رغم التوترات الكبيرة التي عاشها القطاع العقاري السعودي منذ إقرار رسوم الأراضي البيضاء قبل أقل من شهر، وانعكاسه على الطلب بشكل كبير وملحوظ لامس الثلث، بحسب تقديرات المؤشر العقاري الذي توقف عن العمل - أخيرا - فإنها لم تنعكس بشكل كبير على الأسعار التي ظلت صامدة إلى حد كبير حتى هذه اللحظة، على الرغم من ضخ ملايين الأمتار من المساحات البيضاء بعضها داخل المدن الكبرى.
وأكد عدد من العقاريين أن الأمر يوحي بوجود وثيقة بين العقاريين للحفاظ على الأسعار هادئة رغم كميات العرض المهولة، مما يعكس الحال الموجودة في السوق التي لم تلامس الانخفاض حتى 5 في المائة، إلا أن ثلة من العقاريين أكدوا أن المقياس الحقيقي لنتيجة القرار هو عند طرحه حيز التنفيذ، إضافة إلى عدم وجود مقياس يحدد حتى الآن قيمة الرسوم، الأمر الذي سيكشف القطاع العقاري ويحدد نسبة تجاوبه مع القرار، مما يلخص حالة السوق بوجود ضخ كبير من العرض مقابل انخفاض في الطلب بانتظار تطبيق الرسوم عمليا، الذي من المنتظر أن يكون له تأثير كبير على حال السوق.
أكد ذلك محمد السعيدان، وهو مستثمر عقاري، وأوضح أن «القطاع العقاري خلال أقل من شهر وبالتحديد منذ إقرار رسوم الأراضي البيضاء، وهو بحالة غير مفهومة، حيث تم ضخ ملايين الأمتار وتسييل كثير من العقارات التي قد تتأثر تباعا من تأثر قيمة الأراضي مستقبلا، حيث يلاحظ أن السوق العقارية تنشط من ناحية العرض إلى مستويات كبيرة بشتى أفرعها، عدا التجاري الذي ظل نشطا طوال العام، مما يعني وجوب انخفاض في القيمة، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى هذه اللحظة أو حدث على استحياء وبنسب بسيطة».
وحول رؤيته للقطاع العقاري خلال السنة الحالية، أشار إلى أن «إقرار الرسوم على أرض الواقع هو المعيار الأساسي لقياس حال السوق بعيدا عن التكهنات التي انتشرت وأحدثت تشويشا على السوق»؛ إذ يؤكد أن «السوق لا تزال حرة طليقة لا يقيدها شيء، ومقولة أن القطاع العقاري تأثر بفرض القرار، فهذا أمر سابق لأوانه، وينتظر أن يطبق القرار فعليا، عندها سيتفاجأ الجميع من تبعات القرار التي ستحدث انخفاضا كبيرا في الأسعار»، موضحا أن «الانخفاض سيشمل الأفرع العقارية الأخرى مثل نشاط الشقق ومبيعات الفيلات، وسيكون ذا تأثير محدود على أسعار الإيجار».
وكان قرار فرض رسوم على الأراضي الساكنة قد أثار جدلا واسعا في القطاع العقاري السعودي حول تأثيره على السوق، إلا أن المؤشرات الأولية أوضحت أن القرار دفع بكثير من الملاك لتسييل ملايين الأمتار من الأراضي تجنبا لدفع الرسوم التي لم يعلن مقدارها بعد، كما أن دخول وزارة الإسكان على الخط بدعم كثير من القرارات التي ترى أنها ستؤثر على السيطرة على الأسعار، كان إيجابيا ومتوازيا مع ما تقوم به من مشروعات تنموية لسد العجز الكبير الحاصل في تملك الوحدات السكنية للمواطنين.
وفي صلب الموضوع، أبان عبد اللطيف العبد اللطيف، الذي يدير كثيرا من المشروعات العقارية، أن «الانخفاض آت لا محالة، بدليل الارتفاع الكبير في العرض الذي شهده القطاع خلال الأيام الماضية، وبالتحديد فور صدور القرار»، حيث أكد أن «هناك عروضا سجلت خلال الفترة الأخيرة لم تبلغها السوق منذ سنوات طويلة، مما يعكس تخوفا حقيقيا لدى المستثمرين، وقد يجري إغراق السوق بالمعروضات التي تزيد على مئات الملايين من الأمتار التي كانت محتكرة منذ عهد طويل، مما يعني أن العرض سيزيد أضعاف ما هو عليه، الأمر الذي سينعكس لا محالة على الأسعار التي يحاول كبار المستثمرين الإيهام بأنها لم تتأثر، إلا أن الأيام المقبلة كفيلة بأن تظهر السوق على حقيقتها».
وأضاف: «هناك انخفاض محدود وعلى استحياء لم يعكس الحال الحقيقية للسوق؛ إذ إن الانخفاض حتى الآن لم يتجاوز في أفضل حالاته 5 في المائة، وهي نسبة مضللة إلى حد كبير وموضوعة ومتفق عليها بين كبار ملاك العقار للإيحاء بأن هذه هي رسوم القرار، إلا أن الواقع يقول إن الانخفاض المستحق لهذا القرار سيتجاوز الربع في أسوأ حالاته، إلا أن القرار وتنفيذه على أرض الواقع سيصدم الجميع، وعلى رأسهم العقاريون، الذين يرون أنهم يسيطرون على السوق، إلا أن القرارات الأخيرة تفقدهم السيطرة على القطاع»، متوقعا أن يخضع العقار لقانون العرض والطلب بالشكل الحقيقي خلال السنة الأولى من تطبيق القرار، حيث سيتسابق التجار إلى بيع ما يمتلكون حتى لا تحول عليهم الرسوم سنوات متتالية.
ومن المتوقع أن يضخ القرار عشرات الملايين من الأمتار التي كانت متوقفة منذ سنوات، الأمر الذي سيدفع بميزان العرض إلى تحقيق فائض كبير، مما ينعكس إيجابا على الأسعار. ولاقى القرار ترحيبا شعبيا كبيرا، جرى التعبير عنه في مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ إن توفير السكن من أولويات المواطنين الذين يعتبرون ملف الإسكان من أهم الملفات التي تواجههم في الحياة، إلا أن إقرار الرسوم كان حدثا غير اعتيادي على مسامع القطاع العقاري الذي وصل إلى مستويات جنونية من الارتفاع. ويعد هذا القرار، بحسب تأكيدات مهتمين بالشأن العقاري، أحد أهم القرارات التي شهدها القطاع عبر تاريخ السوق العقارية السعودية.
من جهته، أكد علي التميمي الذي يعمل مستشارا تطويريا لشركة عقارية، أن «عدم طرح آلية ونسبة أمر سلبي وإيجابي في آن واحد، فهو إيجابي من ناحية وضع التجار في مأزق، الأمر الذي دفعهم لتسييل ما يمتلكون، وذلك للتهيؤ لأسوأ السيناريوهات وعدم الإبقاء على ما يمتلكون لتخوفهم من إقرار نسبة كبيرة تفوق إمكاناتهم، وسلبي من ناحية تجنب المشترين أو المواطنين الدخول في عمليات الشراء لتوقعهم أن تحديد النسبة وفرض القرار على أرض الواقع سيحدث تأثيرا أكبر في انخفاض الأسعار، وهو جل ما ينشدونه، مما يعكس أن القطاع العقاري الآن يشهد ارتفاعا ملحوظا في العرض يقابله انخفاض في الطلب ونسبة صغيرة من انخفاض الأرباح».
وأشاد التميمي بـ«دور مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي وقف خلف بلورة نظام الرسوم الذي سيدفع بالقطاع إلى الانخفاض»، إلا أنه نوّه بـ«دور الرقابة التي يجب أن تكون حاضرة في السوق عبر وزارة الإسكان، وأن تعلم بأن مراقبة الأسعار وفرض القرارات المصيرية مهم للغاية لخفض الأسعار»، موضحا أنهم بصفتهم مستثمرين يتمنون «انخفاض الأسعار حتى تتضاعف عمليات البيع والشراء ويحققوا بذلك مكاسب أكبر، في الوقت الذي تشهد فيه السوق حركة ضعيفة لا تفي بالغرض ولا تلبي سوى احتياجات فئة معينة من الراغبين في تملك المساكن»، مؤكدا أن «القرار صعب للغاية، ولا يمكن للخبراء العقاريين أن يتنبأوا بعواقبه؛ سواء الإيجابية أو السلبية، إلا أن المعطيات حتى هذه اللحظة إيجابية إلى حد كبير».
وتوقع المهندس عباس هادي، عضو مجلس الشورى نائب وزير الإسكان السابق، أن تتراوح رسوم الأراضي البيضاء بين 10 و120 ريالاً للمتر المربع، حسب موقع الأرض داخل النطاق العمراني، لافتًا إلى أن وزارة الإسكان أوصت بمنح أصحاب الأراضي البيضاء فرصة قبل فرض الرسوم. وأضاف أن «التوصية التي جاءت ضمن آلية تنفيذ فرض الرسوم على الأراضي البيضاء التي رفعت بها (الإسكان)، تقضي بأن يمنح أصحاب الأراضي البيضاء فترة سماح لحل مشكلات أراضيهم بالبيع أو التطوير قبل البدء في تحصيل رسوم عليها».
صدى «رسوم الأراضي» في السعودية يتوسع ليصل إلى الفيلات والشقق.. وانخفاض طفيف في الأسعار
عقاريون: انخفاض أسعار الأراضي سينعكس على جميع الأفرع العقارية عدا التجارية
صدى «رسوم الأراضي» في السعودية يتوسع ليصل إلى الفيلات والشقق.. وانخفاض طفيف في الأسعار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة