ريدلي سكوت لـ «الشرق الأوسط» : الزمن يمضي والإنسان ما زال يرتكب الأخطاء ذاتها

أنجز فيلماً تاريخياً وعلى أبواب فيلم تاريخي آخر

سير ريدلي سكوت
سير ريدلي سكوت
TT

ريدلي سكوت لـ «الشرق الأوسط» : الزمن يمضي والإنسان ما زال يرتكب الأخطاء ذاتها

سير ريدلي سكوت
سير ريدلي سكوت

منذ أن حقق فيلمه الأول The Duellists سنة 1977 وهو يواكب العمل بلا توقف. ريدلي سكوت من ذلك الحين إلى «المبارزة الأخيرة» الذي عُرض في مهرجان فينيسيا وينطلق على الشاشات هذا الأسبوع، هو فيلمه الثلاثون. هذا على الصعيد واحد، فقائمته من الأعمال تحتوي على 58 فيلماً من إنتاجه بينها 13 وثائقيات والأخرى روائية طويلة هذا لجانب أنه أنتج كل فيلم قام بإخراجه تقريباً.
كلنا لا نهدأ، لكن سكوت يعمل على منوال متعدد الجبهات وفي وقت واحد. حالياً، على سبيل المثال، ينجز فيلمه المقبل House of Gucci وقبل أن يخلد للهدوء يدخل تصوير فيلمه المقبل Wraiths of Broken Land وهناك ثمانية مشاريع أخرى على طاولته من بينها جزء لاحق من Gladiator.
أما على صعيد الإنتاج لمخرجين آخرين فرقم المشاريع التي يعمل عليها أو سيعمل عليها خلال السنوات الثلاث المقبلة يبلغ 18 مشروعاً.
على ذلك، يشعر المرء أن النقد العالمي لم ينصفه جيداً بعد. نعم هناك تقدير واسع لعدد من أفلامه، لكن أحداً لم يضمّه إلى قائمة «الأفضل» بين مخرجي السينما حول العالم. صحيح أن المسألة ليست بعدد الأفلام، لكن سكوت يعمل على منوال مخرجي الأمس (هوارد هوكس، راوول وولش، جون هيوستون، هنري هاذاواي، جون فورد) من حيث تنوّعات أفلامه كما من حيث ضخ المزيد منها كل سنة كما كان هؤلاء وسواهم يعملون في الثلاثينات وحتى الخمسينات وقليلاً من بعد.
من حيث التصنيف، شملت أفلامه الخيال العلمي مثل Alien وPrometheus والبوليسي كـ«أميركان غانغستر» و«مطر أسود» والدراميات الكبيرة («كل مال العالم» و«كيان من الأكاذيب» مثلاً). وبالطبع هناك التاريخي بدءاً من «المتبارزان» (1977) وحتى «المبارزة الأخيرة» (2021) مروراً بـ«غلادياتور» (2000) و«مملكة السماء» (2005) و«روبن هود» (2010) من بين أخرى.
أيكون ريدلي سكوت مفتون بالعمل أو مفتون بأنواع معيّنة من الأفلام، خصوصاً ذلك النوع التاريخي المكلف والمعروضة على الشاشات الكبيرة معيدة للجمهور ذكرى تلك الأعمال التاريخية الكبيرة التي كان سيسيل ب. ديميل وأنطوني مان وديفيد لين درج عليها؟

لن تقول لا
سير ريدلي سكوت كان أحد الذين استضافتهم «جمعية صحافيي هوليوود الأجانب» في مهرجان فينيسيا (لجانب مات دامون وبن أفلك) حيث دار هذا الحديث.
> سير ريدلي، أخرجت أفلاماً تاريخية من قبل، لماذا رغبت في إضافة «المبارزة الأخيرة» إليها؟
- عندما تستلم هاتفاً من مات دامون يقول لك فيه: «أخرجت فيلم مبارزة من قبل وعندي فيلم مبارزة جديد لك، هل تريد أن تقرأه؟» فإنك بطبيعة الحال لن تقول لا. أرسل مات السيناريو لي وقرأته وتخيلته عملاً مثيراً في شخصياته وفي أحداثه. حين انتهيت من قراءته اتصلت به وقلت «لمَ لا؟ دعنا نحققه»
> كنت عملت مع مات دامون في «المريخي» من قبل كممثل. كيف وجدته شريكاً معك في الإنتاج وككاتب؟
- ملمٌّ جداً بكل نواحي العمل ومريح للغاية في التعامل معه. هذا نابع من شخصيته. الفيلم الذي تذكره كان مناسبة للتعرّف كذلك على خصاله كممثل. طبعاً كنت أعرف أفلامه وكنت معجباً بطريقته الإنسانية وغير المتعالية في أدائه وتقديم شخصياته. وجدته بالفعل خير من يستطيع تقديم الشخصية التي أدّاها في «المريخي».
> هل توافق على أن الممثل الذي يتم اختياره لأي فيلم يُغيّر في طابع أو هوية العمل؟ دعني أشرح لو أن توم كروز قام ببطولة «المريخي» أو لو أن أنطوني كوين هو من قام ببطولة «مالتيز فالكون» عوض همفري بوغارت لاختلف الفيلم كثيراً.
- مبدئياً هذا صحيح لكن في بعض الحالات هو صحيح جداً لأن ما يحضره الممثل إلى الفيلم الذي يقوم ببطولته هو من عنده، وبالتالي سيترك بصمة مختلفة على العمل. في بعض الحالات الأخرى الاختلاف ليس كبيراً إلى هذا الحد. هو اختلاف كبير لو أن ممثلاً آخر غير مارلون براندو لعب بطولة «عربة اسمها الرغبة»، لكنه ليس اختلافاً كبيراً لو أن الممثل البديل انتمى للمدرسة ذاتها للممثل الآخر.
> في أفلامك التركيز على الممثل لا يتم إلا بحسب ما هو مطلوب. أقصد أفلامك لا تتبع نجومية الممثل بل نجومية الممثل هي التي تتبع الفيلم.
- هذا أسمعه للمرّة الأولى وأعتقد أنه صحيح. ما أصر عليه هو أن يندمج كل شيء في الفيلم ليصبح في داخله. كل عناصر الفيلم وليس التمثيل فقط. الموسيقى والتصوير وتصميم الإنتاج كلها عليها أن تدخل في أماكنها الصحيحة وتصبح عناصر داخل الكيان الواحد. هي شرايين وأوردة وعضلات وعظام كما أبداننا. إذا لم يحسن الفيلم ذلك الصياغة فإن ذلك لن يكون في صالحه.
> ماذا عن أفلام عليها أن تعتمد على شخص واحد، لنقل مات دامون في «المريخي» أو سيغورني ويفر في «أليانز»؟
- كنت أتحدث عن الأفلام ذات الإنتاجات التاريخية الضخمة والأفلام التي لا تتناول شخصية أو شخصيّتين فقط، بل عالماً واسعاً من الشخصيات. لكن هناك خيط رفيع بين أن يتولى الممثل بطولة فردية وبين أن يتم صياغة هذه البطولة في كيان العمل ككل. البعض ينجح في ذلك الهدف والبعض لا.

