مفوضية الانتخابات في العراق... بين مطرقة الخاسرين وسندان الفائزين

الصدر يرفض التدخل في عملها ويؤكد سلامة أفرادها

TT

مفوضية الانتخابات في العراق... بين مطرقة الخاسرين وسندان الفائزين

بعد مرور أكثر من شهر على إجراء الانتخابات المبكرة في العراق، تجد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نفسها في وضع بالغ الصعوبة. فالآليات التي اتبعتها في إجراء الانتخابات، وفق القانون الجديد القائم على الدوائر المتعددة والفوز بأعلى الأصوات، حظيت بإشادات محلية وإقليمية ودولية، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي.
هذه الإشادات وضعتها القوى الخاسرة على الرف، وزحفت مع جماهيرها إلى بوابات المنطقة الخضراء حيث مقر المفوضية، ونصبت خيمها وأغلقت البوابات وبعض الطرق والجسور، وفي المقدمة منها أهم جسور بغداد، وهو الجسر المعلق. الاتهامات التي وجهت إلى المفوضية، سواء على صعيد الإسراع في إعلان النتائج الأولية أو التفاوت في نسب الفائزين والخاسرين، جعلتها هي الضحية الأولى لصراعات الكبار، حيث لا تزال منذ أكثر من شهر بين مطرقة الخاسرين وسندان الفائزين.
الفائزون، وفي مقدمتهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يرفض الاتهامات الموجهة للمفوضية، ويشيد بإجراءاتها، وهو ما يضعها في مواجهة مباشرة مع القوى الخاسرة، وفي مقدمتهم زعيم تحالف الفتح هادي العامري.
الصدر، في بيان له أمس، أعلن رفضه التدخل في عمل مفوضية الانتخابات والقضاء في البلاد، وذلك بعد ساعات من إعلان زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري تقديم ما وصفها بالأدلة إلى المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات. وقال الصدر: «إذ نعلن عن نزاهة عمل المفوضية المستقلة للانتخابات، ودقة مهنيتها في كل تفاصيل عملها، فإننا نرفض التدخل بعملها من جهة، ونؤكد على سلامة أفرادها والمنتمين لها من جهة أخرى».
وأضاف: «كما أننا ندين ونشجب كل الضغوطات السياسية والأمنية التي تتعرض لها المفوضية من أول يوم من عملها إلى يومنا هذا، بل إنني أقف إجلالاً واحتراماً لمواقفها المهنية النزيهة، ولا يسعني إلا أن أقدم الشكر لكل أعضائها، وأخص بالذكر منهم الأخ القاضي جليل عدنان خلف».
وشدد الصدر على أنه «لا ينبغي التدخل في عمل القضاء والمحكمة، وفي تصديقها على النتائج التي يريد البعض تغييرها ليمكنهم مجاراة (الكتلة الأكبر) ليتمكنوا من تعطيل (حكومة الأغلبية) التي استاءوا من بوادر تشكيلها».
ومن جهته، فإن العامري أعلن أن هناك «تغيراً فارقاً» في نتائج الانتخابات بعد إلغاء نتائج 18 في المائة من مراكز الاقتراع. وقال في تصريح له عقب استقباله رئيس الجبهة التركمانية حسن توران إن «قرارات الهيئة القضائية ببطلان بعض المحطات الانتخابية التي لم تغلق في التوقيت المحدد سيؤدي إلى بطلان أكثر من 6 آلاف محطة اقتراع».
وأضاف: «كما ألغي ما يقارب 4 آلاف محطة بسبب وجود بصمات متكررة، ما يعني أن 10 آلاف محطة سيتم إلغاء نتائجها، ما يشكل 18 في المائة من مجموع المحطات في العراق التي يبلغ عددها 55 ألف محطة».
وأوضح العامري أن «هذه الأرقام مؤثرة، ومن شأنها أن تحدث تغييراً فارقاً جذرياً في نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة».
وفي المقابل، أصدرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات توضيحاً جديداً حول مستجدات العملية الانتخابية المتعلقة بالطعون. وذكرت في بيان لها أنه «عرض على مجلس المفوضين آخر مستجدات العملية الانتخابية، بعد أن تم النظر بالطعون المرسلة إلى الهيئة القضائية للانتخابات كافة، البالغ عددها 1436 طعناً».
وأوضحت أنه «ورد توضيح جديد حول مستجدات العملية الانتخابية المتعلقة بالطعون، والقرارات الصادرة عن الهيئة التي تضمنت 1315 قراراً برد طعون المرشحين، ونقض 21 قراراً لمجلس المفوضين، منها 15 قراراً كان لأسباب إجرائية ترتب على أثرها إلزام المفوضية بإعادة العد والفرز اليدوي للمحطات المطعون بها، والبقية 6 قرارات كان قبول الطعن فيه لأسباب قانونية وفنية ترتب على أثرها إلغاء نتائج بعض مراكز الاقتراع».
ويرى الخبير القانوني فيصل ريكان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «نتائج العد والفرز الأخيرة، وكذلك الشكاوى والطعون التي قدمت أمام المفوضية، أظهرت أن تغييراً طفيفاً سوف يحدث في المقاعد البرلمانية، ومنها المستقلين»، مبيناً أن «القانون الذي أعطى صلاحية قبول الشكاوى والطعون هو القانون رقم 30 لسنة 2019، وكذلك القانون رقم 9 لسنة 2020، وهما حددا الجهات ذات العلاقة بعمليات العد والفرز اليدوي التي تسمح بقبول النظر في الطعون».
وأضاف أن «مفوضية الانتخابات من صلاحيتها قبول الشكاوى والطعون والرد عليها، لكن القرار النهائي يعود إلى الهيئة القضائية التي تعد هيئة تمييزية، باعتبار أن قراراتها باتة وقطعية».
وأشار ريكان إلى أن «العد والفرز الأخير سمح بتغيير اثنين من المستقلين، حيث ذهبت مقاعدهم إلى الأحزاب السياسية، وبالتالي فإنه تغيير نسبي لن يؤثر على الحجم الحقيقي للقوائم والكتل التي فازت في الانتخابات الأخيرة، وهو ما يعني أن مهام المفوضية ذات طبيعة فنية وإجرائية، وطبقاً للمعايير المعتمدة».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.