معارضو «حزب الله» يبلورون تحالفات لرفع مستوى تمثيلهم في البقاع الشمالي

TT

معارضو «حزب الله» يبلورون تحالفات لرفع مستوى تمثيلهم في البقاع الشمالي

لم تتشكل بعد خريطة تحالفات حاسمة للمعارضة في منطقتي بعلبك والهرمل في شرق لبنان، وهي منطقة نفوذ «حزب الله» وحلفائه، رغم الاتصالات واللقاءات الحثيثة بين مكونات المنطقة السياسية لخوض مواجهة انتخابية ضد تحالفات الحزب، تحاكي حالة الاعتراض الشعبي في المحافظة على قوى السلطة التقليدية برمتها، وتراهن جميعها على تحالفات مع العائلات والعشائر التي يعد صوتها الأكثر تأثيراً في العملية الانتخابية.
ويمثل المحافظة 10 نواب، ستة منهم شيعة وسنيان وماروني وكاثوليكي، ويتمثل «حزب الله» وحلفاؤه بثمانية نواب في المحافظة، هم ستة من الشيعة وسني وكاثوليكي، وهو الرقم الذي يسعى الحزب لزيادته إلى 9 نواب، فيما يسعى المعارضون لتحقيق خرق لا يقل عن أربعة نواب.
وبغياب موقف حاسم لـ«تيار المستقبل» بخوض الانتخابات، يتصدر حزب «القوات اللبنانية» الحراك المعارض في المحافظة، خصوصاً في المناطق المسيحية، حيث أطلق الحزب ماكيناته الانتخابية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في القرى المؤيدة له وفي مراكز ثقل ناخبيه ومؤيديه في مناطق وقرى دير الأحمر والبقاع الشمالي ورأس بعلبك والقاع، بالتزامن مع زحلة وبعض قرى البقاع الغربي.
وانطلقت هذه الماكينات بالتزامن مع إطلاق الثنائي الشيعي لماكيناته الانتخابية، وقالت مصادر معارضة في البقاع الشمالي لـ«الشرق الأوسط»، «يسعى (القوات اللبنانية) و(حركة سوا) السنية المعارضة معاً، لاستمالة أوجه جديدة لمرشحين وازنين من الطائفتين الشيعية والسنية ممن اكتسبوا حضوراً شعبياً من خلال مشاركتهم الفاعلة والوازنة في حراك 17 أكتوبر 2019».
وقالت المصادر إن تلك التحركات «تجري في ظل غياب كلي لـ(تيار المستقبل)»، وهو التيار الأقوى شعبياً بين المقترعين السنة، والفاعل فيها كون الناخب السني هو الأقوى وله الكلمة الفصل في رفد لوائح المعارضة بالأصوات، بانتظار كلمة السر لترتيب الأمور وتنظيم التحالفات. وقالت إن «الغموض والفراغ اللذين تركهما غياب الرئيس السابق سعد الحريري أنتج ارتباكاً في المشهد، وتركه غير محسوم حتى الآن».
وتسعى التكتلات المعارضة لمحاكاة حالة الاعتراض الشعبي المتنامية في محافظة بعلبك الهرمل على قوى السلطة التقليدية برمتها، وقالت المصادر «إنها تتطلع إلى بدائل تمثيلية في مسعى منها لقلب الطاولة في الاستحقاق المقبل نتيجة الأوضاع المتدحرجة مالياً واقتصادياً وصحياً وتربوياً بعدما أصبحت في قعر الهاوية»، لافتة إلى أن «الناس تتطلع نحو الخلاص في المناطق الأكثر فقراً، خصوصاً في بعلبك الهرمل، حيث لا تستطيع الناس تأمين ثمن الدواء أو توفير ثمن برميل مازوت مدعوم للتدفئة وزعه (حزب الله) بمبلغ مليونين و500 ألف ليرة للبرميل الواحد»، أي بنحو 90 دولاراً.
وفي المقابل، سجلت تحركات لافتة للماكينات الانتخابية التابعة لـ«حزب الله» بشكل متسارع، تتنقل بين المدن والقرى، وذلك بعد شهرين على إطلاقها، من أجل ترتيب وتنظيم المسائل التقنية والمتابعة لأدق التفاصيل. وأرفق ممثلو الحزب إجراءاتهم وتحركاتهم اللوجيستية بسلسلة لقاءات وسهرات لبعض من كوادره مع فعاليات في عدد من قرى ومدن البقاع المعروفة الولاء للثنائي الشيعي.
وقالت مصادر مواكبة لتلك الاجتماعات إن «الهدف من عقدها تحت إطار سياسي، يتمثل في نقل وجهة نظر الحزب لرفع مستوى التأييد الشعبي وشد العصب السياسي والانتخابي». وقالت إن الحزب لا يسعى للحفاظ على تمثيله بثمانية نواب فحسب، بل يطمح لزيادة هذا التمثيل بنائب على الأقل، مستفيداً من تشرذم الصوت السني في ظل غياب المرجعية السنية الأبرز لـ«تيار المستقبل» الذي لم يحسم خياراته بعد، علماً بأن «المستقبل» يمثل ثقلاً بالصوت السني في شرق لبنان.
وفي مقابل تلك التحضيرات، تسعى مجموعات يسارية من أحزاب اليسار التقليدي اللبناني التي شاركت في الحراك الشعبي، إلى تشكيل لائحة من صفوف ناشطيها بالتحالف مع قوى مدنية أخرى.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.