اجتماع طارئ لمجلس الأمن غداً بشأن أزمة المهاجرين بين بولندا وبيلاروسيا

وارسو اتهمت مينسك بممارسة «إرهاب دولة»... واستعراض قوة روسي بقاذفات نووية

مهاجرون من الشرق الأوسط ودول أخرى يتجمعون حول نار مشتعلة للتدفئة على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا (أ.ب)
مهاجرون من الشرق الأوسط ودول أخرى يتجمعون حول نار مشتعلة للتدفئة على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا (أ.ب)
TT

اجتماع طارئ لمجلس الأمن غداً بشأن أزمة المهاجرين بين بولندا وبيلاروسيا

مهاجرون من الشرق الأوسط ودول أخرى يتجمعون حول نار مشتعلة للتدفئة على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا (أ.ب)
مهاجرون من الشرق الأوسط ودول أخرى يتجمعون حول نار مشتعلة للتدفئة على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا (أ.ب)

طلبت إستونيا وفرنسا وآيرلندا اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن الدولي بشأن أزمة المهاجرين على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، ومن المفترض أن يعقد الاجتماع ظهر غد الخميس.
وأوضحت المصادر لوكالة الصحافة الفرنسية أن الاجتماع سيُعقد خلف أبواب مغلقة، في وقت لا تزال التوترات تتصاعد بين بولندا وبيلاروسيا المدعومة من روسيا والتي اتهمتها وارسو الأربعاء بممارسة «إرهاب الدولة».
وتتزايد المخاوف بشأن مصير أكثر من ألفي مهاجر غالبيتهم من أكراد الشرق الأوسط، عالقين عند الحدود، في ظروف وصفتها الأمم المتحدة بأنها «لا تحتمل» مطالبة بتحرك لمعالجة الأمر.
ويتهم الأوروبيون منذ أسابيع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بتأجيج التوتر من خلال إصدار تأشيرات للمهاجرين وإحضارهم إلى الحدود انتقاما للعقوبات الأوروبية التي فرضت على بلده لقمعه حركة المعارضة بعد الانتخابات الرئاسية في 2020.
وقال رئيس الوزراء البولندي ماتوش مورافيتسكي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الذي يجري زيارة إلى وارسو: «ما نواجهه هنا، ويجب أن نكون واضحين، هو شكل من أشكال إرهاب الدولة».
من جهته قال ميشال إن عقوبات جديدة بحق بيلاروسيا «مطروحة على الطاولة»، وإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستبحث هذه المسألة الاثنين.
وفي هذا السياق، اتفق ممثلو دول الاتحاد الأوروبي الأربعاء على توسيع العقوبات المفروضة على بيلاروسيا لاستهداف النظام، على ما أفاد دبلوماسيون، في خطوة قانونية تمهد لموافقة وزراء خارجية الدول الـ27 على إضافة مجموعة من الأفراد والشركات على القائمة السوداء خلال اجتماعهم الاثنين المقبل.
كما تطرق ميشال إلى مسألة التمويل الأوروبي لمد سياج سعيا لمنع عبور المهاجرين، وهو ما تطالب به بولندا ودول أوروبية أخرى غير أن المفوضية ترفضه حتى الآن، فقال إنه «من الممكن قانونيا» أن يمول الاتحاد الأوروبي مثل هذه البنى التحتية.
ومنذ أشهر يسعى مهاجرون لعبور الحدود، إلا أن الأزمة تفاقمت مؤخرا بعدما حاول المئات الاثنين توحيد جهودهم لدخول بولندا مما دفع حرس الحدود البولنديين إلى التصدي لهم ودفعهم للتراجع.
واستحدث المهاجرون مخيما عند الحدود حيث يقيمون في خيم ويشعلون النار للتدفئة بعدما أن نصب حرس الحدود البولنديون أسلاكا شائكة عند حدود بلادهم.
وفي جنيف أعربت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه عن استيائها إزاء «وجود أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين متروكين في وضع يائس وسط درجات حرارة تقارب الصفر عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا».
