تمام الأكحل وإسماعيل شموط... زواج «فني» ممهور بحب فلسطين

سيرتهما الشخصية تختزل بعَثراتها ونجاحاتها مسيرة شعب بأسره

تمام الأكحل توقع كتابها «اليد ترى والقلب يرسم»
تمام الأكحل توقع كتابها «اليد ترى والقلب يرسم»
TT

تمام الأكحل وإسماعيل شموط... زواج «فني» ممهور بحب فلسطين

تمام الأكحل توقع كتابها «اليد ترى والقلب يرسم»
تمام الأكحل توقع كتابها «اليد ترى والقلب يرسم»

حين قررت الفنانة الفلسطينية تمام الأكحل، أن تسرد وقائع حياتها المشتركة مع زوجها الراحل إسماعيل شموط، فهي لم تكن تريد لسرديتها المؤثرة أن تشتغل على خط العلاقة الثنائية بين الطرفين فحسب، بل كانت تحرص في السياق نفسه على استعادة تلك الأزمنة الوردية التي كانت تجد في الجغرافيا الفلسطينية السابقة على الاحتلال، بيئتها الملائمة ومسرحها الفردوسي. هكذا بدت الكتابة عن الفنان الأكثر فرادة في التاريخ التشكيلي الحديث لفلسطين، نوعاً من إعادة تركيب رمزي للحياة التي تصرمت برحيل أحد طرفيها، بقدر ما بدت محاولة موازية لحث الذاكرة على منع الزمن الفلسطيني من التشظي، وانتشال المكان من عهدة النسيان.
ولعل حرص الفنانة الأكحل على التوأمة بين الشخصي والجمعي في كتابها السير - ذاتي «اليد ترى والقلب يرسم»، هو الذي دفعها إلى أن لا تستهل عملها السردي بلحظة تعرفها إلى شموط، بل هي استبقت ذلك بتمهيد مطول عرضت من خلاله لظروف نشأتهما في فلسطين، ولأوضاع البلاد التي كانت تغلي على صفيح زلزالي، في تلك الحقبة المفصلية الخطرة من تاريخها. هكذا حرصت الفنانة الكاتبة على رسم نوع من البورتريه المفصل لأرض ولادتها الأم، بكل ما حفلت به طفولتها من روائح ومشاهد وأصوات، مطلة من خلال يافا واللد، حيث أبصر الثنائي الزوجي النور، على الجانب السحري من الطفولة، التي جهد المحتلون في بتر ملامحها، لتظل حية تماماً في الذاكرة، كما في القصائد والأغاني واللوحات.
نتعرف في كتاب تمام الأكحل على ملامح من طفولة إسماعيل شموط المولود في اللد عام 1930، لأب يعمل في بيع الخضار، ووسط عائلة من عشرة أطفال. وحين سقطت فلسطين بأيدي الصهاينة عام 1948، كان شموط في أوج يفاعته واندفاعه باتجاه الحياة. لكن موهبته في الرسم بدأت تتفتح مذ كان طفلاً على مقاعد الدراسة، حيث تعهده بالرعاية أستاذه الفنان داود زلاطيمو. ولدى حدوث النكبة نزحت العائلة إلى خان يونس، بعد أن شهد الفتى بأم عينيه مجازرها المروعة، وبعد أن لفظ أخوه توفيق بفعل العطش الشديد أنفاسه الأخيرة. بعدها بقليل استطاع إسماعيل، الذي تشربت ذاكرته البصرية المتوهجة ألوان فلسطين، أن يقيم معرضه الأول في خان يونس، وأن يبيع لوحته الأولى التي ساعده ثمنها المتواضع في الانتقال إلى القاهرة لإكمال دراسته، حيث وفر له العمل في تصميم الإعلانات السينمائية بعض أكلاف معيشته.
