مجلس حقوق الإنسان يدعو الجيش السوداني لإعادة السلطة للمدنيين

عيّن خبيراً لمراقبة الانتهاكات... والمهدي طالبت بإحالة الملف إلى «الجنائية الدولية»

الفريق أول عبد الفتاح البرهان يواجه ضغوطاً دولية وإقليمية لإعادة السلطة إلى المدنيين (أ.ف.ب)
الفريق أول عبد الفتاح البرهان يواجه ضغوطاً دولية وإقليمية لإعادة السلطة إلى المدنيين (أ.ف.ب)
TT

مجلس حقوق الإنسان يدعو الجيش السوداني لإعادة السلطة للمدنيين

الفريق أول عبد الفتاح البرهان يواجه ضغوطاً دولية وإقليمية لإعادة السلطة إلى المدنيين (أ.ف.ب)
الفريق أول عبد الفتاح البرهان يواجه ضغوطاً دولية وإقليمية لإعادة السلطة إلى المدنيين (أ.ف.ب)

دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في جلسة طارئة عقدها أمس، لبحث الوضع في السودان، إلى إعادة العمل بالحكم المدني، حسب الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس (آب) 2019، واتفاق جوبا للسلام الموقع أكتوبر (تشرين الأول) 2020، مديناً في الوقت نفسه و«بأشد العبارات الانقلاب العسكري» في السودان ضد حكومة عبد الله حمدوك.
واتخذ المجلس المؤلف من 47 عضواً الخطوة في جلسة طارئة في جنيف، وسيترتب عليها تكليف خبير بمراقبة الموقف على الأرض، ورفع تقرير مكتوب إلى المجلس بحلول جلسة منتصف 2022، وطالب المجلس الأممي بـ«عودة فورية» للحكومة المدنية في السودان. وندد بـ«التوقيف الظالم» لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وكذلك مسؤولين آخرين، مطالباً بأن يفرج العسكريون «فوراً» عن «كل الأفراد المعتقلين بشكل غير شرعي أو تعسفي».
وقال سيمون مانلي سفير بريطانيا أمام المجلس، «إننا نقف جنباً إلى جنب مع شعب السودان الجريء الذي تظاهر بالملايين في شوارع البلاد دفاعاً عن الديمقراطية والحقوق الأساسية». وقال السفير الفرنسي، «فيما ينتفض الشعب السوداني سلمياً ضد الانقلاب الذي يحاول كسر التحول الديمقراطي، توجه إليه المجموعة الدولية رسالة دعم قوية وتتعهد من خلال اعتماد هذا القرار بالإجماع السهر على عودة دولة القانون وإعادة الحكومة الانتقالية إلى السلطة واحترام حقوق الإنسان».
ودعا المجلس في القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة، إلى جانب دول أوروبية منها ألمانيا وبريطانيا، الجيش السوداني، إلى العودة إلى الحوار مع المسؤولين المدنيين «من دون تأثير ولا شروط مسبقة». وعبر عن قلقه من خروقات حقوق الإنسان التي يمارسها الجيش منذ تنفيذه الانقلاب، خصوصاً لجهة «استخدام القوة المفرطة التي أدت إلى قتل وإصابة متظاهرين سلميين». وشدد قرار المجلس على ضرورة احترام حقوق الإنسان وحماية حرية التعبير وحفظ حق التجمعات السلمية ورفع القيود المفروضة على الإنترنت وخدمات التواصل الاجتماعي والاتصال لضمان حقوق السودانيين بالوصول إلى المعلومات. وحث المجلس كذلك على محاسبة المسؤولين عن تنفيد انتهاكات حقوق الإنسان منذ الانقلاب.
وطلب المجلس من مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تعيين خبير في حقوق الإنسان خاص بالسودان، وظيفته مراقبة تطور وضع حقوق الإنسان هناك، بما في ذلك التأكد من مشاركة جميع فئات المجتمع المدني لإعادة العمل بالحكم المدني. ويتعين على الخبير الذي سيعينه المفوض السامي، تقديم تقرير للمجلس في جلسته المقبلة حول تطور وضع حقوق الإنسان في السودان، والانتهاكات التي حصلت خلال الانقلاب، إضافة إلى وضع الحوار بين الأطراف. وقرر المجلس أن يبقي على مهمة الخبير الذي يعينه المفوض السامي لغاية إعادة العمل بالحكومة المدنية.