وحضت الدول المعنية على «اتخاذ خطوات فورية لاحتواء التصعيد وإيجاد حل لهذا الوضع الذي لا يحتمل».
والأربعاء قال مسؤولون بولنديون إن محاولات عبور الحدود ازدادت في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، وإن مئات المهاجرين خرقوا الحدود قبل أن يلقى القبض عليهم وتتم إعادتهم.
وصرح وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتشاك للإذاعة أن «الوضع ليس هادئا». وقال إنه بعدما حاولت مجموعة كبيرة اقتحام الحدود الاثنين، تقوم مجموعات عدة صغيرة الأربعاء «بمهاجمة الحدود البولندية في أماكن عدة في وقت واحد».
وقالت وزارة الدفاع البولندية إن بيلاروسيا تستخدم الترهيب لدفع المهاجرين لخرق الحدود بعدما نشرت مقطعي فيديو على تويتر قالت إنهما يظهران رجلا بزي قوات نظامية يطلق النار من الجانب البيلاروسي.
وجاء في تغريدة لبلاشتشاك أن 15 ألف جندي تم نشرهم على طول الحدود لمؤازرة الشرطة وحرس الحدود «لحماية أرض بلادنا من هجوم نظام لوكاشنكو».
من جهتها اتهمت بيلاروسيا بولندا بخرق الأنظمة الدولية بمنعها دخول المهاجرين وبصدهم بالضرب وأعمال العنف.
وأغلقت الطرق المؤدية إلى الموقع أمام الصحافيين المستقلين. لكن في بلدة سوكولكا القريبة أفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية بأنهم شاهدوا دورية توقف السيارات وتفتشها بحثها عن مهاجرين، وكما ودوريات للجيش والشرطة تغادر البلدة.
واتهم الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة لوكاشنكو بافتعال هذه الأزمة ردا على العقوبات الغربية المفروضة على نظامه.
وذهبت بولندا أبعد من ذلك بتحميلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحليف الرئيسي لمينسك مسؤولية عن الأزمة. لكن الكرملين نفى الاتهامات ووصفها بأنها «غير مسؤولة وغير مقبولة».
ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأربعاء بوتين إلى «ممارسة نفوذه» لدى مينسك من أجل وضع حد لما اعتبرته استغلالا «غير إنساني» للمهاجرين، وذلك بعد دعوة أوروبية مماثلة.
وردت مينسك وموسكو على هذه الاتهامات بتحميل الغرب مسؤولية تدفق المهاجرين بسبب تدخلاته العسكرية في الشرق الأوسط.
وقال وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي خلال زيارة إلى موسكو إن الاتحاد الأوروبي تسبب بهذه الأزمة لاستخدامها ذريعة لفرض عقوبات جديدة على مينسك، داعيا إلى «رد فعل مشترك» مع روسيا، خلال زيارة لموسكو الأربعاء.
من جهته اتهم وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف المؤسسات الغربية بشن «حملة مناهضة لبيلاروسيا»، وقال إن مينسك وموسكو «عززتا تعاونهما بشكل فعال لمواجهة» هذه الحملة.
وفي استعراض للقوة أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قاذفتين روسيتين بقدرات نووية من نوع «تو - 22ام3» حلقتا في أجواء بيلاروسيا الأربعاء في إطار جهود التكامل العسكري بين البلدين.
وفي الأشهر الأخيرة سجلت محاولات عدة، نجح قسم منها، لعبور الحدود من بيلاروسيا إلى لاتفيا وليتوانيا وبولندا، الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
والثلاثاء صوت المشرعون الليتوانيون لصالح فرض حالة الطوارئ على طول الحدود مع بيلاروسيا، اعتبارا من منتصف الليل.
ولقي عشرة مهاجرين على الأقل مصرعهم في المنطقة منذ بداية الأزمة بينهم سبعة على الجانب البولندي من الحدود، حسب صحيفة «غازيتا فيبورتشا» اليومية البولندية.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، وقف عملياتها لإنقاذ المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط بسبب «القوانين والسياسات الإيطالية».

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».