تستفيض تمام الأكحل بالمقابل في الحديث عن طفولتها المبكرة في مدينة يافا الساحلية، مستعيدة بشجن رومانسي ملامح ذلك العالم الطيفي الذي خلفته وراءها، حين أجبر المحتلون أولئك الذين كُتبت لهم النجاة من المجازر التي ارتكبوها، على ركوب السفن واللجوء إلى حيث يشاءون من الأصقاع والمنافي. وإذ تمعن الكاتبة في الحديث عن تفاصيل حياتها العائلية، وعن أسوار يافا ومنازلها القديمة، وعن بيارات البرتقال وصفير السفن في الميناء، بدت وكأنها تحث ذاكرتها على انتشال ما تستطيع إنقاذه من كنوز ذلك الماضي الذي جهد المحتلون في طمسه وتغييبه. وقد روت الكاتبة المولودة عام 1935، ودحضاً للمزاعم الكاذبة عن التسليم السهل للمدينة، كيف واكبت بنفسها المجزرة المروعة في دير ياسين، وكيف تحولت الحياة في بلادها إلى جحيم، بعد أن سُدت في وجه شعبها كل أسباب الحياة، وتُرك نهباً للجوع والمرض والرعب والقتل الجماعي. غير أن العاصمة اللبنانية التي اختارت العائلة أن تكون مكاناً للجوئها القسري، قبل أن يتبخر حلمها بالعودة، وفرت للفتاة الطافحة بالأحلام سبل الالتحاق بمدارسها، إضافة إلى ما تحتاجه موهبتها في فن الرسم من رعاية واهتمام.
أما فرصة تمام الأثمن للانطلاق نحو الفضاء الأوسع لعوالم التشكيل، فقد وفرتها لها مشاركتها عام 1953 في معرض الخريف السنوي في قصر اليونيسكو، حيث لفتت لوحاتها الأنظار، الأمر الذي جعلها تحظى بمنحة خاصة لإكمال دراستها العليا في أكاديمية القاهرة للفنون. ووسط الهبوب العاصف لرياح التغيير السياسي الدراماتيكي في العاصمة المصرية، التقت الأكحل بإسماعيل شموط، الذي كانت لوحاته الفنية المستلهمة من تراجيديا النكبة قد أخذت طريقها إلى الشهرة، الذي وضع حياتها فيما بعد أمام منعطف جديد وحاسم. وحيث كانت البراعم الأولى للعلاقة بين الطرفين تتكون على إيقاع فرشاتيهما الناضحتين بحب فلسطين، بدا افتتاح الرئيس المصري جمال عبد الناصر، عام 1954، لمعرض «اللاجئ الفلسطيني»، وبحضور رئيس رابطة الطلبة الفلسطينيين في مصر آنذاك، ياسر عرفات، المناسبة الأهم التي أتاحت لشموط والأكحل أن يضعا مصيريهما الشخصيين على طريق التكامل الفني والحياتي، وأن يفتتحا بكل ما يدخرانه من قوة الموهبة وصلابة الالتزام بالقضية، عصر التشكيل الفلسطيني. «هل عشتم بالفعل هذه الأوضاع التي رسمتموها؟»، سأل عبد الناصر، إسماعيل شموط، وهو يقف متأثراً أمام لوحتيه «إلى أين» و«سنعود»، اللتين تعكسان مسيرة العذاب والتيه الفلسطينيين. وبعد أن رد الأخير بالإيجاب، أوعز الرئيس المصري بشراء اللوحتين، وإرسالهما إلى مكتب الجامعة العربية في واشنطن. أما الفصل المضحك المبكي من الحادثة، فهو اكتشاف الثنائي شموط - الأكحل بعد سنوات، بأن اللوحتين لم تصلا أبداً إلى وجهتهما المقررة!
