«تيك توك»... بين انتقاد المحتوى والمنافسة

«تيك توك»... بين انتقاد المحتوى والمنافسة
TT

«تيك توك»... بين انتقاد المحتوى والمنافسة

«تيك توك»... بين انتقاد المحتوى والمنافسة

في خطوة أثارت كثيراً من التساؤلات بشأن طبيعة المحتوى والخصوصية والجمهور المستهدف، أعلن تطبيق المقاطع المصورة القصيرة «تيك توك» نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، وصول متابعيه إلى «مليار مستخدم نشط شهرياً».
هذا الإعلان من قبل «تيك توك» يأتي «بعد أن كان التطبيق مهددًا بالحظر منذ ما يقرب من عام واحد فقط»، بحسب مراقبين. ووفق الأرقام، فإن ما حققه تطبيق «تيك توك» وضعه كأحد أكثر منصات التواصل الاجتماعي استخداماً، وبات بذلك واحداً من أسرع منصات التواصل الاجتماعي نمواً مقارنة بعمالقة التواصل مثل «فيسبوك» و«إنستغرام».
وبينما يرى مراقبون أن «ثمة معايير عدة هي ما تحدد الاستمرارية، أهمها المسؤولية الاجتماعية لمثل هذه التطبيقات». أرجع متخصصون استحواذ «تيك توك» على عدد كبير من المتابعين إلى «نجاحه في كسر الملل من خلال سرعة المقاطع المصورة». وأكد متخصصون أن «نجاح التطبيق كان أمراً استثنائياً في ظل جائحة فيروس (كوفيد-19) ولا يمكن اعتبار ذلك قاعدة راسخة تضمن الاستمرار».
تطبيق «تيك توك» أطلقته عام 2016 شركة صينية، ثم أدمج مع تطبيق «ميوزيكالي» عام 2018، وحسب المراقبين فإن «التطبيق استغرق 5 سنوات للوصول إلى مليار مستخدم نشط شهرياً، هي فترة زمنية قصيرة قياساً بالتطبيقات الأخرى». وهذا في حين أشار تقرير نشرته مجلة «فوربس» الأميركية نهاية سبتمبر الماضي، إلى أنه بات لدى «فيسبوك» هذا العام 2.8 مليار مستخدم نشط شهرياً، وأنه تجاوز حاجز المليار في عام 2012، أي بعد 8 سنوات من إطلاقه عام 2004... أما «إنستغرام» المملوك الآن لـ«فيسبوك» فقد وصل إلى المليار عام 2018، أي بعد 8 سنوات أيضاً من إطلاقه في عام 2010.
وحسب مراقبين، فإن «مقارنة (تيك توك) بتطبيقات الفيديو أيضاً تصبّ في صالحه، ووفق بيانات (يوتيوب) المتوافرة على الموقع الرسمي، تمكن التطبيق من تجاوز المليار في عام 2013 بعد 8 سنوات من إطلاقه عام 2005».
وأرجع مهران كيالي، مستشار الإعلام الرقمي، رئيس قسم التوصل الاجتماعي في صحيفة «الرؤية» بدولة الإمارات العربية المتحدة، الصعود السريع لتطبيق «تيك توك» إلى «المشهد الاستثنائي الذي عاشه العالم بسبب (كوفيد-19) التي أجبرت العالم بأسره أن يبقى عالقاً داخل المنازل، وفي هذا الوقت جاء التطبيق، وكأنه نافذة الشباب على العالم الخارجي، حيث اعتمد (تيك توك) بشكل أساسي على الفيديوهات القصيرة، التي تُظهر مستخدميها بمظهر البساطة والطبيعية من دون تكليف، في وقت كان يتوق الجميع لملامح الحياة العادية التي حُرّمت عليهم بفعل الجائحة». وتابع كيالي لـ«الشرق الأوسط» أن «نجاح التطبيق كان أمراً استثنائياً، لا يمكن اعتباره قاعدة راسخة تضمن الاستمرار».
من جهته، يرى خالد أبو إبراهيم، الخبير التقني بالمملكة العربية السعودية، أنه «بنظرة شاملة لما حققه التطبيق الصيني، لا يمكن اقتصار أسباب النجاح على عامل واحد فحسب، بينما علينا الاعتراف بأن التطبيق جاء بما يتوق له جيل الألفية». ويضيف أبو إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» أن «(تيك توك) هو أحد التطبيقات التي اعتمدت على الذكاء الاصطناعي، ويعتبر مكتبة عملاقة للمقاطع المصورة القصيرة التي لا تتخطى 15 ثانية، ما يبعث المتعة والتسلية دون ملل، وقد اعتمد على التفاعل السريع، وتحول إلى شبكة اجتماعية سريعة».
ويشير أبو إبراهيم إلى أن «برنامج المونتاج المتوفر على تطبيق (تيك توك) ذكي، وله تأثير قوي مثل تحريك الشفاه، فضلاً عن مونتاج الفيديو المتطور، وجميعها أسباب دفعته للتصدر في عالم التطبيقات الاجتماعية».
وأرجع أبو إبراهيم استحواذ «تيك توك» على عدد كبير من المتابعين، إلى «نجاحه في كسر الملل ومواكبة وتيرة العصر... إذ إن التطبيق يلعب على سرعة المقاطع المصورة، فبمجرد الدخول على التطبيق يلتقط اهتمامات المستخدم ويقترح عليه مقاطع تناسبه، وهذا نوع من الذكاء الاصطناعي، ساهم في صعود التطبيق وشعبيته».
