«الجبهة الثورية لتحرير الشعب» تنشر الخوف في تركيا.. واعتقال العشرات من المشكوك بهم

الحكومة التركية تكشف تفاصيل وصول «الإرهابيين» إلى مكتب المدعي العام

صورة نشرتها وكالة أنباء الأناضول لدخول الشخصين اللذين قتلا المدعي العام في مكتبه بالقصر العدلي باسطنبول الثلاثاء
صورة نشرتها وكالة أنباء الأناضول لدخول الشخصين اللذين قتلا المدعي العام في مكتبه بالقصر العدلي باسطنبول الثلاثاء
TT

«الجبهة الثورية لتحرير الشعب» تنشر الخوف في تركيا.. واعتقال العشرات من المشكوك بهم

صورة نشرتها وكالة أنباء الأناضول لدخول الشخصين اللذين قتلا المدعي العام في مكتبه بالقصر العدلي باسطنبول الثلاثاء
صورة نشرتها وكالة أنباء الأناضول لدخول الشخصين اللذين قتلا المدعي العام في مكتبه بالقصر العدلي باسطنبول الثلاثاء

كشفت النيابة العامة بإسطنبول، أن المدعي العام محمد سليم كيراز، قُتل بسلاح الإرهابيين اللذين احتجزاه في مكتبه، بالطابق السادس في القصر العدلي بالمدينة.
وأضافت النيابة العامة في بيان أصدرته بهذا الشأن، أن تقرير الطب الجنائي الذي صدر في الساعة 01.30 ليوم الأربعاء الأول من أبريل (نيسان) الحالي، أشار إلى أن السلاح الذي أطلق منه الرصاص على المدعي العام، كان ملاصقا لرأسه، وهو من عيار 7.65 (قطر الرصاصة)، حسب ما نقلت وكالة الأناضول التركية.
وأشارت النيابة العامة، إلى أن قوات الأمن تدخلت واقتحمت الغرفة التي كان يحتجز بها الإرهابيان المدعي العام، بمجرد سماعهم صوت إطلاق النار، وأن الإرهابيين ردوا بإطلاق النار على عناصر الأمن.
وذكر البيان، أن رئيس نقابة المحامين بإسطنبول، أوميت كوجاصاكال، والمحامية شكرية أردن، والمحامي سامي علوان، تحدثوا مع الإرهابيين وحاولوا إقناعهم بتسليم أنفسهم، إلا أنهما رفضا كافة المحاولات، وطلبا التحدث مع المحامي سزغين تانريكول، إلا أنه رفض المجيء عندما تم الاتصال به عن طريق قوات الأمن، ثم أغلق هاتفه ولم يرد على الاتصالات اللاحقة.
وفي ذات السياق نشرت النيابة العامة مشاهد لدخول الإرهابيين إلى القصر العدلي، وتجولهما في ممر الطابق السادس، قبل أن يدخلا إلى غرفة المدعي العام. وتظهر المشاهد أن الإرهابيين دخلا القصر العدلي من بابين مختلفين، الأول من باب المحامين، وكان بيده عباءة المحاماة، والآخر من الباب المخصص للمواطنين.
وكان شخصان دخلا إلى القصر العدلي بإسطنبول، ظهر أول من أمس، وتسللا إلى غرفة مدعي عام قسم جرائم الموظفين في النيابة العامة، الذي تمكن من طلب المساعدة بالضغط على زر للإنذار في الغرفة.
واستمر احتجاز «كيراز» في غرفته قرابة 8 ساعات، وقامت قوات الأمن باقتحام الغرفة قرابة الساعة الثامنة والنصف مساء، بعد سماعها صوت إطلاق نار في الغرفة، وقتل محتجزا المدعي العام في الاقتحام، فيما نُقل الأخير إلى المستشفى لتلقي العلاج إثر تعرضه لإصابات بالغة، إلا أنه فارق الحياة رغم المحاولات الطبية.
وكان «كيراز» يتولى التحقيق في قضية الفتى «بركين ألوان»، الذي فارق الحياة، في مارس (آذار) من العام الماضي بعد غيبوبة دامت 269 يوما، جراء إصابته بكبسولة قنبلة مسيلة للدموع، خلال احتجاجات متنزه غزي في منطقة تقسيم بإسطنبول، عام 2013.
وفتح القضاء التركي أمس تحقيقا بحق 4 صحف متهمة بـ«الدعاية للإرهاب» لنشرها بعض الصور للمدعي أثناء عملية احتجازه رهينة التي أدت الثلاثاء إلى مقتله والخاطفين. وقال الإعلام التركي إن مدعي إسطنبول انتقد صحف «حرييت» و«جمهورييت» و«بوستا» و«بوغون» لنشر صورة المدعي سليم كيراز مع أحد المهاجمين وهو يصوب مسدسه إلى رأسه. ونشرت الصور بعد بدء عملية احتجازه التي أعلن حزب «الجبهة الثورية لتحرير الشعب» مسؤوليته عنها. وتعتبر هذه الحركة إرهابية في تركيا.
وأرغمت إحدى المجموعات الصحافية الرئيسية في البلاد على نشر اعتذارات رسمية على مواقع إلكترونية وعلى صفحاتها «لاستخدامها السيئ لصورة تمثل رمز منظمة إرهابية»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأثناء عملية الاحتجاز حظرت هيئة مراقبة الإعلام السمعي البصري على قنوات التلفزيون النقل المباشر لمشاهد عملية الاحتجاز.
وأكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أنه حظر أيضا على وسائل الإعلام التي نشرت الصورة تغطية جنازة المدعي أول من أمس في إسطنبول.
وشهدت إسطنبول خلال اليومين الماضيين هجومين دمويين ألقيت مسؤوليتهما على «الجبهة الثورية لتحرير الشعب» اليسارية المتشددة، واعتقلت القوات الأمنية التركية عشرات من أعضاء الحركة المشتبه بهم. والحركة التي كانت تعرف حتى منتصف التسعينات باسم «اليسار الثوري» هي حركة سرية للغاية تتوقف عن النشاط لفترات وتعود للظهور مجددا لشن الهجمات.
ومع تركز الاهتمام على محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني وخطر شن تنظيم داعش هجمات في تركيا، تراجع الحديث عن التهديد الذي تشكله الجبهة الثورية لتحرير الشعب.
وتأسست «الجبهة الثورية لتحرير الشعب» في أواخر السبعينات باسم «اليسار الثوري» وأسسها الماركسي المتشدد دورسون كاراتاس الذي فر من حكم بالسجن عليه في 1989 وتوفي في عام 2008 في أمستردام. وخرج آلاف من أنصاره إلى شوارع إسطنبول للمشاركة في جنازته عندما أعيدت جثته إلى البلاد. وبعد وقوع اقتتال في صفوف الحركة، غيرت اسمها إلى «الجبهة الثورية لتحرير الشعب». وصنفت كمنظمة محظورة في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال مارك بيريني الأستاذ الزائر في مركز كارنيغي أوروبا: «رغم أن حزب العمال الكردستاني وتنظيم القاعدة حصلا على الكثير من الاهتمام العام للكثير من السنوات، إضافة إلى تنظيم داعش مؤخرا، فإن أجهزة الأمن التركية واجهت أعمالا عنيفة من (الجبهة الثورية لتحرير الشعب) لأكثر من 20 عاما، استهدفت غالبا مصالح أجنبية».
وتسعى «الجبهة الثورية لتحرير الشعب» التي تنشط بشكل خاص في إسطنبول، إلى القيام بثورة ماركسية في تركيا بين الطبقات العاملة، كما أنها تتبنى أجندة معادية للغرب بشدة. وتعارض الحركة بقوة عضوية تركيا في الحلف الأطلسي، وتكن كراهية لحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان ذات الجذور الإسلامية. وبعض أعضاء الحركة، وبالتأكيد ليس غالبيتهم، من الأقلية الكردية المعروفة تقليديا بنشاطها اليساري.
وقالت الحركة إنها تسعى إلى الانتقام لمقتل المحتجين في المظاهرات المناهضة لإردوغان في 2013. وخاصة مقتل المراهق بيركين ايلفان الذي قتل في مارس (آذار) من العام الماضي بعد غيبوبة استمرت 269 يوما.
وأبرز الهجمات التي نفذتها «الجبهة الثورية لتحرير الشعب» في أولى سنواتها أنها شنت عمليات اغتيال محددة قتل فيها الوزير السابق غون سازاك في عام 1978، ورئيس الوزراء السابق نيهات ايريم 1980. والكثير من عناصر الجيش المتقاعدين.
في عام 1991 أعلنت الحركة مسؤوليتها عن مقتل جون غاندي، ضابط القوات الجوية الأميركية المتقاعد الذي كان يعمل في إسطنبول.
أما أشهر هجماتها فكانت قتل رجل الأعمال أوزديمير سابانجي المتحدر من أهم العائلات في قطاع الأعمال في تركيا، وزميليه في يناير (كانون الثاني) 1996.
إلا أنه ومنذ التسعينات شنت الحركة تفجيرات انتحارية متفرقة من بينها هجوم على السفارة الأميركية في أنقرة في 2013 أدى إلى مقتل حارس أمني تركي. واثبت عناصر الحركة مهارتهم في الفرار من وجه العدالة.
وكانت عملية احتجاز القاضي الذي يحقق في قضية مقتل المراهق بيركين ايلفان الثلاثاء جيدة التخطيط على ما يبدو. إلا أن مهاجمة من الحركة قتلت بسرعة الأربعاء قبل أن تتمكن من الوصول إلى مقر قيادة الشرطة في إسطنبول.
وقال بيريني «تعمل الحركة في أغلب الأحيان على نطاق صغير مقارنة مع الجماعات الإرهابية الأخرى، إلا أنها أظهرت بشكل منتظم قدراتها في تنفيذ العمليات بما في ذلك في المدن الكبيرة».
إلا أن الجماعة كذلك ترتكب أخطاء. فقد اعتذرت في 2004 عن انفجار قنبلة كان يحملها أحد نشطائها في حافلة في إسطنبول ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص من بينهم الناشط. وفي يناير أعلنت مسؤوليتها عن هجوم انتحاري في إسطنبول في وقت لاحق من ذلك الشهر، ولكن وخلال تسلسل غريب للأحداث سحبت إعلانها وقالت إنها ارتكبت خطأ.



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.