لم يتأخر إسماعيل شموط في مصارحة تمام الأكحل بما يكنه لها من مشاعر قلبية تتعدى الصداقة العادية، لتتصل بالحب والشغف العاطفي، ومن ثم مفاتحتها بشأن مشروع الزواج الذي لم تتردد تمام في قبوله المبدئي، لكنها أجلت البت النهائي بشأنه عندما علمت باستعداد شموط للسفر إلى روما، لاستكمال دراسته التخصصية في فن الرسم. ومع أن الرسائل المتبادلة قد تكفلت بمنع جذوة العلاقة بين الطرفين من الانطفاء، على امتداد سنتين من الزمن. وحيث كان مقدراً للخطيبين العاشقين أن يتوجا علاقتهما بالزواج بعد عودة إسماعيل من إيطاليا، إلا أن جملة من الخلافات العائلية، مقرونة بسلسلة غريبة من المفارقات والمواقف الملتبسة، حملت الطرفين على فسح الخطوبة على نحو مفاجئ، تاركيْن للوشايات والمكائد الصغيرة أن تنتصر على الحب، قبل أن تعود مياه العلاقة إلى مجراها الطبيعي. وبعد سنوات ثلاث من التباعد والقلق والبلبلة العاطفية، تمكن الحبيبان أخيراً من تجاوز العراقيل المختلفة التي واجهتهما، ليدخلا «بيت الطاعة» الزوجي الذي طال انتظاره، عام 1959، على أن الجانب الأكثر غرابة وطرافة في هذا الشأن، هو ما باح به شموط لتمام في وقت لاحق، من أنه مدين في حسم قراره النهائي بالزواج، للشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان التي دفعها وقوفها على قصة حبهما الشائكة، إلى كتابة قصيدة مؤثرة جاء فيها:
كان وهماً نحن أعطيناه
شكلاً وحياه
ثم رويناه لوناً وعبيرْ
ومنحناه ضياءً وظلالا
وحصرْنا الشوق في دنيا رؤاه...
بعض ذكرى نحن هيأنا لها
نعشاً وقبرا
ودفنّاها بصمتٍ ونضحْناها بعبْره
وتركنا عندها آخر زهره
لا يظهر من سياق السيرة أن ثمة إشكالات جوهرية اعترضت حياة الزوجين، أو عرضت علاقتهما إلى التصدع، كما يحدث عادة في العلاقات المماثلة بين المبدعين، حيث الأنا الفردية المتفاقمة والتنافس «المسكوت عنه» على ساحة الإبداع، يوديان بمعظم العلاقات المماثلة إلى الانهيار. ولعل معظم المتاعب التي واجهها الطرفان، كانت ناجمة عن التزاماتهما الاجتماعية والنضالية المرهقة، حيث أطلق البعض على منزلهما العائلي تسمية «بيت الشعب»، كما تقول الأكحل، وهو الذي تحول إلى محجة يومية يقصدها العشرات من أهل السياسة والثقافة والفن، الذين ربطتهم علاقات وثيقة بشموط، بفعل انخراطه في العمل النضالي من جهة، وبفعل توليه الأمانة العامة لاتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين من جهة أخرى. ومن يتتبع المسار اللاحق لحياة الثنائي الزوجي، لا بد له أن يلاحظ طغيان الجوانب النضالية والاجتماعية والفنية، على كل ما عداها من شؤونهما الشخصية والأسرية. فبعيد ارتباطهما بقليل، طلبت منظمة «الأونروا» من شموط والأكحل الانتقال إلى قطاع غزة لمساعدة معلمي الرسم على كيفية تدريس الفن، حيث التقيا هناك بالشاعر الفلسطيني معين بسيسو. كما طُلب لاحقاً من إسماعيل أن يعد رسوماً لكتب التنشئة الوطنية في لبنان، فضلاً عن زيارات الثنائي لعدد من عواصم الفن ومراكزه الكبرى، مثل روما وبرشلونة وباريس وأثينا وأمستردام، وعن إقامة معارض تشكيلية مختلفة في أميركا وأوروبا والكثير من بلدان العالم، وصولاً إلى الصين التي استقبلهما شعبها بحفاوة بالغة. أما الأعمال التي تم عرضها، فكانت مستلة بمعظمها من التراث والفولكلور الفلسطينيين، حيث حرص الثنائي الفني على التأكيد على أن ذاكرة الفلسطينيين البصرية هي جزء لا يتجزأ من تشبثهم بالأماكن التي طُردوا عنوة منها، وبأنها إحدى أبرز عناصر سرديتهم اللونية المقاومة للاحتلال.
