نتالي نعوم تدخل غمار الـ«بودكاست» بـ«ناتالو معكن»

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن هذه التجربة حولتها إلى رادار متنقل

تجد نعوم في الـ«بودكاست» مساحة تفضلها على وسائل التواصل الاجتماعي
تجد نعوم في الـ«بودكاست» مساحة تفضلها على وسائل التواصل الاجتماعي
TT

نتالي نعوم تدخل غمار الـ«بودكاست» بـ«ناتالو معكن»

تجد نعوم في الـ«بودكاست» مساحة تفضلها على وسائل التواصل الاجتماعي
تجد نعوم في الـ«بودكاست» مساحة تفضلها على وسائل التواصل الاجتماعي

تملك نتالي نعوم تجارب فنية عديدة تخولها لأن تحدث الفرق أينما كانت. فهي إضافة إلى كونها ممثلة ومقدمة تلفزيونية، تعمل في مجال الإعداد. كما خاضت غمار التقديم الإذاعي بعد أن بدأته بقراءة نشرات الأخبار.
اليوم تأخذ نتالي نعوم وجهة جديدة في مهنتها تطل فيها على المرأة العربية بشكل عام من خلال الـ«بودكاست» تحت عنوان «ناتالو معكن». فهذه الكلمة المشتقة من «برودكاست» (الإذاعة) و«آيبود» (جهاز إلكتروني مخزن)، يبدو أنها بدأت تشق طريقها بقوة في العالم العربي.
«البودكاست» كناية عن برامج إذاعية حسب الطلب، يمكن للشخص أن يستمع إليها عبر المنصات الإلكترونية، في أي زمان ومكان، عكس شاشات التلفزة وأثير الراديو. وتعلق نعوم في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون لبنان من أقل البلدان الرائجة فيه ظاهرة الـ(بودكاست). ولكن إذا ما توغلنا في عالمنا العربي اكتشفنا أن هذا النوع من البرامج الإلكترونية عبر المنصات الإلكترونية يلاقي نجاحاً كبيراً».
في لبنان كانت إليسا أول فنانة عربية تدخل هذا المجال، بعد أن قدمت سلسلة حلقات «بودكاست» تحكي فيها عن مسيرتها ومحطاتها الفنية الأساسية.
بالنسبة لنتالي، فهي عندما قررت أن تتوجه نحو الـ«بودكاست» بحثت وفتشت واستمعت لتجد أن كثيرين من اللبنانيين لجأوا إليها. «عندنا الطبية ساندرين عطا الله التي تقدم برنامجاً ناجحاً جداً عن الصحة الجنسية. وكذلك وردة أبو ضهر المعالجة النفسية التي تعطي طاقات أمل لمستمعيها عبر (بودكاست). كما أن هناك موضوعات كوميدية وأخرى فنية لديها أربابها، ويشقون طريقهم في هذا المجال بسرعة».
وماذا عنك أنت لماذا اخترت «بودكاست»؟ ترد: «إنه يشكل مساحة واسعة لي فأنا لست من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي. وأشعر مرات أنها لا تكفيني كي أوصل من خلالها فكرة أو موضوع معين. أحياناً أشعر بأني لا أحب عرض أفكاري عبرها لأنها سريعة الذوبان».
اختارت نتالي نعوم موضوعات تتعلق بالمرأة بشكل عام، وهي كناية عن خبرات وتجارب خاضتها في حياتها. «عندما أسجل حلقتي عبر منصة (حكواتي) والتي بدورها توزعها على المنصات الأخرى، أشعر بالفرح وأحكيها بطلاقة وطبيعية. هناك موضوعات كثيرة تهم المرأة أرغب في التحدث عنها. والمحتوى الذي أذيعه يحاكي عدة نماذج نسائية في لبنان كما العالم العربي، لأنها نابعة من تجاربي الخاصة».
تؤكد نتالي أن الصدق هو العنصر الأساسي الذي يسهم في لمس المستمع ويحثه على إكمال الحلقة. «في الحلقة الأولى تحدثت عن سبب اختياري الـ(بودكاست) بعد كل تجاربي الإعلامية.
وفي الحلقة الثانية تناولت موضوع المرأة الوحيدة وكيف ينظر إليها الناس عندما يرونها في مطعم أو مقهى تجلس لوحدها. إنها أمور حياتية تصادفنا جميعاً كنساء، وهي من دون شك تخاطب العنصر النسائي الذي يمر بتجارب مشابهة».
