مصر وإثيوبيا تعملان على استغلال حالة «التقارب السياسي» لتحقيق منافع اقتصادية متبادلة

محلب اقترح إنشاء لجنة لاستكشاف فرص التعاون بين البلدين

مصر وإثيوبيا تعملان على استغلال حالة «التقارب السياسي» لتحقيق منافع اقتصادية متبادلة
TT

مصر وإثيوبيا تعملان على استغلال حالة «التقارب السياسي» لتحقيق منافع اقتصادية متبادلة

مصر وإثيوبيا تعملان على استغلال حالة «التقارب السياسي» لتحقيق منافع اقتصادية متبادلة

في مؤشر على بداية صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، اقترح رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب إنشاء لجنة مشتركة لاستكشاف فرص التعاون بين مصر وإثيوبيا برئاسة وزيري التجارة والصناعة في البلدين. وقال محلب في تصريحات صحافية له أمس عقب لقائه هيلا ماريام ديسالين رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا، على هامش قمة الكوميسا، إن «مصر لديها خبرات واسعة في قطاعات التشييد والبناء والصناعة، وإثيوبيا لديها موارد طبيعية واسعة يجب استثمارها»، مقترحا إنشاء شركة مقاولات مشتركة مع إثيوبيا في هذا المجال.
وترأس إبراهيم محلب الوفد المصري المشارك حاليا بقمة الكوميسا، المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بمشاركة 19 دولة أفريقية، لبحث التطورات والتحديات الاقتصادية والتجارية والسياسية التي تشهدها المنطقة، ومن أبرزها الموضوعات الاقتصادية والتجارية.
من جهته، أكد هيلا ماريام ديسالين رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا، أهمية الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإثيوبيا مؤخرا، وأهمية ما تم الاتفاق عليه خلالها من رفع مستوى تمثيل اللجنة الثنائية المشتركة إلى مستوى رئيسي الدولتين، وهي الخطوة التي ستعمل على «الدفع بالعلاقات الثنائية إلى آفاق رحبة حدودها السماء».
حضر اللقاء وزيرا التجارة والصناعة المصري منير فخري عبد النور، والإسكان المهندس مصطفى مدبولي، والسفير المصري لدى إثيوبيا محمد إدريس.
وأضاف ديسالين: «نحن سعداء بمشاركة مصر في قمة الكوميسا، وبمستوى التمثيل الرفيع، برئاسة رئيس الوزراء، والوفد الوزاري المرافق، وهو ما سينعكس على النتائج المهمة لتلك القمة»، مؤكدا تطلعهم للقيام بمزيد من الخطوات الإيجابية التي تحقق مصالح البلدين والشعبين، وأضاف أنه «في سبيل تقوية العلاقات بين البلدين، نتطلع لمشاركة الشركات ورجال الأعمال المصريين، للعمل والاستثمار في إثيوبيا، وكذا تصدير المنتجات الإثيوبية التي تحتاجها السوق المصرية، بالإضافة إلى وجود مجالات للتعاون في قطاعات التشييد والبناء، والسياحة، والزراعة، والري»، مقترحا تنظيم رحلات سياحية مشتركة للمعالم السياحية بين البلدين، ومنها مدينة النجاشي التي لها أهمية عند المسلمين بوجه عام.
وقال رئيس وزراء إثيوبيا إن بلاده ومصر على الطريق الصحيح، و«يجب العمل على انتهاز اللحظات التاريخية الراهنة للدفع بكل أطر العلاقات الثنائية، والعمل معا لتحقيق التنمية والأمن والاستقرار لبلدينا، وكذلك مكافحة الإرهاب، ومجابهته في كل مكان، فما يحدث في المنطقة يؤثر علينا جميعا».
من جانبه، وجه محلب الشكر لنظيره الإثيوبي على مواقفه الداعمة لتوطيد العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن الفترة الحالية ستشهد دفعا للعلاقات الثنائية في مختلف المجالات، واقترح إنشاء لجنة مشتركة برئاسة وزيري التجارة والصناعة بالبلدين، لاستكشاف فرص التعاون، والتمهيد لاجتماعات اللجنة العليا المشتركة، جنبا إلى جنب مع لجنتي الري والخارجية».
وقال رئيس الوزراء: «لدينا خبرات واسعة في قطاعات التشييد والبناء، والصناعة»، مقترحا إنشاء شركة مقاولات مشتركة بين البلدين، «بما سيكون له أثر كبير في تدريب العمالة الفنية الإثيوبية، ومن الممكن أيضا أن توسع هذه الشركة من أعمالها في دول أخرى مجاورة».
واختتم محلب الحوار قائلا: «لديكم في إثيوبيا موارد طبيعية واسعة، ولدينا خبرات وكفاءات في مختلف المجالات، ويجب استثمار ما يحظى به البلدان بما يخدم شعبيهما».
وفى الإطار نفسه، قال وزير الإسكان مصطفى مدبولي إن شركة «المقاولون العرب» تعمل بمشروعين للطرق في إثيوبيا، ونسبة العمالة الإثيوبية بهما 90 في المائة، وإن الشركة على استعداد للمشاركة في تنفيذ المشروعات التنموية المختلفة، التي تنوي الحكومة الإثيوبية البدء فيها بهذه المرحلة».
وكان محلب والوفد الوزاري المرافق له قد غادروا العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس بعد مشاركتهم في فعاليات القمة الـ18 لدول تجمع الكوميسا، التي تضم تجمع شرق وجنوب أفريقيا، والتي عقدت تحت شعار «تعزيز التجارة البينية والتنمية الاقتصادية من خلال المشاريع التجارية المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغيرة».
ومن المقرر أن تستضيف مصر مؤتمر التجمعات الثلاثة – الكوميسا، وتجمع التنمية للجنوب الأفريقي «سادك»، وتجمع دول شرق أفريقيا «إي إيه سي»، بمشاركة 26 دولة خلال الفترة من 6 إلى 10 يونيو (حزيران) المقبل في شرم الشيخ تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.