غير أن الخيانة الأكثر إيلاماً التي انعكست بشكل سلبي على حياة الزوجين، جاءت بعد ذلك من جهة القلب، الذي بدأت ضرباته بالاضطراب وأداؤه بالتعثر، بعد أن حمله صاحبه بفعل الاجهاد والسفر والتوتر الدائم، ما يفوق قدرته على الاحتمال. على أن وضع الفنان الدقيق الذي استوجب العديد من الفحوصات وعمليات القلب المفتوح واستبدال الشرايين والصمامات، في غير بلد ومركز طبي، لم يثنه وزوجته عن متابعة الرسم وإقامة المعارض والتجول في الكثير من الأصقاع، نصرة لفلسطين وقضيتها العادلة. ورغم تعلقهما المشترك بالعاصمة اللبنانية، فقد وجدا نفسيهما مضطرين لمغادرتها، إثر الاجتياح الإسرائيلي الواسع للبنان عام 1982، إلى الكويت التي أقاما فيها لسنوات عدة، قبل أن يغادراها إثر الغزو، للالتحاق بولديهما المقيمين في ألمانيا، ولينتهي بهما المطاف في عمان حيث يكونان أقرب إلى فلسطين.
«يا ناس، تعالوا شوفو إسماعيل شموط. فنانكم العظيم موجود بينكم»، يصيح بائع الخضار الفلسطيني، حين عرف بأن الرجل الذي يقف أمامه في مدينة اللد المحتلة، هو جاره القديم الذي أجبر على مغادرة المدينة عام النكبة، ويعود إليها الآن متعباً ومسبوقاً بشهرته في سن الكهولة. أما تمام التي رافقها زوجها إلى يافا، فقد أذهلتها الصدمة حين اكتشفت بأن فنانة إسرائيلية ثمانينية قدمت من روسيا البيضاء، لتصادر منزل طفولتها القديم، وتكتب على مدخله «صالة شوشانا فنكلشتين».
لم يكف إسماعيل شموط عن إعادة تشكيل التاريخ والجغرافيا الفلسطينيين عبر مئات اللوحات التي رسمها. ومع أنه لم يكن معنياً بالتحولات التشكيلية الحداثية، وما بعد الحداثية، التي عرفها العالم في القرن الفائت، فإن أسلوبه الواقعي التعبيري كان قادراً على شحن خطوطه وألوانه بكل ما تحتاجه الشمس الفلسطينية من حرارة وتوهج، وبكل ما يساعد الملحمة الفلسطينية على الرسوخ في ضمير العالم وذاكرته ووجدانه. إنه «الذاكرة تتخذ جسداً»، على حد تعبير مؤرخ الفن الفلسطيني كمال بلاطة. ومع بلوغه السادسة والسبعين من العمر بات قلب إسماعيل شموط عاجزاً تماماً عن حمل المزيد من الأعباء، فتوقف بشكل نهائي عن الخفقان، في أحد مستشفيات كولون الألمانية في الثالث من يوليو (تموز) عام 2006، لتتابع تمام بمفردها، ونيابة عن الحبيبين معاً، مسيرة العودة الطويلة والشائكة إلى فلسطين. ولعل أفضل ختام لهذه المقالة هو ما كتبه محمود درويش في تأبين إسماعيل شموط، مختزلاً تجربة صديقه ومعادله التشكيلي بالقول: «من فرط ما هو هو، وليس هو في آن واحد، خُيل إلينا نحن المثبتين في زيت اللوحة، أننا شظايا قصائد أعاد الفنان تشكيلها في إطار. افترقنا دون أن أقول لإسماعيل: حافظْ على الذاتي، ولو قليلاً من جشع الموضوع. ودون أن يقول لي: حافظ على الموضوع من جنوح الاستعارة. إسماعيل شموط: يده هي التي ترى، وقلبه هو الذي يرسم».



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.