لماذا تعمل كوريا الجنوبية على «تقليص التواصل البشري» بالمجتمع؟

روبوت يقوم بقياس درجة حرارة موظفة في كوريا الجنوبية (رويترز)
روبوت يقوم بقياس درجة حرارة موظفة في كوريا الجنوبية (رويترز)
TT

لماذا تعمل كوريا الجنوبية على «تقليص التواصل البشري» بالمجتمع؟

روبوت يقوم بقياس درجة حرارة موظفة في كوريا الجنوبية (رويترز)
روبوت يقوم بقياس درجة حرارة موظفة في كوريا الجنوبية (رويترز)

بالنسبة للخريج المقيم في سيول، لي سو بن، لم يكن الانتقال إلى نمط حياة جديد في أثناء وباء «كورونا» مشكلة كبيرة.
يقول الشاب البالغ من العمر 25 عاماً: «في مكتبة الجامعة، كنت أحجز كتبي عبر الإنترنت، والتي يتم تعقيمها بعد ذلك قبل تسليمها... نظرية تقليص التواصل جعلت الكثير من جوانب الحياة مريحة للغاية»، وفقاً لتقرير لصحيفة «الغارديان».
وتم طرح فكرة «تقليص التواصل» بين أفراد المجتمع في عام 2020، وهي سياسة حكومية كورية جنوبية تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي عن طريق إزالة طبقات التفاعل البشري من المجتمع. لقد تسارعت وتيرتها خلال الوباء وتتوسع بسرعة عبر القطاعات من الرعاية الصحية إلى الأعمال التجارية والترفيه.
تم تصميم الفكرة لإنشاء خدمات لا تلامسية لزيادة الإنتاجية وتقليص البيروقراطية، ولكنها أدت أيضاً إلى إثارة المخاوف بشأن العواقب الاجتماعية المحتملة.
يقول تشوي جونغ ريول، أستاذ علم الاجتماع بجامعة كيميونغ، إنه على الرغم من وجود مزايا لتطوير مجتمع قليل التواصل، فإن ذلك يهدد أيضاً التضامن الاجتماعي وقد ينتهي بعزل الأفراد.
يقول تشوي: «إذا فقد المزيد من الناس الشعور بالاتصال بسبب نقص التفاعل وجهاً لوجه، سيواجه المجتمع أزمة أساسية».

* من الروبوتات إلى «ميتافيرس»
في الحياة اليومية، أصبحت التغييرات الصغيرة الناتجة عن عدم التواصل ملحوظة بشكل متزايد.
تعمل الروبوتات على تحضير القهوة وإحضار المشروبات إلى طاولات المقاهي. يمكن لذراع آلية تحضير البطاطس والدجاج بإتقان. في أحد مستشفيات البلاد، يقوم كيمي -وهو روبوت يعمل بتقنية «5 جي»- برش معقم لليدين، وفحص درجة حرارة الجسم، ومراقبة التباعد الاجتماعي، وحتى إخبار الأشخاص بضرورة ارتداء الأقنعة.

وتزدهر المحلات التجارية غير المأهولة أو الهجينة. افتتحت شركة الهواتف الجوالة «إل جي» مؤخراً الكثير من المتاجر حيث يمكن للعملاء مقارنة الطرازات وتوقيع العقود وتسلم أحدث الهواتف الذكية دون الحاجة إلى التعامل مع شخص حقيقي.
والخدمات المدنية تتأثر أيضاً بالسياسة الجديدة. تخطط مدينة سيول لبناء «ميتافيرس» -مساحة افتراضية حيث يمكن للمستخدمين التفاعل مع التمثيلات الرقمية للأشخاص والأشياء- وستقوم الصور الرمزية للموظفين العموميين بحل الشكاوى. أطلق الكثير من الحكومات المحلية روبوتات اتصال رقمية لمراقبة صحة أولئك الذين يعزلون أنفسهم. بالنسبة لمرضى «كورونا» الذين يتلقون علاجاً منزلياً، يراقب تطبيق حكومي أيضاً الحالة الصحية ويمنح الطبيب إمكانية التواصل عبر الفيديو.
ودخل عالَم موسيقى البوب الكوري أيضاً في «ميتافيرس». ينشئ المعجبون صوراً رمزية حيث يمكنهم «مقابلة» فنانيهم المفضلين في مساحة افتراضية وتلقي التوقيعات الافتراضية.

