إيميه صيّاح لـ«الشرق الأوسط»: بيني وبين منى واصف حب من النظرة الأولى

«الهيبة» شكّل ضربة المعلّم لها بعد غياب

TT

إيميه صيّاح لـ«الشرق الأوسط»: بيني وبين منى واصف حب من النظرة الأولى

كالنسمة الناعمة تطالعك إيميه صيّاح في دورها سارة الذي تجسده في «الهيبة - جبل». عفويتها الطاغية على أدائها وارتياحها مع نفسها ينعكسان إيجاباً على مشاهدها. فهي استطاعت أن تضيف إلى هذا العمل في جزئه الخامس والأخير نكهة مميزة. فكانت آخر العنقود على لائحة البطلات اللاتي توالين على الإطلالة فيه.
«شكل لي هذا العمل العودة المناسبة بعد غياب عن الشاشة تجاوز السنوات الثلاث». تقول إيميه في حديث لـ«الشرق الأوسط». وتتابع: «وقع العمل بحد ذاته علي لم يكن يشبه أي شيء قبله. فإن أشارك في بطولة مسلسل يحقق نجاحاً واسعاً منذ موسمه الأول، ينتظره الناس في مختلف دول العالم العربي، شكل لي تحدياً. لقد تفانيت إلى آخر حدود في تجسيد الدور، أعطيته من صميم قلبي، سيما وأني كنت متحمسة لهذه العودة».
لم تخطط إيميه صيّاح لعودة مكللة بالنجاح سلفاً «التوقيت جاء في الزمن المناسب. ففي أمور كهذه لا نستطيع أن نتحكم بخيوطها، فإما تحصل أو لا، كونها تفرض نفسها عليك. المسؤولية كانت مضاعفة والمغامرة كانت حاضرة. التحدي كان صعباً وحلواً في الوقت نفسه، واستمتعت به إلى أقصى الدرجات».
تتحدث إيميه عن فترة غيابها عن الشاشة مؤكدة أنها غير نادمة بتاتاً. فهي قدمت من خلالها أمورها العائلية على غيرها من الأولويات في حياتها، «الاستراحة هذه كانت مفروضة علي من نواحٍ عدة تشمل فترة حملي بطفليّ، وانتشار الجائحة ومن ثم استقبالي لولدي التوأم والتفرغ لهما. كنت أعلم في قرارة نفسي أنني حاضرة للقيام بأي تضحية من أجل عائلتي الصغيرة، وواثقة في الوقت نفسه أن العمل والأضواء والشهرة من شأنها أن تذهب وتعود. أذكر جيداً ما ردده على مسمعي والدي في بداية مشواري عندما قال لي: (عليك أن تدركي جيداً أن هذا المجال الذي تدخلينه يتضمن طلعات ونزلات ولا يجب أن تكترثي لذلك). فأنا شغوفة بعملي ولم أدخله بهدف الشهرة، ولكن من باب إرضاء طموحاتي وأحلامي».
تؤكد الممثلة اللبنانية أنها خلال ابتعادها عن الساحة لم تتوقف عن تلقي عروض العمل. «كانت كثيفة ولكنني كنت قد اتخذت قراري بالتركيز على عائلتي. كنت أتابع كل جديد على الساحة، وفي الوقت نفسه أذكّر نفسي بأن هدفي الذي تفرغت له هو الأسمى. أنه بمثابة إيمان أمارسه دائماً في حياتي، كوني أسلم أموري دائماً لرب العالمين. فكنت واثقة أنني مثلما سبق وتلقيت العروض وشاركت في أعمال عديدة وأتيحت لي فرص، فالأمر يمكن أن أصادفه من جديد».
تجسد إيميه صيّاح في «الهيبة - جبل» دور الصحافية الاستقصائية، وتؤديه بتلقائية كبيرة تشعرك وكأنه شخصيتها الحقيقية: «منذ أن قرأت خطوط شخصية سارة التي أقدمها أحببتها، شعرت أنني أتفق معها في أمور كثيرة. إنها تشبهني في نقاط عديدة وبعيدة عني في أخرى. ولكن الجميل في هذه الشخصية تركيبتها المرتكزة على عدة وجوه وطبقات تغني الدور. والمشاهد يفاجأ على مر الحلقات بحقيقة طبيعتها، فيكتشفها الواحدة تلو الأخرى وكأنه يقلب صفحات كتاب. اشتغلت مع مخرج العمل سامر البرقاوي بدقة عليها كي نخرج تفاصيلها على المستوى المطلوب بحيث يواكبها حس الفضول لدى المشاهد كما الإثارة والأكشن. فأنا من الأشخاص الذين يعطون لأحاسيسهم المساحة الأكبر في العمل. وفي شخصية سارة براهيم جسدت هذه المشاعر، وأرفقتها بالمهمة المطلوبة منها. فهي صاحبة شخصية غير عادية لأنها صحافية استقصائية تبحث وتخاطر، تصغي وتراقب للوصول إلى الحقيقة التي تنشدها. كل هذ التفاصيل اشتغلت عليها، لأنها تشكل خلفية الشخصية التي أجسدها. وزيادة عن ذلك أضفت إليها إحساسي الطبيعي، فألفت خليطاً يليق بها».
لا تنكر إيميه صيّاح الصعوبة التي تواجها في التوفيق بين عملها وعائلتها. «أنا مستقرة في دبي مع زوجي، وكنت مصرة على ألا أبدأ أي عمل قبل أن أطمئن على عائلتي. كنت مأخوذة بشكل كبير بها، حتى أني لم يكن في استطاعتي أن أرد على الاتصالات الهاتفية التي تردني. رغم كل ذلك استطعت اليوم أن أجد التوازن الذي أصبو إليه. بالتأكيد لا يفارقني ولا مرة الشعور بالذنب عندما أكون غائبة عن أطفالي اضطرارياً. ولكني أعزّي نفسي بأن ما أقوم به له علاقة بهما أيضاً، وينعكس إيجاباً على مشواري. وطالما هناك زوجي السند الدائم الذي يدعمني ويحثني على تقديم الأفضل، أشعر بالراحة وأطمئن».
وعن الصعوبة التي لاقتها في دخولها عائلة «الهيبة»، المتحدة مع بعضها منذ 5 مواسم بحيث تؤلف مجتمعة عائلة حقيقية. ترد في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الأجواء جديدة علي من فريق عمل وممثلين، وكل الوقت كنت أحاول التعرف على كل شيء، وكأنها أول مرة بالنسبة لي. لفتتني طريقة العمل والألفة الموجودة بين الفريق. تعلمت واكتسبت خبرات جديدة، سيما وأن ممثلين رائدين يشاركون فيه. فمنى واصف أبهرتني بشخصيتها التي تطبعك لا شعورياً. كنت أنتظر اللحظات التي تجمعني بها بعيداً عن التصوير كي أغرف من خبراتها، ومن حكاياها التي تقصها علي. هناك قصة حب من أول نظرة ولدت بيني وبينها، ولا زلنا على اتصال دائم حتى اليوم. إنها قامة فنية كبيرة سعدت بالتعاون معها، وهي سيدة قريبة جداً إلى القلب ومتواضعة رغم تجربتها الكبيرة في عالم الدراما».
تشير إيميه صيّاح إلى أنه لا يوجد سقف محدد للمعرفة والعلم «ليس من المعقول أن يصل المرء إلى وقت يشعر فيه بأنه علاّمة، أو أنه اكتفى من الدروس والخبرات التي تطالعه. فأنا شخصياً أتعلم من أي حادثة وتجربة وشخصية تصادفني في عملي. وعندما دخلت عالم (الهيبة) كنت على يقين أن هناك دروساً جديدة سأكتسبها. فريق العمل احتضنني وأشعرني بسرعة أنني فرد من هذه العائلة. وأنا بطبيعتي أحب الناس واستحداث علاقات جيدة مع فريق العمل. فلا أدخل استوديوهات التصوير وأقوم بمهمتي وأمشي. بل أحب هذا التلاقي بين الجميع والعلاقة الوطيدة التي تنشأ خلال عمل ما». وماذا اكتشفت خلال تعرفك إلى أفراد عائلة «الهيبة»؟ تجيب: «إن كل منها يترك أثره عندك، كل ممثل لديه خصوصيته ومعالمه وشخصيته. والعلاقة مع هذا النوع من الناس تتعزز وتكبر، يوماً عن يوم خلال ممارسة العمل».
بقيت إيميه صيّاح على اطلاع على الساحة الفنية خلال غيابها ولو كان جزئياً وبجرعات قليلة، حتى أنها لم تتوقف عن ممارسة التمارين والتدريبات في التمثيل ولو عن بعد .«لم أستطع أن أتابع الكثير، ولكنني كنت أملك فكرة شاملة عما يحصل على الساحة. فالسوشيال ميديا تسهل عليك هذه المهمة، وتفرض المعرفة ولو بشكل مقتطفات ولقطات من أعمال درامية تعرض هنا وهناك. ولاحظت أن هناك نقلة نوعية رائعة، أسهمت بها المنصات الإلكترونية. فتجلت قدرات الممثل اللبناني بشكل ملحوظ، كما شرعت أمامه أبواباً كثيرة. سريعة كانت هذه النقلة ولكنها ضرورية في ظل شلل تام فرض علينا بسبب الجائحة. فالناس كانت تحتاج هذه المساحة لتتنفس الصعداء وترفه عن نفسها».
تعترف إيميه صيّاح أنها من محبي الشاشة الصغيرة ولها باع طويل معها، سيما وأنها إحدى نجمات عالم التقديم. فهي شاركت في غالبية برامج الغناء والهواة كما في «ذا فويس» و«ذا فويس كيدز». تركت شخصيتها أثرها على المشاهد الذي تعلق بإطلالتها واستساغها. «إنني من محبي الشاشة الصغيرة ولكن هذا لا يمنع من إدراكي بأن المنصات الإلكترونية هي الحاضر والمستقبل. ستبقى الشاشة الصغيرة موجودة بفضل محبيها، وهم من جيل معين لا يستطيعون الاستغناء عنها. ولكن المنصات هي الميديا الجديدة التي ستجتاح العالم في المستقبل القريب».
حالياً تصور إيميه صيّاح عملاً درامياً جديداً بعنوان «رقصة المطر»، إلى جانب ماكسيم خليل ومن إخراج جو بو عيد وإنتاج شركة الصباح. «الدور قلباً وقالباً جديد علي. فهو تطلب مني الجرأة حتى في تغيير شكلي الخارجي. ليس من نوع الأكشن بامتياز، فالرومانسية تطبعه أيضاً وهو من كتابة حازم صموعة».
تفتخر إيميه صيّاح بما حققته حتى اليوم، وتبدي سعادتها بالفرص التي قدمت لها ودفعتها إلى التعرف والالتقاء بأشخاص جدد. «هذه السعادة الداخلية تحييني وتزودني بطاقة إيجابية تريحني. من الجيد أن أعود بعد غياب في أعمال بهذا المستوى. فهي تسمح لي بالاحتفاظ بمشاعر الرضا عن نفسي».


مقالات ذات صلة

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».