انضمام «هيئة العلا» و«ندلب» و«منشآت» لبرنامج التعاون الصناعي في «كاوست»

البرنامج موّل أكثر من 180 مشروعاً

البروفيسور يورغن شميدهوبر مدير مبادرة كاوست للذكاء الصناعي
البروفيسور يورغن شميدهوبر مدير مبادرة كاوست للذكاء الصناعي
TT

انضمام «هيئة العلا» و«ندلب» و«منشآت» لبرنامج التعاون الصناعي في «كاوست»

البروفيسور يورغن شميدهوبر مدير مبادرة كاوست للذكاء الصناعي
البروفيسور يورغن شميدهوبر مدير مبادرة كاوست للذكاء الصناعي

رحبت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) بانضمام برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية «ندلب» و«منشآت» و«الهيئة الملكية لمحافظة العلا» لبرنامج التعاون الصناعي في كاوست (KICP) ليصبح إجمالي أعضاء البرنامج 25 عضواً.
تأسس برنامج التعاون الصناعي في كاوست عام 2009 لمساعدة الشركات على الاستفادة من الموارد البشرية والتقنية المتميزة في الجامعة وتحويل احتياجاتها إلى فرص، أثناء ابتكار المنتجات وتقنيات المستقبل. ويمكن لأعضاء البرنامج من خلال فرص البحث والتطوير مع كاوست الاستفادة من خبرات أعضاء هيئة التدريس والمواهب العالمية، وقدرات تسويق التقنية في الجامعة.
وعلى مدار الـ12 عاماً الماضية، مول أعضاء برنامج التعاون الصناعي في كاوست أكثر من 180 مشروعا بحثيا مع الجامعة تركز معظمها على حل قضايا الطاقة والمياه والبيئة والغذاء، وحديثاً في مجال الذكاء الصناعي والصحة الذكية وترجمة الابتكارات والبحوث المؤثرة للمنتجات.
وفي هذا السياق، أنشأت كاوست أخيراً، مبادرة الذكاء الصناعي التي جمعت أعضاء هيئة التدريس معاً ضمن مجموعة من مشاريع الذكاء الصناعي متعددة التخصصات في مجالات العلوم، والهندسة، والمعلوماتية الحيوية، والصحة الذكية، والروبوتات، والحوسبة المرئية. وهو ما بحثه اجتماع هذه العام، وأشاد به الأعضاء وأعربوا عن اهتمامهم بهذه المشاريع، بينما طرح المتحدثون الرئيسيون من الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الصناعي (سدايا)، وندلب، والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، فرصاً رئيسية في المملكة للاستفادة من تقنيات الذكاء الصناعي وتعليم الآلة والبيانات الضخمة. كما سلط أعضاء هيئة التدريس في كاوست الضوء على تقاطع الذكاء الصناعي والتقنيات الرقمية الأخرى في المجالات البحثية الأساسية في الجامعة.
وجرى خلال هذا الحدث مراسم تجديد اتفاقية الأبحاث الرئيسية بين كاوست وشركة بوينغ، عضو برنامج التعاون الصناعي في الجامعة منذ عام 2009، من أجل استكشاف مجالات التعاون البحثي فيما يتعلق بالذكاء الصناعي وتعليم الآلة.
تجدر الإشارة إلى أن بوينغ داعمة أساسية للأكاديميين في كاوست في عدة مبادرات سابقة للبحث والتطوير. وافتتحت عام 2014 مكتباً للبحث والتطوير لها في حرم الجامعة، لتسهيل الشراكة البحثية ودعم مبادرة الذكاء الصناعي الاستراتيجية في كاوست. بالإضافة إلى ذلك، تعاونت شركة بوينغ للأبحاث والتكنولوجيا (BR&T) مع كاوست في عدد من المشاريع البحثية الكبرى في مجالات المواد المتقدمة والاحتراق والطاقة الشمسية ومعالجة المياه الصناعية.
يقول أحمد عبد القادر جزار، رئيس شركة بوينغ السعودية: «نحن فخورون جداً بشراكتنا مع كاوست التي أصبحت مؤسسة بحثية من الطراز العالمي. وهدفنا هو تسهيل التعاون الصناعي المحلي والدولي أثناء العمل مع أعضاء هيئة التدريس والباحثين والطلبة في الجامعة».
فيما أكد خوان كامبل، مدير شركة بوينغ للأبحاث والتكنولوجيا في الشرق الأوسط أن الذكاء الصناعي أمر بالغ الأهمية لمستقبل العالم وأن تعاونهم مع كاوست يهدف لإلهام وتنمية بيئة بحثية متميزة تنهض بأبحاث الذكاء الصناعي، ويقول: «مكتبنا في كاوست هو مركز مهم نستطيع من خلاله التعاون مع شركاء البحث والاستفادة من النظام البيئي المتميز للأبحاث والابتكار في الجامعة».
والى جانب بوينغ، تضم قائمة أعضاء برنامج التعاون الصناعي في «كاوست» شركات عالمية رائدة ومتميزة على سبيل المثال لا الحصر: شركة أي بي أم، وهاليبيرتون، ولوكهيدمارتن، وشليمبيرغر ويوظف أكثر من 25 في المائة من خريجي كاوست بواسطة أعضاء البرنامج.
ويقول الرئيس التنفيذي لـ«ندلب»، المهندس سليمان المزروع، إن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية، هو برنامج مصمم لتحقيق رؤية 2030، و«يهدف لتحويل المملكة إلى قوة صناعية ومركز لوجيستي. وتعد «كاوست» شريكاً استراتيجياً لنا في هذه الرحلة من خلال تكريس أبحاثها التطبيقية وتقدمها التقني وخبراتها في بناء القدرات لتمكين القطاعات الرئيسية للبرنامج المتمثلة في الطاقة والتعدين والصناعة والخدمات اللوجيستية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».