* دفعة اقتصادية
تعني كلمة «تقليص التواصل البشري» في كوريا الجنوبية الكثير، فهي تمثل محركاً اقتصاديا محتملاً للبلاد.
قال وزير الأعمال الصغيرة والشركات الناشئة في كوريا الجنوبية كوون تشيل سيونغ لصحيفة «الغارديان»: «لقد أظهرت الشركات التي تتّبع تقنيات عدم التواصل تأثيرات نمو أكبر من الشركات التي تعمل وجهاً لوجه في جذب الاستثمار وخلق الوظائف»، مشيراً إلى أن 12 من أصل 15 شركة «يونيكورن» كورية -شركات خاصة تقدَّر قيمتها بمليار دولار أميركي (750 مليون جنيه إسترليني) أو أكثر- استخدمت أساليب عدم التواصل البشري في الأعمال الأساسية.
يقول: «تمتلك كوريا الجنوبية بنية تحتية (اتصالات) قوية جداً في البلاد والكثير من الصناعات القائمة على تلك البنية التحتية»، مضيفاً أن تقليص التواصل هو جزء من اتجاه عالمي متزايد تسارع في ضوء الوباء.


مقالات ذات صلة

روبوتات أمنية في متاجر أميركية

علوم روبوتات أمنية في متاجر أميركية

روبوتات أمنية في متاجر أميركية

فوجئ زبائن متاجر «لويز» في فيلادلفيا بمشهدٍ غير متوقّع في مساحة ركن السيّارات الشهر الماضي، لروبوت بطول 1.5 متر، بيضاوي الشكل، يصدر أصواتاً غريبة وهو يتجوّل على الرصيف لتنفيذ مهمّته الأمنية. أطلق البعض عليه اسم «الروبوت النمّام» «snitchBOT». تشكّل روبوتات «كي 5» K5 المستقلة ذاتياً، الأمنية المخصصة للمساحات الخارجية، التي طوّرتها شركة «كنايت سكوب» الأمنية في وادي سيليكون، جزءاً من مشروع تجريبي «لتعزيز الأمن والسلامة في مواقعنا»، حسبما كشف لاري كوستيلّو، مدير التواصل المؤسساتي في «لويز».

يوميات الشرق «كلاب روبوتات» تنضم مرة أخرى لشرطة نيويورك

«كلاب روبوتات» تنضم مرة أخرى لشرطة نيويورك

كشف مسؤولو مدينة نيويورك النقاب، أمس (الثلاثاء)، عن 3 أجهزة جديدة عالية التقنية تابعة للشرطة، بما في ذلك كلب «روبوت»، سبق أن وصفه منتقدون بأنه «مخيف» عندما انضم لأول مرة إلى مجموعة من قوات الشرطة قبل عامين ونصف عام، قبل الاستغناء عنه فيما بعد. ووفقاً لوكالة أنباء «أسوشيتد برس»، فقد قال مفوض الشرطة كيشانت سيويل، خلال مؤتمر صحافي في «تايمز سكوير» حضره عمدة نيويورك إريك آدامز ومسؤولون آخرون، إنه بالإضافة إلى الكلب الروبوت الملقب بـ«ديغ دوغ Digidog»، فإن الأجهزة الجديدة تتضمن أيضاً جهاز تعقب «GPS» للسيارات المسروقة وروبوتاً أمنياً مخروطي الشكل. وقال العمدة إريك آدامز، وهو ديمقراطي وضابط شرطة سابق

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق دراسة: الأحكام الأخلاقية لـ«تشات جي بي تي» تؤثر على أفعال البشر

دراسة: الأحكام الأخلاقية لـ«تشات جي بي تي» تؤثر على أفعال البشر

كشفت دراسة لباحثين من جامعة «إنغولشتات» التقنية بألمانيا، نشرت الخميس في دورية «ساينتفيك ريبورتيز»، أن ردود الفعل البشرية على المعضلات الأخلاقية، يمكن أن تتأثر ببيانات مكتوبة بواسطة برنامج الدردشة الآلي للذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي». وسأل الفريق البحثي برئاسة سيباستيان كروغل، الأستاذ بكلية علوم الكومبيوتر بالجامعة، برنامج «تشات جي بي تي»، مرات عدة عما إذا كان من الصواب التضحية بحياة شخص واحد من أجل إنقاذ حياة خمسة آخرين، ووجدوا أن التطبيق أيد أحيانا التضحية بحياة واحد من أجل خمسة، وكان في أحيان أخرى ضدها، ولم يظهر انحيازاً محدداً تجاه هذا الموقف الأخلاقي. وطلب الباحثون بعد ذلك من 767 مشاركا

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «غوغل» تطلق «بارد»... منافسها الجديد في مجال الذكاء الاصطناعي

