بعد رفع العلم العراقي فوق المجمع الحكومي في تكريت (يضم مبنى محافظة صلاح الدين ومجلس المحافظة) والمستشفى مساء أول من أمس تكون معركة تحرير المدينة من سيطرة «داعش»، التي مضى عليها أكثر من شهر، قد انتهت رمزيا.
وأعلن محافظ صلاح الدين رائد الجبوري استعادة كل مباني المقرات الحكومية في وسط مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمال العراق، بعد سلسلة من الهجمات انطلقت منذ بداية الشهر الحالي لاستعادة المدينة من سيطرة مسلحي تنظيم داعش.
وقال الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن القوات العراقية «سيطرت على مبنى محافظة صلاح الدين ورفعت العلم العراقي على مستشفى تكريت التعليمي ومبنى كلية الطب وسجن التسفيرات ومبنى الوقف السني» وتقع جميعها في القسم الجنوبي من مدينة تكريت.
من جهته، أعلن رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين، جاسم الجبارة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قوة عسكرية مشتركه قوامها أكثر من 5 آلاف مقاتل اقتحمت منطقة القصور الرئاسية في تكريت وأنها تضيق الخناق على مسلحي التنظيم في وسط المدينة.
بدوره، أكد العقيد محمد إبراهيم، مدير إعلام الشرطة الاتحادية، لـ«لشرق الأوسط» أن القوات الأمنية وأفواجا من الشرطة الاتحادية وفصائل من الحشد الشعبي وأبناء العشائر، اخترقت مقار «داعش» في منطقة «عرب شيشن» في المدينة، مضيفا أن منطقة «المائة دار»، ومباني التربية والإعمار والإسكان، وقصر الثقافة، وأكاديمية الشرطة وسط المدينة، أصبحت تحت سيطرة القوات الأمنية العراقية.
وقال ضابط عراقي رفيع المستوى وقريب من غرفة العمليات المشتركة لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية التقدم البطيء باتجاه عمق المدينة ولأول مرة منذ أكثر من أسبوعين جرت بعد قصف مؤثر قام به طيران التحالف الدولي وكذلك طيران الجيش العراقي لمواقع تنظيم داعش من خارج المدينة مستهدفا التجمعات وطرق الإمداد التي لم تغلق بعكس ما أشيع عن حصار مطبق لتكريت». وأضاف الضابط العراقي أن «حصار تكريت لم يكن فعليا من الناحية الواقعية بسبب وجود أماكن مفتوحة لكن قسما منها سرية ومحكمة بحيث لا يمكن اختراقها إلا من قبل الطيران الدولي الذي يملك الأجهزة والتقنيات المتطورة الأمر الذي أدى في النهاية إلى تدمير مواقع التنظيم بشكل كبير ومن أكثر من محور خصوصا المحور الجنوبي الذي كان أحد المنافذ الرئيسية لـ(داعش) لإدامة زخم المعركة»، مشيرا إلى أن «القصف المتواصل أدى إلى مقتل العشرات من مقاتليهم المتحصنين وتحطيم تحصيناتهم وتفكيك مئات العبوات الناسفة».
وبينما كانت فصائل الحشد الشعبي، باستثناء سرايا عاشور التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، قد أعلنت انسحابها من المعركة احتجاجا على الطلب الذي تقدمت به الحكومة العراقية بشأن المساعدة من الولايات المتحدة الأميركية لإشراك طيران التحالف الدولي في المعركة فإن هذه الفصائل بدأت تؤكد إما أنها لم تنسحب أصلا وإنما علقت مشاركتها فقط أو أنها عادت الآن بعد حصولها على تأكيدات من رئيس الوزراء حيدر العبادي بعدم مشاركة طيران التحالف الدولي.
وفي هذا السياق أكد الضابط العراقي المسؤول أن «الحاجة الآن لم تعد ماسة إلى طيران التحالف الدولي في مدينة تكريت ومحيطها بعد أن مهد الأرض للتقدم وأنه يتم الاكتفاء الآن بطيران الجيش العراقي»، مبينا أن «طيران التحالف الدولي مستمر في شن الغارات على مواقع (داعش) في الأنبار والموصل كجزء من الجهود التي يقوم بها المجتمع الدولي لمساعدة العراق في حربه ضد الإرهاب».
رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي حاول من جانبه وعبر مصدر مقرب منه وفي بيان مقتضب التوفيق بين حاجته إلى التحالف الدولي مقابل عدم إزعاج فصائل الحشد الشعبي التي يرهن غالبيتها مشاركته في عمليات تكريت بعدم مشاركة واشنطن, لكنه أقر في بيان أمس بمشاركة طيران التحالف الدولي في معركة تكريت إلى جانب طيران الجيش العراقي.
وحاول القيادي في الحشد الشعبي عن محافظة صلاح الدين، يزن الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» التقليل من الجهود التي قام بها طيران التحالف الدولي في معركة تكريت، قائلا إن «طيران التحالف لم يقم سوى بضربة جوية واحدة لموقع داخل المدينة، بينما قواتنا العراقية اقتحمت لتعبر الساتر الترابي والخندق الذي يبلغ عرضه 5 أمتار وعمقه 3 أمتار وسيطرت على القاطع تماما». وأضاف الجبوري أنه «لم يبق بيننا وبين نهر دجلة سوى 900 متر بينما كانت قواتنا تقدمت من محاور عدة من كل مكان باتجاه الداخل»، مؤكدا أن «حسم معركة تكريت بشكلها النهائي لم يعد مسألة أيام بل أستطيع أن أقول ساعات»، مبينا أن «حسم معركة تكريت يفتح الباب أمام التوجه نحو قضاء الشرقاط الذي هو آخر معاقل (داعش) في محافظة صلاح الدين».
وبينما تصر فصائل الحشد الشعبي على إنكار أي دور للتحالف الدولي في معركة تكريت فإن الحكومة العراقية تلتزم الصمت حيال هذا الإنكار رغم أن لجنة الأمن والدفاع البرلمانية تبدو هي الأخرى منقسمة على نفسها بهذا الاتجاه. ففي الوقت الذي يصر أعضاؤها ممن ينتمون إلى كتل تؤيد فصائل الحشد الشعبي على عدم فاعلية ضربات التحالف فإن هناك أعضاء من كتل أخرى يرون العكس تماما. ويقول كاظم الشمري، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عن ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «دور التحالف الدولي كان ضروريا ومؤثرا في معركة تكريت وغيرها من المعارك»، مشيرا إلى أن «الملاحظة الوحيدة التي يمكننا تسجيلها على دور التحالف الدولي هي أن مشاركته لا تزال أقل مما هو مطلوب». وأكد الشمري أن «الحكومة العراقية كانت تنتقد التحالف لجهة عدم فاعليته بالقياس إلى حجم التحدي الذي يمثله (داعش) لكنها اليوم مضطرة، مجاراة لبعض فصائل الحشد، إلى عدم التركيز على هذا الأمر إعلاميا في الأقل بينما هي تريد من التحالف الدولي فاعلية أكبر»، مبينا أن «الولايات المتحدة الأميركية تتفهم الوضع الحرج للحكومة العراقية حيث من الواضح أن هناك صراعا إيرانيا - أميركيا يجري داخل الأرض العراقية».
{التحالف} يحسم نصف معركة تكريت وسط صمت حكومي حيال إنكار دوره
القوات العراقية المشتركة تستعيد المجمع الحكومي في المدينة ومستشفاها
{التحالف} يحسم نصف معركة تكريت وسط صمت حكومي حيال إنكار دوره
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة