سفير إيران: لن يبقى جندي أميركي في سوريا... ولا خلاف مع روسيا

انفجار بمقر كتيبة السلاح الثقيل لـ«قسد» في الرقة

دورية لشرطة عسكرية روسية في سوريا (المرصد)
دورية لشرطة عسكرية روسية في سوريا (المرصد)
TT

سفير إيران: لن يبقى جندي أميركي في سوريا... ولا خلاف مع روسيا

دورية لشرطة عسكرية روسية في سوريا (المرصد)
دورية لشرطة عسكرية روسية في سوريا (المرصد)

قال سفير إيران في دمشق مهدي سبحاني، إن الأمور في سوريا ستسير باتجاه «أن تترك الولايات المتحدة المنطقة بشكل كامل وألا يبقى أثر لأي جندي أميركي فيها»، وأكد سبحاني في حديث لجريدة «الوطن» المحلية، أن لسوريا مكانة متميزة جداً في السياسة الإيرانية، و«لا يمكن لأحد أن يُخل بهذه العلاقات».
تصريحات المسؤول الإيراني تزامنت مع بدء روسيا توسيع مناطق وجودها شرق سوريا ودخول قواتها مناطق جديدة في محافظة الرقة، بعد اتفاق أخير بين «قسد» والجانب الروسي. وعن العلاقات مع روسيا في سوريا، قال: «لدينا هدف مشترك، وهذا الهدف هو إلحاق الهزيمة بالإرهاب والوقوف في وجه الإرهابيين ورعاتهم الدوليين. وهذه الأجندة لا تزال قائمة، والمعركة لم تنتهِ بعد باعتقادي». وبشأن استمرار العمل على إنجاز هذه المهمة، قال إنه «لا يوجد أي خلاف بيننا وبين روسيا».
وشدد الدبلوماسي، حسب وكالة الأنباء الألمانية، على أن بلاده لا تتفق مع تركيا بشأن سياساتها تجاه سوريا، مؤكداً «موقف إيران بشأن ضرورة انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية».
سبحاني قال إن بلاده ترحب بأي انفتاح في علاقات سوريا الخارجية «بما يصب في صالحها حكومة وشعباً». وحول الانفتاح العربي الأخير، أكد سبحاني أن بلاده تنظر إلى ما يجري بشكل إيجابي. وقال: «إنه لَمدعاة سرور بالنسبة إلينا أن تتجه سوريا نحو علاقات تخفف من آلامها ومعاناتها وتمهد الأرضية للازدهار والنمو في هذا البلد».
هذا وهزّ انفجار كبير فجر أمس (الأحد)، مقر كتيبة السلاح الثقيل التابع لقوات سوريا الديمقراطية «قسد» في منطقة الطبقة قريباً من سد الفرات، وسُمع دويّ الانفجار في جميع مناطق ريف الرقة الغربي الواقع تحت سيطرة «قسد» حسبما ذكرت مصادر محلية. وقالت إن مدينة الرقة شهدت قبل ساعات من الانفجار، استنفاراً أمنياً لقوات «قسد» ونشراً لعناصرها وسط المدينة وتفتيشاً للمارة.
وتسيطر «قسد» على أغلب الريف الغربي الذي يضم أكبر السدود في سوريا، في حين تسيطر قوات النظام على مناطق جنوب وغرب الطبقة.
وخلال اليومين الماضيين، جرت تحركات للدوريات الروسية في ريف دير الزور الغربي، وريف الرقة الشرقي، ودخل يوم الجمعة ولأول مرة منذ سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على المنطقة بعد طرد تنظيم «داعش» منها عامي 2017 – 2018، رتل عسكري روسي بمرافقة من عناصر «قسد»، من بلدة الصالحية بريف دير الزور الشمالي، إلى بلدة أبو خشب، ومنها إلى طريق الخرافي باتجاه مناطق سيطرة «قسد» بريف الرقة.
وأفادت مصادر محلية في دير الزور بوجود خلافات بين قيادات «قسد»، حول السماح بعبور قوات روسية لمناطقها، حيث تعرض أحد وجهاء العشائر من الموالين للنظام بدمشق والمؤيدين لعبور القوات الروسية قرى «البكارة» في مناطق السيطرة باتجاه محافظة الرقة، لإطلاق نار من مجهولين، أول من أمس (السبت)، عند خروجه وشقيقه من عزاء بالقرب من جزرة البوحميد بريف دير الزور الشمالي الغربي، ما أسفر عن إصابته بجروح بليغة ومقتل شقيقه. وذكرت وسائل إعلام محلية أن أحد وجهاء عشيرة «البو صالح»، محمد البدر، من عشائر قبيلة «البكارة» العربية في دير الزور، من المؤيدين لدخول القوات الروسية، وقد تعرض لإطلاق نار (السبت).
ورجحت العائلة أن يكون السبب رفض محمد البدر للمظاهرات التي خرجت في منطقته ضد الدخول الروسي. وحمّلت عائلته مسؤولية الهجوم لـ«قسد»، كون الحادث وقع في مناطق سيطرتها التي تشهد توتراً على خلفية رفض بعض القيادات، لا سيما في «مجلس دير الزور العسكري» التابع لـ«قسد»، عبور رتل عسكري روسي إلى الرقة عبر ريف دير الزور الغربي، وذلك رغم الاتفاق بين الجانب الروسي وقوات سوريا الديمقراطية. وقام عناصر من «مجلس دير الزور العسكري»، بقطع الطريق أمام الرتل، بالتزامن مع خروج مظاهرات في بلدة الحصان، وأظهر تسجيل مصوّر، قيادياً في «مجلس دير الزور»، يتوعد كل من يسعى لإدخال روسيا وقوات النظام إلى المنطقة، بالمواجهة العسكرية.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».