وكانت مفوضة حقوق الإنسان ميشال باشيلي، قد تحدثت خلال الجلسة التي تبنى فيها المجلس القرار الخاص بالسودان، ووصفت الانقلاب العسكري بأنه «مقلق للغاية»، وبأنه يناقض العملية الانتقالية في البلاد والبيان الدستوري المتفق عليه. وأشارت إلى أن الانقلاب «أعاد للذاكرة الصفحة السوداء لتاريخ البلاد حين كان يتم خنق حريات التعبير وقمع حقوق الإنسان». وقالت بأن الجيش السوداني لجأ إلى استخدام «القوة غير المتوازية» لقمع المتظاهرين، وبأنه من الضروري وقف العمل بهذا الأسلوب «على الفور». وتحدثت عن تقارير «مزعجة للغاية» تلقتها عن «قمع تتعرض له ناشطات وعنف يمارس ضد النساء من بينهم طالبات نفذت السلطات العسكرية مداهمات على غرفهن في 25 أكتوبر، وتم ترهيبهن وضربهن ما تسبب بعدد من الإصابات».
وتحدثت باشيلي بإسهاب كذلك عن قمع الصحافة، ووقف بث قنوات ومحطات راديو، وإغلاق صحف، وتنفيذ مداهمات ضد مكاتب منظمات غير حكومية، إضافة إلى وقف الإنترنت منذ يوم الانقلاب في 25 أكتوبر ما «منع السكان من الوصول إلى المعلومات». وقالت سفيرة ألمانيا لدى الأمم المتحدة في جنيف كاترينا ستاش، إن القرار الذي شاركت ألمانيا والنرويج والولايات المتحدة في إعداده يمثل «خطوة مهمة لضمان المحاسبة على الانتهاكات التي ارتكبت لحقوق الإنسان».
كما تعهد المبعوث الأميركي روبرت رايلي، بأن تواصل الولايات المتحدة «جهودها بأقصى طاقتها» لدعم التطلعات الديمقراطية في السودان. وحضر الجلسة سفير السودان لدى الأمم المتحدة في جنيف علي بن أبي طالب عبد الرحمن محمود، ممثل الحكومة المخلوعة، وقال لـ«رويترز» على هامشها، إنه يؤيد القرار.
من جهتها، طالبت وزيرة خارجية السودان المقالة مريم الصادق المهدي، بإحالة «جريمة» الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقالت المهدي في كلمة مكتوبة لها موجهة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي يعقد جلسة خاصة حول السودان «إن اعتبار الانقلاب العسكري ضمن الجرائم التي تقع في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية... أمر يحتاج التفعيل بصورة عملية».
ورغم أن الجلسة المنعقدة في جنيف لم تبث كلمة الوزيرة السودانية، إلا أن صفحة وزارة الثقافة والإعلام السودانية على موقع «فيسبوك» والرافضة للانقلاب قامت بنشرها. وكانت المهدي من المسؤولين السودانيين عن ملف تسليم الرئيس المعزول عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وفي جانب إيجابي، أشارت مفوضة حقوق الإنسان إلى وجود محادثات جارية في الخرطوم بين المسؤولين العسكريين والمدنيين. وكان الاتحاد الأوروبي التي ألقت مندوبة سلوفينيا، رئيسة الاتحاد حالياً، كلمة باسمه، قد عبر عن الاستعداد لدعم الحوار والعودة للعملية السياسية.
وكان مندوب البحرين قد ألقى كلمة مجلس التعاون الخليجي حث فيها مجلس حقوق الإنسان على دعم كل «ما من شأنه الحفاظ على ما حققه السودان من مكتسبات سياسية واقتصادية وحماية سيادته ووحدته»، داعياً المجتمع الدولي إلى «دعم وحدة السودانيين والمساهمة في تهدئة الأوضاع وإعادة الاستقرار في أسرع وقت ممكن». وقال إن دول مجلس التعاون الخليجي تدعم الحوار بين الأطراف السودانيين كحل للخروج من الأزمة.
وعبرت روسيا من جهتها عن «قلقها من تفاقم الوضع في البلاد»، معتبرة أنه «من المهم تجنب أي تصعيد»، لكن مندوب موسكو أكد أن الجلسة الخاصة كانت «تدخلاً غير مقبول» في الشؤون الداخلية لبلد «وسابقة لأوانها». وشاطرته الصين وفنزويلا وجهة النظر هذه وعلى غرار روسيا قررتا النأي بالنفس علناً عن الإجماع.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.