عاصفة «الدولار السياسي» في لبنان تهدأ... والأسواق تترقب التحركات الحكومية

مصرفي يحضّ على أولوية مواكبة صندوق النقد الدولي

TT

عاصفة «الدولار السياسي» في لبنان تهدأ... والأسواق تترقب التحركات الحكومية

هدأت نسبياً العاصفة السياسية التي أعقبت قرار السلطة النقدية برفع قيمة السحوبات من الودائع المصرفية بالدولار الأميركي إلى 8 آلاف ليرة، أي ضعف السعر المعتمد عند مستوى 3900 ليرة، إذ أظهرت الاستطلاعات الأولية إقبالاً من المدخرين على التصريف من دون تسجيل تقلبات حادة في سعر الدولار الذي حافظ على هوامش تحركه بين 25 و26 ألف ليرة في الأسواق الموازية.
ورصد مراقبون ومحللون وجود تغطية سياسية وازنة، ولو من غير إشهار، من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لمبادرة حاكمية البنك المركزي إلى التصحيح الجزئي لحجم الخسائر اللاحقة بالودائع بالدولار التي تشكل نحو 80 في المائة من إجمالي المدخرات في الجهاز المصرفي، بحيث يتقلص الاقتطاع عند تنفيذ السحوبات من 85 في المائة سابقاً إلى نحو 69 في المائة بموجب سعر صرف الليرة في الأسواق الموازية، فيما تعاني المدخرات بالعملة الوطنية والبالغة نحو 31 مليار دولار بالسعر الرسمي، وفي طليعتها توظيفات عائدة لصندوق الضمان الاجتماعي، من خسائر فعلية تصل نسبتها إلى 94 في المائة.
وفي ظل تعذر انعقاد مجلس الوزراء للأسباب التي تتعلق بالخلاف عل سير التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، يشير مدير عام «فرست ناشونال بنك» نجيب سمعان إلى تعقيدات إدارة السيولة في ظل الانهيارات النقدية والمالية التي تعانيها البلاد على مدى 25 شهراً متواصلاً وحتى من دون محطات استراحة، علماً بأن المشكلة زادت تعقيداً بفعل الأنفاق الهائل على سياسات الدعم التي فرضتها السلطات ونضوب الاحتياطات الحرة من العملات الصعبة خارج التوظيفات الإلزامية للبنوك، كذلك بنتيجة التأخير المتمادي في استئناف المفاوضات وانضاجها لعقد اتفاق برنامج تمويلي طارئ مع إدارة صندوق النقد الدولي.
ويشير سمعان في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى أولوية ملاقاة الاستعدادات الطيبة للانتقال من صيغة المحادثات إلى استحقاق استئناف المفاوضات المباشرة بين الفريقين، والتي تبلغها المسؤولون على أعلى المستويات من مديرين كبار في الصندوق ومن الفريق المكلف بالملف اللبناني. وأكد أن «المعالجات الجزئية ستظل محدودة الفاعلية ما لم تقترن بخطة إنقاذ وإصلاحات هيكلية متكاملة تحظى بدعم الصندوق وتمويله المنشود وتفتح الأبواب الموصدة أمام تدفق المعونات والقروض الميسرة من المانحين الخارجيين، دولا ومؤسسات، كما يمكن البناء على تقديمها لإحياء التعهدات الواردة في مؤتمر «سيدر» ضمن سياق المبادرات الفرنسية».
ومن المرتقب بحسب أجواء الفريق الاقتصادي الذي يرأسه نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، حصول تقدم نوعي في إدارة ملف المفاوضات مع إدارة الصندوق خلال النصف الأول من الشهر المقبل، تبعاً للتقدم المحقق في النقطة المحورية لخطة الإنقاذ والمتعلقة بتحديد حجم الفجوة المالية التي تعانيها البلاد، كونها المنطلق الأساسي لتحديد المسؤوليات وصوغ خطط الاحتواء ومداها الزمني، علماً بأن الإشارات المتقاطعة وشبه المؤكدة تشي بأن الرقم النهائي سيرسو على نحو 65 مليار دولار.
وبحسب معلومات مواكبة، يعتقد سمعان أن التوجهات المعلنة لتوزيع أعباء الخسائر بين ثلاثي الدولة والبنك المركزي والجهاز المصرفي مع الحرص على خفض الأحمال ما أمكن عن المودعين في البنوك، «يمثل تطوراً واعداً في منهجية المعالجة المنشودة بخلاف ما سعت إليه الخطة السابقة قبل تعليق جولات التفاوض مع إدارة الصندوق»، والتي احتوت حينها على شبه تنصل تام للدولة عن مسؤولياتها في إدارة ديونها و«شيطنة» السلطة النقدية والجهاز المصرفي مع تحميلهما مجمل الخسائر التي تم تقديرها بنحو 241 تريليون ليرة بسعر افتراضي للدولار يبلغ نحو 3500 ليرة.
وريثما يتم تحديد نسبة الأعباء التي ستلقى على عاتق المودعين، يلفت سمعان إلى أهمية الحماية التامة للودائع الصغيرة والمتوسطة، وهو الأمر الذي تعهد به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من دون تحديد نهائي من قبله لهذه الشرائح.
وتغطي التدابير النقدية المؤقتة، وفقاً لمدير عام البنك، الفراغ الناتج عن تعثر الحلول السياسية والتأخير بعقد اتفاق التمويل مع صندوق النقد، كما أنها تلبي، وحتى إشعار آخر، جانباً حيوياً من الحاجات المالية للمودعين في ظل الأزمات العاتية التي تشهدها البلاد.
وسبق هذا التدبير، صدور التعميم رقم 158 الذي بوشر بتطبيقه منتصف العام الحالي ويتيح لعشرات آلاف الحسابات تنفيذ سحوبات بمعدل 800 دولار شهرياً موزعة مناصفة بين الدولار النقدي والاستبدال بسعر 12 ألف ليرة للدولار، بينما تكفل تعديل التعميم رقم 151 بتنفيذ سحوبات موازية «لمن يرغب» بسعر 8 آلاف ليرة من كل الحسابات المحررة بالدولار.
ومن الضروري، وفقاً للمسؤول المصرفي، أن تتماهى هذه المعالجات الجزئية مع ضرورات التحكم بنمو الكتلة النقدية وتأثيرها على نسبة التضخم، وهو ما اقتضى الحفاظ على سقوف محددة للسحوبات بحيث لا تتخطى ثلاثة آلاف دولار شهرياً، ما يعني عملياً أنه لن يتم ضخ كميات إضافية وكبيرة من النقد الوطني في الأسواق، بحيث تتحول إلى عامل ضغط إضافي للطلب على الدولار والتسبب تلقائياً بدفع سعر الليرة إلى الانخفاض.



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».