فلسطين عضوًا رسميًّا في «الجنائية الدولية» اليوم

إعداد ملفي الاستيطان والحرب على غزة جارٍ.. ولا موعد محددًا لتقديم الشكوى

فلسطيني يحمل علم بلاده بينما يزرع آخرون اشجار زيتون احتفالا بيوم الارض بقرية عباسان شرق خان يونس أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل علم بلاده بينما يزرع آخرون اشجار زيتون احتفالا بيوم الارض بقرية عباسان شرق خان يونس أمس (أ.ف.ب)
TT

فلسطين عضوًا رسميًّا في «الجنائية الدولية» اليوم

فلسطيني يحمل علم بلاده بينما يزرع آخرون اشجار زيتون احتفالا بيوم الارض بقرية عباسان شرق خان يونس أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل علم بلاده بينما يزرع آخرون اشجار زيتون احتفالا بيوم الارض بقرية عباسان شرق خان يونس أمس (أ.ف.ب)

تنضم فلسطين اليوم، بشكل رسمي، إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتحصل على عضوية كاملة، وفق ما أعلن سابقا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مما يتيح للفلسطينيين محاكمة مسؤولين إسرائيليين وملاحقتهم، بتهم ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية.
ويحضّر الفلسطينيون ملفين كبيرين، هما ملف الاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المستمر منذ عام 1967، وملف الحرب الأخيرة على قطاع غزة، صيف العام الماضي، والتي انتهت بقتل وجرح آلاف الفلسطينيين.
وقال الدكتور غسان الخطيب، وهو عضو اللجنة الوطنية العليا المكلفة بإعداد الملفات والتواصل مع «الجنائية الدولية»، لـ«الشرق الأوسط»: «غدا (اليوم) نصبح عضوا كاملا في محكمة لاهاي، وعليه يحق لفلسطين تقديم شكاوى ضد إسرائيل.. يحق ذلك للسلطة ولأي مؤسسة أخرى حكومية أو غير حكومية، كما يمكن للمحكمة نفسها فتح تحقيق من دون تقديمنا شكاوى». وأَضاف الخطيب «اللجنة الفنية التابعة للجنة العليا تحضر الآن ملفات الاستيطان والحرب الأخيرة.. القانونيون الفلسطينيون ماضون في إعداد الملفات الكبيرة، وثمة اتفاق على التعاقد مع قانونيين دوليين لإجراء الاستشارات».
وعلى الرغم من أن الخطيب شدد على أن «الأمر أصبح غير قابل للعودة إلى الوراء». لكنه لم يحدد موعدا لتقديم هذه الملفات.
وكانت السلطة الفلسطينية وقّعت على اتفاق «روما» الذي يؤهلها للانضمام إلى المحكمة، بعد فشل تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967 بداية يناير (كانون الثاني) المنصرم، واعترفت باختصاص المحكمة بالنظر في الجرائم التي ارتكبت بدءا من 13 يونيو (حزيران) الماضي، ويسمح ذلك بمعالجة قضية الحرب على غزة التي بدأت بعد ذلك، والاستيطان بوصفه جريمة آثارها مستمرة.
ويفترض أن يمثل وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، فلسطين اليوم، في احتفال خاص يتسلم فيه رسالة الانضمام إلى «الجنائية الدولية»، ويعقد بعده اجتماعا مع المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا. وقال الخطيب إن بنسودا تخطط لزيارة فلسطين والالتقاء مع شرائح واسعة من المجتمع الفلسطيني، لشرح كيفية عمل المحكمة الجنائية وما يترتب على الانضمام إليها.
وتعد المحكمة الجنائية الدولية «هيئة قضائية دائمة ومستقلة تحاكم الأشخاص المتهمين بارتكاب أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، وهي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب». ومع انضمام فلسطين، فإن 123 دولة تكون قد وقعت على معاهدة روما التي لا تضم إسرائيل.
ولا يمنع عدم انضمام إسرائيل إلى المحكمة ملاحقة مسؤولين إسرائيليين عسكريين ومدنيين حاليين وسابقين. لكن الفلسطينيين يواجهون ضغوطا كبيرة لعدم تقديم أي ملف للجنائية الدولية، ضمنها تهديدات أميركية بقطع المساعدات عن السلطة. ويرغب الأميركيون ودول أخرى في منع تصعيد المواجهة السياسية مع إسرائيل التي اختارت الإفراج عن أموال الضرائب هذا الشهر بعد احتجازها لـ3 شهور متتالية، ردا على انضمام فلسطين للجنائية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن القرار الإسرائيلي بالإفراج عن الأموال هذا الشهر أراد توجيه رسالتين «بادرة حسن نية تجاه الفلسطينيين تتزامن مع وصول العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى مرحلة حساسة للغاية، وبادرة حسن نية تجاه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي». وتحدثت صحف إسرائيلية عدة، عن احتمال أن تكون الحكومة الإسرائيلية أفرجت عن الأموال التي جمدت تحويلها للفلسطينيين، مقابل قبول الفلسطينيين عدم تقديم أولى الشكاوى ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية (اليوم). وقال خافيير أبو عيد، وهو متحدث باسم منظمة التحرير «هذه كذبة كبيرة»، مؤكدا «هذه الضرائب لا علاقة لها بمسعانا في المحكمة الجنائية الدولية». وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، أمس، إن فلسطين «ستواصل استخدام كل الوسائل المشروعة الممكنة، من أجل الدفاع عن نفسها ضد الاستيطان الإسرائيلي وغيره من انتهاكات القانون الدولي».
ويعتقد أن يواجه الفلسطينيون كذلك قضايا ضدهم إذا ما تقدموا بشكاوى ضد إسرائيل، إذ يتهم الإسرائيليون حماس ومنظمات فلسطينية باستهداف مدنيين أيضا. والعام الماضي، قال مسؤولو أحزاب إسرائيلية إنهم سيستخدمون قانونيين لإعداد قضايا ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام محكمة لاهاي الدولية، بتهم دعم الإرهاب وتقديم المساعدات للمنظمات الإرهابية التي تحارب إسرائيل.
وفي فبراير (شباط) الماضي أصدرت هيئة محلفين في محكمة في نيويورك قرارا يطلب من السلطة الفلسطينية دفع تعويضات بقيمة 218.5 مليون دولار لضحايا أميركيين، في ست هجمات منفصلة وقعت في إسرائيل بين عامي 2002 و2004. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن رفع مثل هذه القضايا إلى «الجنايات» وجر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى المحكمة، مسألة ممكنة كذلك.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».