التاريخ والهوية في صلب الجدل الانتخابي الفرنسي

علم الاتحاد الأوروبي تحت قوس النصر في باريس (أ.ف.ب)
علم الاتحاد الأوروبي تحت قوس النصر في باريس (أ.ف.ب)
TT

التاريخ والهوية في صلب الجدل الانتخابي الفرنسي

علم الاتحاد الأوروبي تحت قوس النصر في باريس (أ.ف.ب)
علم الاتحاد الأوروبي تحت قوس النصر في باريس (أ.ف.ب)

رفرف العلم الأوروبي تحت قوس النصر في باريس احتفالاً بتسلم فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، لكن لأقل من يومين، لأنه أُزيل بسبب الجدل الذي أطلقه اليمين واليمين المتطرف المعارضان للرئيس إيمانويل ماكرون، والذي يعكس هيمنة التاريخ والهوية على الحملة الانتخابية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وانتُقد رفع العلم الأوروبي في هذا المكان على نطاق واسع. بعد اختفائه، قالت الحكومة الفرنسية إنه كان مُقرراً أصلا ًرفعه ليومين فقط، الأمر الذي تشكك فيه المعارضة.
تحت قوس النصر، يوجد رفات «الجندي المجهول»، رمز الجنود الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الأولى. وكل مساء، تُضاء شعلة في المكان لتكريم هؤلاء. وقالت رئيسة الجبهة الوطنية مارين لوبن إن رفع العلم الأوروبي هناك «اعتداء على هوية وطننا».
وانتقد المرشح الآخر من اليمين المتطرف إريك زيمور رفع علم الاتحاد الأوروبي قبل أقل من مائة يوم على الانتخابات الرئاسية.
أما جان - لوك ميلانشون، مرشح اليسار المتطرف، فندد بـ«نزوة تواصلية مع رموز الدولة».

ورأت مرشحة اليمين فاليري بيكريس أن «لإيمانويل ماكرون مشكلة مع تاريخ فرنسا»، مشيرة إلى أنها كانت تُفضل أن ترى العلمين الفرنسي والأوروبي يرفرفان جنباً إلى جنب، مثلما حصل خلال الرئاسة الفرنسية السابقة للاتحاد الأوروبي في عهد نيكولا ساركوزي.
ويكشف الجدل الحساسيات حول مسائل الهوية الوطنية والتاريخ لدى قسم من الرأي العام قلقٍ بشأن الاندماج في أوروبا والهجرة وإعادة مساءلة التاريخ الفرنسي.
ويؤيد 66 في المائة من الفرنسيين فكرة أن «هوية فرنسا تختفي»، بحسب استطلاع للرأي أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام في مطلع يناير (كانون الثاني)، فيما يرى 82 في المائة من المستطلعين أن «هناك استغلالاً لمسائل مرتبطة بالهوية من جانب بعض الشخصيات السياسية». ويعتبرون أن التهديدات الرئيسية لهويتهم تكمن في «الضعف الاقتصادي» و«تراجع الصناعة» و«البطالة».
وتشهد فرنسا منذ أشهر جدلاً حول تاريخها وماضيها، تتسبب به أحياناً تصريحات لإيمانويل ماكرون.
فقد دعا الرئيس الفرنسي في أبريل (نيسان) 2021 إلى «تفكيك، بطريقة ما، تاريخنا»، من أجل مواجهة تداعياته الحالية، وأبرزها العنصرية والتمييز، بشكل أفضل. وأثارت أقواله حينها ردوداً من اليمين واليمين المتطرف، وأخذت عليه مارين لوبن أنه «يكرر أفعال التوبة».

ويرى المحلل السياسي جان غاريغ أن «الاستشهاد بالتاريخ في السياسة الفرنسية أمر يحصل باستمرار، منذ قرون. وهو يُغذي النقاش السياسي باستمرار»، مشيراً إلى «خصوصية في هذه الفترة السابقة للحملة الانتخابية» تتمثل في شخص إريك زيمور الذي وضع «الاستشهاد بالتاريخ في صلب خطابه».
وقال زيمور الذي يُقدم نفسه على أنه آخر مُدافع عن فرنسا مثالية آخذة بالاختفاء، مراراً إن عهد فيشي أنقذ يهوداً، الأمر الذي لا يوافق عليه المؤرخون.
ويقول غاريغ إن برنامج إريك زمور الانتخابي الذي «يمجد ماضياً رفع إلى مرتبة المثالية» هو برنامج «رجعي» ويُذكر بخطابات «اليمين المتطرف من مطلع القرن العشرين».
ويرى المحلل السياسي باسكال بيرينو أن «اليسار يلتزم الصمت» منذ عقود في مواجهة اليمين واليمين المتطرف اللذين يُركزان النقاش حول الهوية الوطنية.

وتمحورت حملة نيكولا ساركوزي في عام 2007 حول هذا الموضوع. وأنشأ وزارة الهجرة والاندماج والهوية الوطنية ووحدة التضامن التي انتقدها اليسار بشدة، إلى أن أُلغيت عام 2010 على أساس مصطلح «الهوية الوطنية».
ويضيف بيرينو «من الصعب جداً تحديد موقف ماكرون من هذا الموضوع»، متابعاً «في عام 2017، كان معظم المقترعين له من اليسار، أما اليوم فهو في خط اليمين بالأحرى. نعلم أنه تحرك لكن نجهل نقطة وصوله».
في اليسار، جان - لوك ميلانشون هو الوحيد الذي يشارك في النقاش التاريخي. وقد انتقد «الروح الاستعمارية» للسلطات الفرنسية خلال زيارة له في ديسمبر (كانون الأول) إلى جزيرة غوادلوب الفرنسية في منطقة البحر الكاريبي حيث حصلت أعمال عنف ضد القيود الصحية المضادة لتفشي «كوفيد - 19».



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.