«غوغل» تطلق «بارد»... منافسها الجديد في مجال الذكاء الاصطناعي

سيتيح عملاق الإنترنت «غوغل» للمستخدمين الوصول إلى روبوت الدردشة بعد سنوات من التطوير الحذر، في استلحاق للظهور الأول لمنافستيها «أوبن إيه آي Open.A.I» و«مايكروسوفت Microsoft»، وفق تقرير نشرته اليوم صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية. لأكثر من ثلاثة أشهر، راقب المسؤولون التنفيذيون في «غوغل» مشروعات في «مايكروسوفت» وشركة ناشئة في سان فرنسيسكو تسمى «أوبن إيه آي» تعمل على تأجيج خيال الجمهور بقدرات الذكاء الاصطناعي. لكن اليوم (الثلاثاء)، لم تعد «غوغل» على الهامش، عندما أصدرت روبوت محادثة يسمى «بارد إيه آي Bard.A.I»، وقال مسؤولون تنفيذيون في «غوغل» إن روبوت الدردشة سيكون متاحاً لعدد محدود من المستخدمين

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الروبوتات قد تحسّن السلامة العقلية للبشر

الروبوتات قد تحسّن السلامة العقلية للبشر

كشفت دراسة حديثة عن أن الناس تربطهم علاقة شخصية أكثر بالروبوتات الشبيهة بالألعاب مقارنةً بالروبوتات الشبيهة بالبشر، حسب «سكاي نيوز». ووجد بحث أجراه فريق من جامعة كامبريدج أن الأشخاص الذين تفاعلوا مع الروبوتات التي تشبه الألعاب شعروا بتواصل أكبر مقارنةً بالروبوتات الشبيهة بالإنسان وأنه يمكن للروبوتات في مكان العمل تحسين الصحة العقلية فقط حال بدت صحيحة. وكان 26 موظفاً قد شاركوا في جلسات السلامة العقلية الأسبوعية التي يقودها الروبوت على مدار أربعة أسابيع. وفي حين تميزت الروبوتات بأصوات متطابقة وتعبيرات وجه ونصوص تستخدمها في أثناء الجلسات، فقد أثّر مظهرها الجسدي على كيفية تفاعل الناس معها ومدى فاع

«الشرق الأوسط» (لندن)

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
TT

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)

أثبتت دراسة بريطانية حديثة أن الضوضاء البشرية الناتجة عن حركة المرور يمكن أن تخفي التأثير الإيجابي لأصوات الطبيعة في تخفيف التوتر والقلق.

وأوضح الباحثون من جامعة غرب إنجلترا أن النتائج تؤكد أهمية أصوات الطبيعة، مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة الطبيعية، في تحسين الصحة النفسية؛ ما يوفر وسيلة فعّالة لتخفيف الضغط النفسي في البيئات الحضرية، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «بلوس وان».

وتسهم أصوات الطبيعة في خفض ضغط الدم ومعدلات ضربات القلب والتنفس، فضلاً عن تقليل التوتر والقلق الذي يتم الإبلاغ عنه ذاتياً، وفق نتائج أبحاث سابقة.

وعلى النقيض، تؤثر الأصوات البشرية، مثل ضوضاء المرور والطائرات، سلباً على الصحة النفسية والجسدية، حيث ترتبط بزيادة مستويات التوتر والقلق، وقد تؤدي إلى تراجع جودة النوم والشعور العام بالراحة.

وخلال الدراسة الجديدة، طلب الباحثون من 68 شخصاً الاستماع إلى مشاهد صوتية لمدة 3 دقائق لكل منها. تضمنت مشهداً طبيعياً مسجلاً عند شروق الشمس في منطقة ويست ساسكس بالمملكة المتحدة، احتوى على أصوات طبيعية تماماً مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة المحيطة، دون تدخل أي أصوات بشرية أو صناعية، فيما تضمن المشهد الآخر أصواتاً طبيعية مصحوبة بضوضاء مرور.

وتم تقييم الحالة المزاجية ومستويات التوتر والقلق لدى المشاركين قبل الاستماع وبعده باستخدام مقاييس ذاتية.

وأظهرت النتائج أن الاستماع إلى الأصوات الطبيعية فقط أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر والقلق، بالإضافة إلى تحسين المزاج.

بالمقابل، أدى إدخال ضوضاء المرور إلى تقليل الفوائد الإيجابية المرتبطة بالمشاهد الطبيعية، حيث ارتبط ذلك بارتفاع مستويات التوتر والقلق.

وبناءً على النتائج، أكد الباحثون أن تقليل حدود السرعة المرورية في المناطق الحضرية يمكن أن يعزز الصحة النفسية للإنسان من خلال تقليل الضوضاء؛ ما يسمح بتجربة أصوات الطبيعة بشكل أفضل.

كما أشارت الدراسة إلى أهمية تصميم المدن بشكل يقلل من الضوضاء البشرية، ما يوفر للسكان فرصاً أكبر للتفاعل مع الطبيعة.

ونوه الفريق بأن هذه النتائج تفتح المجال لإعادة التفكير في كيفية تخطيط المدن بما يعزز التوازن بين التطور الحضري والحفاظ على البيئة الطبيعية، لتحقيق فوائد صحية ونفسية ملموسة للسكان.