بعد قرار الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد تعليق سلطات رئيس الوزراء ونشر قوات أمنية حول مكتبه، أمر رئيس الوزراء أمس (الاثنين)، جميع قوات الأمن بتلقي الأوامر منه مباشرة، متهماً الرئيس بتدبير محاولة انقلاب مع تصاعد الخلاف السياسي بين الزعيمين. وقال رئيس الوزراء محمد حسين روبلي في بيان نُشر على صفحة وكالة الأنباء الصومالية الحكومية على «فيسبوك»، إن الخطوات التي اتخذها «الرئيس السابق» محاولة انقلاب على الحكومة وانتهاك للدستور. ووصف نائب وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن يوسف عمر أمس، قرار الرئيس محمد تعليق سلطات رئيس الوزراء بأنه «انقلاب غير مباشر». وأضاف أن انتشار قوات الأمن حول مكتب رئيس الوزراء محمد حسين روبلي لن يمنعه من أداء مهامه. وقال عبر منشور على موقع «فيسبوك»: «ما جرى هذا الصباح هو انقلاب غير مباشر، لكنه لن ينتصر».
وفي واشنطن، انتقد كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش من وصفهم بالزعماء الصوماليين «الانانيين الذين يصعدون من ازمة البلاد السياسية والأمنية ويستعملون القوى لغايات سياسية». ودعا ريش في تغريدة على تويتر القادة الصوماليين لوقف «الصراع العنيف وحماية الديموقراطية الهشة في الصومال من خلال انهاء مسار انتخابي تشوبه الاخطاء لكنه ضروري من دون اي تأخير.»
من ناحيته دعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الديمقراطي غريغوري ميكس الزعماء الصوماليين الى ضبط النفس ووقف التصعيد في مقديشو والعمل لتحقيق تقدم سياسي بسلام واستقراره وغرد ميكس معلقاً على الاحداث الاخيرة: «الشعب الصومالي يستحق افضل من ذلك
وكان الرئيس الصومالي قد أعلن تعليق مهام رئيس الوزراء غداة خلاف علني حول تنظيم انتخابات طال انتظارها في هذا البلد غير المستقر بمنطقة القرن الأفريقي. وصرح مكتب الرئيس في بيان: «قرّر الرئيس تعليق سلطات رئيس الوزراء محمد حسين روبلي ووضع حد لصلاحياته بسبب ضلوعه في الفساد»، متهماً روبلي بالتدخل في تحقيق حول قضية تتعلق بمصادرة أراضٍ. وغالباً ما تدور خلافات بين الرئيس المعروف باسم فارماجو ورئيس وزرائه. واتهم روبلي الأحد، الرئيس بتقويض العملية الانتخابية، بعدما أعلن فارماجو سحب تكليف رئيس الحكومة بتنظيم الانتخابات التي أثار إرجاؤها أزمة مؤسساتية خطيرة. ورد روبلي باتهام رئيس الجمهورية بالسعي «إلى الاستيلاء على سلطة رئيس الوزراء بالقوة بما يخالف الدستور وقانون البلاد». وجاء في بيان صادر عن مكتب روبلي، أن «رئيس الوزراء (...) مصمم على عدم تراجعه عن أداء واجباته تجاه الأمة من أجل قيادة البلاد إلى انتخابات تمهيداً لانتقال سلمي للسلطة». وأشار إلى أن رئيس البلاد لا يريد تنظيم «انتخابات ذات مصداقية» في الصومال. ومساء السبت، قال فارماجو في بيان، إن «رئيس الوزراء فشل في أداء واجبه؛ إجراء انتخابات على أساس اتفاق 17 سبتمبر (أيلول) 2020» الموقع منذ أكثر من 15 شهراً، وكان يفترض أن يستخدم كخط توجيهي للاقتراع. ودعا الرئيس إلى عقد مؤتمر تشاوري يجمع الحكومة الاتحادية والولايات الصومالية وسلطات العاصمة مقديشو لاختيار «قيادة كفؤة» تقوم بالعملية الانتخابية التي تشمل انتخاب أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في البرلمان، وكذلك رئيس الجمهورية. وفي بيان نشر الأحد، قال روبلي إنه «يشعر بخيبة أمل» إزاء بيان الرئيس. وأضاف: «هذا البيان يهدف عمداً إلى تقويض العملية الانتخابية في مرحلتها الحاسمة». وجاء هذا القرار بعد ساعات قليلة من إقالة رئيس مفوضية الانتخابات الذي اعترض عليه الرئيس.
وانتهت ولاية فارماجو الذي يتولى الحكم منذ 2017، في الثامن من فبراير (شباط) من دون أن يتمكن من الاتفاق مع القادة الإقليميين على تنظيم انتخابات في الصومال التي تتبنى نظاماً انتخابياً معقداً وغير مباشر. وأدى الإعلان في منتصف أبريل (نيسان)، عن تمديد ولايته لمدة عامين، إلى اشتباكات مسلحة في مقديشو. وفي بادرة تهدئة، كلف فارماجو روبلي تنظيم الانتخابات. لكن في الأشهر التي تلت، استمر التوتر بين الرجلين، وبلغت المواجهة بينهما أوجها في 16 سبتمبر (أيلول)، مع إعلان رئيس الدولة تعليق الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء الذي رفض القرار.
وتفاهم فارماجو وروبلي على وقف التوتر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، ووجها دعوة مشتركة لتسريع العملية الانتخابية. وانتهت انتخابات مجلس الشيوخ في جميع الولايات باستثناء غالمودوغ، وبدأ التصويت مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) لمجلس النواب. لكن اختيار رئيس بعد نحو عشرة أشهر على انتهاء ولاية فارماجو لا يزال بعيداً. والأحد، قالت الولايات المتحدة إنها «تشعر بقلق عميق إزاء عمليات التأخير المستمرة والمخالفات الإجرائية التي تقوض صدقية العملية الانتخابية». ويعتقد مراقبون أن أزمة رئيس الدولة والمأزق الانتخابي يصرفان الانتباه عن قضايا أكثر أهمية في الصومال مثل تمرد حركة الشباب المسلحة الذي يهز البلاد منذ عام 2007. ورغم طردهم من مقديشو بالقوة من قبل الاتحاد الأفريقي (أميصوم) في عام 2011، ما زال عناصر الحركة يسيطرون على مناطق ريفية شاسعة وينفذون هجمات بانتظام في العاصمة.
الرئيس الصومالي يعلّق مهام رئيس الوزراء... واتهامات بـ «انقلاب»
الرئيس الصومالي يعلّق مهام رئيس الوزراء... واتهامات بـ «انقلاب»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة