اشتباكات عنيفة في مخيم اليرموك جنوب دمشق و«منظمة التحرير» ترفض الانجرار إلى عمل عسكري داخله

«داعش» اختطف 50 مدنيًا من ريف حماه الشرقي

فلسطيني بالزي العسكري يسير في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق أمس (إ.ب.أ)
فلسطيني بالزي العسكري يسير في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

اشتباكات عنيفة في مخيم اليرموك جنوب دمشق و«منظمة التحرير» ترفض الانجرار إلى عمل عسكري داخله

فلسطيني بالزي العسكري يسير في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق أمس (إ.ب.أ)
فلسطيني بالزي العسكري يسير في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق أمس (إ.ب.أ)

احتدمت الاشتباكات، يوم أمس (الجمعة) بين الفصائل الفلسطينية التي تحاول دحر عناصر «داعش» الذين سيطروا على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب العاصمة السورية دمشق قبل نحو 10 أيام. وفي المقابل، برز تراجع «منظمة التحرير الفلسطينية» عمّا أعلنه أحد قيادييها في وقت سابق عن «اتفاق» على عملية عسكرية بالتنسيق مع النظام السوري لإخراج التنظيم المتطرف من المخيم، مؤكدة رفضها الانجرار إلى أي عمل عسكري داخل المخيم «مهما كان نوعه».
ناشطون أفادوا، أمس، أن «قتالاً عنيفًا» اندلع صباح الجمعة في المخيم، وذكر خالد عبد المجيد، أمير سر تحالف القوى الفلسطينية، أن «المعارك احتدمت منذ الساعات الأولى من الصباح على حافة المخيم القريب من ضاحية الحجر الأسود حيث توجد بالفعل قواعد لـ«داعش». وأضاف عبد المجيد لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، أن قواتهم وصلت الآن إلى مركز المخيم «بعد حصر إرهابيي (داعش) في 35 في المائة فقط من المخيم». ومن جهة ثانية، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن القوات الحكومية قصفت مخيم اليرموك بالمدفعية، وأن «اشتباكات دارت بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر «داعش» من جهة أخرى داخل المخيم».
وبالتزامن مع ما سبق، أعلنت «منظمة التحرير الفلسطينية» رفضها فكرة المشاركة في المعارك داخل المخيم، مؤكدة في بيان تمسكها بـ«موقفها الدائم برفض زجّ شعبنا (الفلسطيني) ومخيماته في أتون الصراع الدائر في سوريا الشقيقة وبرفض أن تكون طرفا في صراع مسلح على أرض مخيم اليرموك».
وكان أحمد مجدلاني - وهو عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية والقيادي الأبرز في جبهة النضال الشعبي، وهو نشأ وترعرع في سوريا، قد أعلن الخميس الماضي عن «توافق» أبرز الفصائل الفلسطينية في مخيم اليرموك على عملية عسكرية «بالتنسيق مع النظام السوري» لإخراج تنظيم داعش من المخيم. ولكن، أمس، جاء في بيان «منظمة التحرير» تأكيد المنظمة رفضها الانجرار إلى أي «عمل عسكري مهما كان نوعه أو غطاؤه وتدعو إلى اللجوء إلى وسائل أخرى حقنًا لدماء شعبنا ومنعًا للمزيد من الخراب والتهجير لأبناء مخيم اليرموك».
وفي سياق منفصل، أعلن «المرصد» عن إقدام تنظيم «داعش» منذ أيام على اختطاف ما لا يقل عن 50 مواطنًا من ريف محافظة حماه الشرقي من المسلمين البدو السنّة ومن أبناء الطائفة الإسماعيلية، بعد الهجوم الذي نفذه التنظيم في 31 من شهر مارس (آذار) الماضي من العام الحالي على قرية المبعوجة التي يقطنها مواطنون من السنة والإسماعيليين والعلويين، وتقع في الريف الشرقي لمدينة سلمية، كبرى مراكز الإسماعيليين في سوريا.
ونقل «المرصد» عن مصادر مطلعة قولها إن من بين المختطفين 10 على الأقل من أبناء الطائفة الإسماعيلية، 8 منهم من عائلة واحدة، والاثنان الآخران من عائلة أخرى، أما الـ40 الآخرون فهم من البدو السنّة، الذين رفضوا موالاة «داعش»، من ضمنهم 19 على الأقل من عائلة واحدة. ولقد اختطفهم التنظيم واقتادهم إلى مناطق سيطرته بريف حماه الشرقي، دون توافر معلومات ما إذا كان قد نقلهم إلى مناطق أخرى يسيطر عليها في سوريا.
وأوضح مدير «المرصد»، رامي عبد الرحمن، أن «الخبر لم يعمم حتى الآن للحؤول دون عرقلة مفاوضات جارية من أجل الإفراج عن الرهائن، إلا أن هذه المفاوضات لم تؤد إلى نتيجة بعد». وأعرب عبد الرحمن عن خشيته من «سبي النساء» باعتبار أن بين المختطفين 15 امرأة. وكان «داعش» قد أعدم في مارس الماضي 37 مدنيا في المبعوجة، وبينهم طفلان، «بإحراقهم وقطع رؤوسهم أو إطلاق النار عليهم»، بحسب «المرصد».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.