دور الجيش السوداني في الحياة السياسية

السلطة الجديدة تتطلع لتوطيد العلاقات مع روسيا

قوات نظامية في أحد شوارع الخرطوم (أ.ف.ب)
قوات نظامية في أحد شوارع الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

دور الجيش السوداني في الحياة السياسية

قوات نظامية في أحد شوارع الخرطوم (أ.ف.ب)
قوات نظامية في أحد شوارع الخرطوم (أ.ف.ب)

لعب الجيش السوداني دورا أساسيا في شغل مقاعد السلطة في السودان منذ الاستقلال عام 1956، إذ نفذ عدة انقلابات قضت على فترات قصيرة كانت السيطرة فيها للمدنيين عبر 3 حقب ديمقراطية برلمانية، كان أطولها 4 سنوات، ومجموعها 9 سنوات.
فقد وصل البشير إلى السلطة في انقلاب عام 1989، وهو الأخير قبل انقلاب عبد الفتاح البرهان يوم الاثنين الماضي، حيث حكم البشير السودان على مدار ثلاثة عقود أصبح البلد خلالها دولة معزولة على المستوى الدولي. واستضاف البشير أسامة بن لادن في التسعينيات وخاض حروبا على أقاليم مضطربة وجهت له بسببها في لاهاي اتهامات بارتكاب إبادة جماعية في عدة أقاليم في السودان، عوضاً عن حرب أهلية انتهت بانفصال جنوب السودان.
وبعد صراع طويل سمح البشير للشطر الجنوبي من البلاد بالاستقلال في 2011 بفعل ضغوط دولية كبيرة. غير أن السلام لم يؤد إلى الرخاء في السودان الشمالي، إذ تراجعت الإيرادات النفطية بعدما حاز الشق الجنوبي على 75 في المائة من حقول النفط. وانخفض بشدة نصيب الفرد من الناتج الاقتصادي. وبحلول عام 2019 خرج مئات الآلاف معظمهم من الشبان إلى الشوارع للمطالبة برحيله، مطالبين الجيش بالانحياز إلى ثورة الشعب. وبالطبع كان الجيش هو صاحب قرار عزل البشير في نهاية الأمر بعدما شهد ملايين المحتجين في الشوارع.
وتم عقد صفقة لاقتسام السلطة بين العسكريين والمدنيين لفترة انتقالية في شكل مجلس سيادي مشترك، يترأسه العسكريون للفترة الأولى ثم يتولى المدنيون الرئاسة في الفترة الثانية التي تنتهي بعقد انتخابات ديمقراطية. وكان من المقرر أن يسلم الجيش قيادة المرحلة الانتقالية للمدنيين في الشهور المقبلة. غير أن التوتر ساد الشراكة بين الجانبين على نحو متزايد بفعل مطالب بوضع الجيش تحت الإشراف المدني وتحقيق العدالة لمن سقطوا من المحتجين قتلى خلال الانتفاضة، وكذلك لموافقة الحكومة على تسليم البشير وآخرين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وربما يتطلع الجيش الآن إلى إقامة علاقات أوثق مع روسيا إذ يقول دبلوماسيون ومحللون إن الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع أرسى علاقات مع موسكو. وقال مصدران سودانيان رسميان إن العسكريين سعوا قبل الانقلاب إلى الحصول على ضوء أخضر من موسكو وحصلوا عليه وذلك في محاولة لحماية أنفسهم من أي عقوبات قد يفرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وكان الكرملين قد رد على الانقلاب بمطالبة جميع الأطراف بإبداء ضبط النفس ودعوة السودانيين لحل الموقف بأنفسهم بأسرع ما يمكن ودون فقدان أي أرواح. لكنه لم يندد بالانقلاب.
ولم ترد وزارة الخارجية الروسية على طلب للتعليق على سياستها فيما يتعلق بالسودان. ويبدو بالفعل أن روسيا تحمي القيادات العسكرية السودانية في بيان من المحتمل صدوره عن مجلس الأمن. فقد قال دبلوماسيان مطلعان على المفاوضات الخاصة بنص البيان إن روسيا اقترحت على مجلس الأمن إبداء قلقه إزاء التطورات في السودان بدلا من إدانة الانقلاب.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».