احتفاء دولي بحفل افتتاح «الكباش» في الأقصر

إشادات بـ«الأناشيد الفرعونية» وأداء المطربين

جانب من حفل الافتتاح مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)
جانب من حفل الافتتاح مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)
TT

احتفاء دولي بحفل افتتاح «الكباش» في الأقصر

جانب من حفل الافتتاح مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)
جانب من حفل الافتتاح مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)

ليلة رائعة قضتها مدينة الأقصر (جنوب مصر) احتفالاً بافتتاح طريق الكباش الأثري، وإحياء عيد الأوبت المصري القديم، أعادت للمدينة السياحية التي تعد أكبر متحف مفتوح في العالم، بريقها، وسط إشادات من الصحافة العالمية وسفراء الدول الأجنبية بتنظيم الاحتفال، وتوقعات وطموحات أهالي الأقصر بأن «يشكل الحفل انطلاقة قوية للسياحة في المحافظة الجنوبية».
صفحة السفارة الأميركية بالقاهرة أعادت مشاركة البث المباشر للقناة الأولى المصرية من الحفل مع تعليق من نيكول شامبين، القائم بأعمال السفير الأميركي بالقاهرة، وجّه فيه التحية «لمنظمي الحفل الرائع في أحد أهم المواقع الحضارية العريقة في العالم»، على حد قوله. وقال إن «الولايات المتحدة بشراكتها مع مصر تهدف إلى الحفاظ على مواقع التراث العالمي وحمايتها للأجيال الحالية والمستقبلية، واستثمار أكثر من 100 مليون دولار أميركي، وتوفير وظائف حيوية لقطاع السياحة في البلاد»، بينما كتب الناطق الرسمي للاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تغريدة على «تويتر» قال فيها: «أتابع مثل الكثيرين حول العالم حفل افتتاح طريق الكباش الجديد، ألف مبروك لأم الدنيا مصر». وكتب سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة كريستيان برغر يقول: «تهانينا على هذا الحدث الرائع في الأقصر. صنع طريق الكباش متحفاً واسعاً مفتوحاً ومقصداً سياحياً». أما سفير كندا في القاهرة لويس دوما، فقد كتب على حسابه على «تويتر» تغريدة يشيد فيها بجمال الأقصر وعظمة الحضارة المصرية، ونشر صوراً خلال زيارته لوادي الملكات مصحوبة بتعليق يقول: «لا شيء يضاهي جمال وادي الملكات في الأقصر».
وأعاد السفير البريطاني في القاهرة غاريث بايلي، مشاركة تغريدة للدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي المصرية وجهت فيها التهنئة للدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري، على نجاح الحفل، مجدداً تهنئته للعناني. وقال بايلي: «أحسنت أنت وفريقك، الأقصر شهدت إعادة افتتاح طريق عمره 3400 عام، وهو طريق الكباش، ممتنّ لوجودي هنا، ومتأكد أن أعداد السياحة الإنجليزية ستتزايد عندما يشاهدون هذه الصور». بينما أعرب ميهاو وابيندا، سفير بولندا لدى القاهرة، عن انبهاره بحفل افتتاح طريق الكباش في الأقصر، مؤكداً أنه «شارك في حفل ساحر لإعادة افتتاح الطريق الأسطوري».
وتأمل مصر أن يسهم الحفل في تنشيط السياحة في المحافظة. ويقول طارق مرزوق، سائق تاكسي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأقصر شهدت رواجاً سياحياً في الفترة الأخيرة مع الاستعدادات للاحتفال، وستزيد السياحة خلال الفترة المقبلة»، معتبراً الاحتفال «بمثابة دعاية سياحية كبيرة لبلده». ويتفق معه بيشوي جميل، موظف من الأقصر، معرباً عن «سعادته وانبهاره بجمال الاحتفال». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «تابع الاحتفال من منزله واستمتع بالمناظر والمراكب الشراعية التي كانت تجوب الشوارع والنيل خلال الاحتفال».
عالمياً حظي الاحتفال باهتمام الصحافة والإعلام الغربي، فكتبت صحيفة «تايمز» البريطانية تقول إن «حفل افتتاح طريق الكباش نافس مواكب الفراعنة منذ 3500 عام». وأشادت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية بالحفل الذي أزاح الستار عن «طريق مقدس تصطف على جانبيه آلاف التماثيل كان ممراً لمواكب الآلهة قبل 3 آلاف عام». وقالت صحيفة «إلكوميرسيو» الإسبانية إن «مصر أبهرت العالم بافتتاح طريق الكباش، والذي يعد مشروعاً ضخماً سيحوّل مدينة الأقصر إلى متحف مفتوح يبهر الزائرين». وكتب موقع «بي بي سي» البريطاني تقريراً عنوانه «مصر تعيد افتتاح طريق الكباش الأثري في الأقصر بألعاب نارية وموكب عظيم»، أما وكالة «أسوشييتد برس» فكتبت أن «الطريق واحد من مشروعات الحكومة المصرية التي تسعى لإلقاء الضوء على كنوزها الأثرية».
وشارك الفنانون المصريون في الإشادة بالاحتفال فكتب الفنان آسر ياسين تغريدة قال فيها: «بلدي عظيمة... لا يمكنني التعبير عن مدى فخري بانتمائي لهذه البلد».
وبالفعل زاد الإقبال السياحي في الأقصر، على حد تعبير صلاح الماسخ، مدير معابد الكرنك، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعبد يشهد إقبالاً سياحياً في الفترة الأخيرة، حيث زاره أمس 4 آلاف سائح»، مشيداً بالاحتفال الذي تناقلته وسائل الإعلام المحلية والعالمية، مشيراً إلى أن «طريق الكباش من أكبر الطرق المقدسة التي شيّدتها حضارة قديمة للربط بين منطقتين مقدستين وتزيّنه بطريقة عبقرية وفريدة، وكان مخصصاً للاحتفالات والمواكب الدينية»، حيث سجلت مناظر الاحتفالات بعيد الأوبت تفصيلاً على جدران صالة الأربعة عشر عموداً بمعبد الأقصر الجدار الغربي والشرقي.
وتفقد رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، معابد الكرنك أمس، حيث التقط صوراً مع زوار المعبد. وحظيت الأغاني الفرعونية القديمة التي قدمتها هايدي موسى، وعز الأسطول، بإشادات واسعة من الجمهور الذي طلب معرفة معانيها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».