراء الإعلام «أمراً طبيعياً، شجعه انتشار تطبيقات التواصل الاجتماعي، التي تعتمد على الدردشات الصوتية، إضافة إلى تحقيق (البودكاست) عائدات مالية جيدة في بعض الدول». وفي المقابل، يرى آخرون أن الاتجاه نحو «البودكاست» هو من قبيل مسايرة الترند، والسعي وراء ما هو منتشر، من دون دراسة حقيقية لاحتياجات السوق.
جوني دويتش، نائبة رئيس تسويق وتطوير «البودكاست» في شبكة «بودغلومريت» المتخصصة في إنتاج «البودكاست»، ذكرت في مقال نشره معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام والصحافة الشهر الماضي، أنه «حان الوقت لتطوير المحتوى الصوتي بجدية». وأشارت إلى أنه «خلال سنة واحدة تضاعف عدد محتوى البودكاست على منصة سبوتيفاي من 700 ألف خلال عام 2019 إلى 2.2 مليون خلال عام 2020. ومن المتوقع أن يتضاعف الرقم خلال عام 2022».
وبالفعل، يؤكد جوناثان غروبرت، الصحافي والمدرب وصانع «البودكاست الأميركي» المقيم في هولندا «زيادة الاهتمام عالمياً بالاستثمار في البودكاست»؛ لكنه قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «سوق البودكاست تختلف من مكان لآخر، ففي حين ثمة سوق ناضجة وواضحة في الولايات المتحدة الأميركية، فإن السوق في أوروبا ما زالت تنمو على قدم وساق». ومن جهتها، تعلق رشا الديب، الاستشارية الدولية في مجال «البودكاست» فتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «سوق البودكاست شهدت ازدهاراً خلال الفترة الأخيرة، خاصة في الولايات المتحدة. واستطاع منتجوه أن يحققوا أرباحاً من خلاله... ويعود السبب في هذا الازدهار إلى قوة صناعة الترفيه الأميركية، إضافة إلى وجود جرأة في الأفكار، وجهد في الإنتاج، على عكس سوق أوروبا، التي ما زالت في طور النمو».
من جهة ثانية، ووفق دراسة نشرها معهد «رويترز» لدراسات الصحافة الشهر الماضي، فإن صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية جنت من «البودكاست» نحو 36 مليون دولار أميركي خلال عام 2020. وتشير الدراسة، التي استطلعت آراء 246 قيادة إعلامية في 52 دولة، إلى أن «الناشرين سيوجهون معظم جهودهم لإنتاج المحتوى الصوتي بنسبة 80 في المائة، ويلي ذلك إنشاء (نيوزليترز) بنسبة 70 في المائة، ثم تطوير المحتوى الفيديو بنسبة 63 في المائة... وتخطط (النيويورك تايمز) لإطلاق مواد صوتية هذا العام، تتضمن مناقشات لمواضيع وقصص منشورة، إلى جانب نشر 25 سنة من أرشيف البرنامج الإذاعي (ذا أميركان لايف)، مع تطوير تطبيقها الخاص بالبودكاست، على سبيل المثال».
عربياً، تبدو الصورة مختلفة. إذ تقول رشا الديب إن «البودكاست مزدهر فعلاً في دول الخليج؛ لكن الوضع مختلف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وتضيف أن «المملكة العربية السعودية رائدة في مجال البودكاست المتخصص في التكنولوجيا، كما يوجد كثير من منتجي البودكاست الذين يستطيعون تحقيق أرباح من المحتوى الصوتي في الإمارات ودول الخليج، بعكس الوضع في مصر ولبنان والأردن».
وفي السياق نفسه، عن سوق «البودكاست» في الدول العربية، قسمت الديب سوق «البودكاست» في الدول العربية إلى «سوق الخليج، التي تستفيد من ارتفاع المستوى الاقتصادي وقلة ضجيج المدن في تحقيق الانتشار والأرباح. وسوقي الأردن ولبنان اللتين تعتمدان على التطبيقات مثل (صوت) و(لمحة) و(أنغامي). والسوق الثالثة التي تضم باقي منطقة الشرق الأوسط، وتعتمد على الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني، وهي لا تسجل الانتشار أو الأرباح المطلوبة، بسبب نقص الدراسات الحقيقية للجمهور واحتياجاته».