من جانب آخر، يلفت مراقبون إلى أن الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» تعرضت للتهديد بفرض حظر من قبل إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، العام الماضي، بسبب «مخاوف تتعلق بالأمان والبيانات». ويرى هؤلاء أن «هذه المخاوف كانت ستدفع التطبيق إلى ملكية أميركية، وكانت هناك شركات عملاقة مثل (أوراكل ووول مارت) على استعداد لتولي زمام الأمور، حتى أسقط الرئيس الأميركي جو بايدن، الحظر عن التطبيق في يونيو (حزيران) الماضي». ويشار إلى أن تهديدات حظر التطبيق لم تقتصر على الولايات المتحدة الأميركية، بل امتدت أيضاً إلى الهند ومصر التي لاحقت عدداً من الفتيات اللاتي امتلكن حسابات شهيرة على «تيك توك»، قضائياً.
في السياق ذاته، يرى كيالي أن «ثمة انتقادات عديدة للتطبيق خلال السنوات الماضية، وكان أبرزها انتهاك الخصوصية، بالإضافة إلى طبيعة المحتوى التي تسمح المنصة للمشتركين بنشره». ويستدرك أنه «لا يمكن أن نغض الطرف عن أن (تيك توك) يحاول تبييض وجهه من خلال علاج هذه الأمور». ويبرهن على كلامه أنه «بالعودة إلى استفادة المنصة من الجائحة، استطاع التطبيق أن يدخل عالم الترفيه من خلال الحفلات التي كانت تبث مباشرة لكل متابعي المنصة، أيضاً قام التطبيق بتنظيم كثير من التحديات والمناسبات... كل هذه الأمور أدت إلى وثوق بشكل أكبر في التطبيق».
أما أبو إبراهيم فيشير إلى أن «الانتقادات التي تعرض لها التطبيق كانت سلاحاً ذا حدين»، لافتاً إلى أن هذه «الانتقادات كادت تقضي على التطبيق، ولا سيما تلك التي تركز على خطورته على المراهقين؛ لكن الشركة المالكة للتطبيق استفادت وحوّلت مساره نسبيًا، وأصبحنا نشاهد حسابات تقدم خدمات مثل تعليم اللغة الإنجليزية، أو فنون الطهي، أو اهتمامات على هذه الشاكلة».
وفي السياق نفسه، عن دخول التطبيق في عالم الترفيه والرفاهية بشراكات فنية وأخرى طالت عالم الأزياء، يرى أبو إبراهيم أنه «لا يمكن تفسير الشراكات التي عقدها التطبيق بدقة، لأن كل شركة لها أهداف لا تفصح عنها؛ لكن الأكيد أن جميع التطبيقات لها هدف أصيل، وهو جمع البيانات واستغلالها بشكل تجاري يدرّ لها المال».
وفي العام الماضي، أطلق «إنستغرام» خدمة «ريلس»، كما أطلق «يوتيوب» خدمة «يوتيوب شورت»، وهي وظائف لمشاركة المقاطع المصورة القصيرة. ووفق المراقبين، فإنها كانت تهدف إلى التنافس مباشرة مع «تيك توك»؛ لكن لم تحقق مشاركات تضعها على خط منافسة يُحسب لها على شاكلة التطبيق الصيني.
وحول سبب نجاح التطبيق في استقطاب المراهقين. يشرح أبو إبراهيم فيقول إنه «وفّر لهم مساحة من الحرية الإبداع». ومن هنا، يؤكد على «ضرورة أن تستفيد وسائل الإعلام التقليدية من تجربة (تيك توك) مع تفادي المحاذير التي تحمل تهديداً مجتمعياً».
في حين، يؤكد الكيالي أنه «على الرغم من طبيعة المحتوى على (تيك توك)، ثمة فرص كبيرة لوسائل الإعلام بالدخول إلى هذا العالم لما له من أهمية في التأثير». ويضيف أن «لدى الإعلام فرصاً كبيرة في استقطاب الجمهور؛ لكن عليه أن يحدد بشكل قاطع، من الجمهور المستهدف؟... وما المحتوى الذي يمكن أن ينتجه؟ وكيف يمكن تقديم محتوى جذاب وسريع؟».


مقالات ذات صلة

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الهواتف الجوالة مصدر معلومات بعيداً عن الرقابة الرسمية (تعبيرية - أ.ف.ب)

شاشة الجوال مصدر حصول السوريين على أخبار المعارك الجارية؟

شكلت مواقع «السوشيال ميديا» والقنوات الفضائية العربية والأجنبية، مصدراً سريعاً لسكان مناطق نفوذ الحكومة السورية لمعرفة تطورات الأحداث.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)

«انتصار للبيت الأبيض»... صحف تحلل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

رأى موقع «بوليتيكو» أن اتفاق وقف إطلاق النار «انتصار كبير للبيت الأبيض»، وقالت «نيويورك تايمز» إن بايدن يريد تذكّره بأنه وضع الشرق الأوسط على طريق تسوية دائمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.