تطول لائحة المواضيع التي تفكر بتقديمها نتالي عبر الـ«بودكاست» وبينها ما يخص علاقة الأم بأولادها وزوجها وعائلتها ككل.
كما تفكر في التطرق إلى أخرى نابعة من رحلة سفر خاضتها أو موقف تأثرت به من باب طبيعتها الأنثوية. «في البداية ولأني أتعلم الإيطالية كنت أستمع إلى (بودكاست) لإيطاليين كي أستوعب لغتهم بشكل أفضل وأسرع. ومن بعدها تعرفت إلى مذيعين عدة من لبنان والخليج العربي وأوروبا وغيرها. صرت ملمة بهذا المجال وبعدها اتفقت مع منصة (حكواتي) الخاصة بإذاعة الـ(بودكاست)، كي يتبنوا حلقاتي التي بدأت تذاع مع بداية عام 2022 كل نهار اثنين».
تتمسك نتالي بشخصيتها المرحة والظريفة التي عرفت بها كممثلة عبر الشاشة الصغيرة وحفرت في ذاكرة الناس.
فهي جسدت تحت اسمها الفني «ناتالو» شخصية طريفة تعرفنا إليها عن كثب في برامج ساخرة وانتقادية كــ«إس أل شي». وأسهمت خبرتها الإذاعية في تمكينها من لغتها الروائية وأسلوب إلقائها. «لا شك أن خبرتي الإذاعية تطبع حلقاتي في الـ(بودكاست).
أعرف ذلك عندما أستمع إلى غيري، فلا أجد عندهم الأسلوب المطلوب لشد المستمع. فهم يمارسون عملهم وكأنهم يتلون نصاً ما من دون حيوية أو طريقة جذابة. فالعمل الإذاعي يعلمك كيف تتحدثين من دون أن يمل مستمعك منك وبنفس الروتين». ولكن ماذا ستستفيدين من هذا التوجه الجديد؟ ترد: «من يتعاطى في هذا المجال يعرف تماماً أن انعكاساته الإيجابية عليه معنوياً ومادياً تستغرق وقتاً طويلاً. فأنا دخلت هذا العالم من باب شغفي لعملي وحبي للتواصل مع المرأة على طريقتي، وليس من باب الربح المادي ولو في المرحلة الأولى».
وتشير نعوم التي احتلت المركز الثاني على منصة «حكواتي» من خلال حلقاتها، إلى أن جائحة «كورونا» أسهمت في انتشار الـ«بودكاست»، إذ كانت الناس محجورة في بيوتها، ولا تملك سوى هذه الوسيلة للفضفضة أو لمشاركة يوميات الآخر. ولذلك نرى أنه في تلك الفترة ازدهرت موضوعات الطبخ والتجميل والفن والرياضة، وما إلى هنالك من عناصر تسلي الناس وتخفف من وطأة وحدتهم. «إنه عمل يمكن ممارسته بسهولة من المنزل، من دون تكبد عناء التوجه إلى مكتب أو استوديو للقيام بمهمتك. هناك أشخاص يتحدثون لساعة أو أكثر ولكني اخترت التكلم ضمن حلقة لا يتجاوز وقتها الـ6 دقائق».
تلون نتالي حلقاتها ومحتواها بمؤثرات صوتية لتطبعها بالواقع فهي عندما تتحدث عن اتصال هاتفي أجرته تسمعنا رنة التليفون. وعندما تحكي عن البحر نسمع صوت أمواجه، وكذلك الأمر بالنسبة لقعدة أمضتها في مقهى على الرصيف فتصلنا أصوات أبواق السيارات وعجقة الطرقات. «أحاول أن أقول ما أريد بأسلوبي الطريف وأعيش الحالة، كي يصل المحتوى بسرعة إلى أذن المستمع فلا يمل».
فضاء جديد تدخله نتالي نعوم لتحلق فيه بأسلوبها بعيداً عن التقيد بمحتوى برنامج تعده. وتختم: «إنه عالم واسع يدفعك إلى البحث الدائم عن كل جديد يمكن أن يواجهك في حياتك فتستخلصين منه العبر. اليوم تحولت إلى رادار أراقب بدقة كل ما يجري حولي كي ألتقط أي خبرية أو موقف يمكنني استخدامهما في حلقاتي. ولدي من المواضيع ما يكفيني لستة أشهر إلى الأمام».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».