جوناثان غروبرت يرى أن «جمهور البودكاست عادة ما يكون أفضل تعليماً، ومن ذوي الدخل المرتفع عن الجمهور العادي، كما أنه جمهور أكثر قراءة». ويتابع: «هذا هو جمهور (النيويورك تايمز)... التي لا تسعى إلى أرقام توزيع عالية، بل إلى قراء أغنياء». ويشدد على «أهمية معرفة الجمهور وطبيعته عند صناعة المحتوى، أياً كان القالب الذي سيقدم فيه هذا المحتوى». ومن ثم، يوضح غروبرت أن «الأمر نفسه ينطبق على جودة البودكاست، إذ يجذب البودكاست الجيد والمنسق جمهوراً أفضل... وبالتالي، تكون الإعلانات عالية الجودة والقيمة، مثل إعلانات السيارات الفاخرة». ثم يقول: «يقدم بودكاست اسمه (برايت مايندز)، معظم ضيوفه من الكتاب والمفكرين والسياسيين، والاقتصاديين، وبذا فجمهوره صغير، لكنه ذكي ومتخصص».
عودة إلى دراسة معهد «رويترز» لدراسات الصحافة، التي تفيد بتنامي استهلاك المحتوى الصوتي على مدار السنوات القليلة الأخيرة، مدفوعاً بتطور الهواتف الذكية والسماعات، والاستثمار في «البودكاست» من منصات مثل «سبوتيفاي» و«غوغل» و«أمازون». وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن «صناعة البودكاست شهدت خلال العام الماضي تسارعاً وتطوراً في شكل المحتوى الصوتي ليشمل مقالات مسموعة، ورسائل صوتية، وحوارات على الهواء، مرتبطاً بظهور تطبيقات الدردشة الصوتية على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل (كلوب هاوس) و(تويتر سبايسز)، وغرف الدردشة الصوتية التابعة لـ(فيسبوك)، وغيرها، ما منح المستخدمين فرصة لإنتاج وبث محتوى صوتي».
في هذا الإطار، تنوه الديب بـ«أهمية الإعداد الجيد للبودكاست ومعرفة اهتمامات الجمهور، قبل البدء في الاستثمار في هذا المجال». وتضيف: «كثيرون يفتحون الميكروفون ويتحدثون... لكن هل يجدون من يسمعهم؟». وتضرب الديب مثلاً بعدد من تجارب «البودكاست» الناجحة حول العالم، التي يظهر فيها الإعداد الجيد، بدءاً من اختيار الموضوع، والضيوف، حتى طريقة تقديمه. وعن أشكال تقديم «البودكاست»، تشرح الديب أن هناك «5 أشكال معروفة لتقديم البودكاست، هي البودكاست الفردي، والحوار، والدردشة، والوثائقي، وأخيراً التمثيلي. وكل شكل يختلف بطبيعة الموضوع والجمهور». ومن ثم تلحظ أن «المشكلة في المنطقة العربية تكمن في غياب دراسات سوق واضحة تحدد طبيعة الجمهور واهتماماته، وتقيس مدى ضوضاء المدن، لمعرفة ما إذا كان من السهل على الجمهور الاستماع للبودكاست، بينما المرء يسير في الشارع أم لا». ثم تقول إن «الإقبال على الاستثمار في البودكاست عربياً هو من قبيل السعي وراء الترند والانتشار، من دون وجود دراسات حقيقية تُظهر مدى فعالية هذا الشكل من المحتوى في جذب الجمهور وتحقيق الأرباح».
ختاماً، نذكر أن إريك نوزات، مؤسس شركة «ماغنيفسنت نوير» للإنتاج والاستشارات الإبداعية، أفاد في مقاله المنشور على منصة «نيمان لاب» الشهر الماضي، بأن «عام 2022 سيكون عام البودكاست والمحتوى الصوتي، ومثلما كان الفيديو محور كل شيء قبل فترة، سيصبح الأمر كذلك الآن للصوت». وبناءً عليه، يرى «ضرورة أن تغير المؤسسات الإعلامية استراتيجيتها في التعامل مع البودكاست، بحيث لا يكون الربح هو الهدف الأساسي، بل بناء القاعدة الجماهيرية وتعميقها».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.