خبرة وعزيمة
> قبل عدة سنوات سألتك عن «بلايد رَنر» الذي أخرجته سنة 1982. سألتك إذا ما كنت تعتقد أنه فيلم كلاسيكي في نوعه كخيال - علمي. أعتقد أنك لم تكن متحمساً لهذا الوصف. لكنك قبل عامين أنتجت جزءاً آخر. كيف تنظر إلى ذلك؟
- لا أذكر سؤالك ولا جوابي عليه لكني كنت وما زلت أفتخر بذلك الفيلم. ربما أردت القول حينها إنني لست من يُقيّم الفيلم إذا ما كان كلاسيكياً في نوعه أو لا. التقييم يعود إلى عوامل أخرى جودة العمل واحد منها. بالنسبة لـ«بلايد رَنر 2049» لم يكن ممكناً عدم توظيف الاهتمام الذي كان الفيلم السابق يُثيره بين الجميع. عندما تم بحث الموضوع معي أعربت عن اهتمامي على نحو طبيعي.
> قرأت لك ذات مرّة أن «بلايد رَنر» كان تجربة صعبة بالنسبة لك. هل لك توضيح ذلك؟
- نعم وإلى حد كبير.
> لماذا؟
- جئت من خلفية إنتاج وإخراج أفلام دعاية. لا بد أنك تعرف ذلك. كنت ناجحاً في عملي وخطوتي للانتقال من بريطانيا إلى هوليوود ومن مجال أفلام الدعاية إلى السينما كانت في محلها. لكني وجدت أنه من الصعب الانتقال فجأة من ميزانيات فيلم صغير كـ«المبارزة» إلى ميزانية فيلم كبير مثل «بلايد رَنر». كانت عندي الخبرة والرؤية والعزيمة، لكن شكوك الآخرين وجهل البعض منهم كان يحيط بي. أعتقد لو فشل الفيلم لانتهيت. لا أحد يعطي الفرصة الثانية لمخرج جديد إذا ما حقق فيلماً كبيراً في بداياته.
> يبدو لي أنك سينمائي يؤمن بتحدي الصعاب وهذا يعني أنك من النوع الذي يواجه المنافسة بعزيمة قوية. هل توافق؟
- نعم. تماماً. المهنة التي نحن فيها لا تتحمل أن يترك المرء نفسه خالياً من التحديات والمنافسة تفرض نفسها تبعاً لذلك. أقصد كلما علا الحائط الذي تريد تسلّقه وجدت أن سواك يريد أن ينافسك عليه. مثل رياضة الركض مثلاً. هذا عائد إلى فترة دراستي. كنت الأخير في الصف كل سنة لخمس سنوات. ربما هذا ما ولّد عندي الرغبة في النجاح خارج الدراسة.
> هذه الأفلام التاريخية الكبيرة، مثل فيلمك الأخير «المبارزة الأخيرة» تكلّف كثيراً. هل تجد صعوبة في تمويل مثل هذه الأفلام؟
- لا. الشركات الكبيرة تريد مثل هذه الأفلام لأن الجمهور يرغب فيها. لكن دعني أقول لك شيئاً: دائماً ما أسعى إلى وضع ميزانيات محددة. إذا كان الفيلم مكلفاً، وهو عادة كذلك، فإن هذا بعد دراسة دقيقة وليس حباً في الصرف. كمخرج أنت مسؤول عن الفيلم بكامله من الخارج والداخل. كل من يتجاوز 250 مليون دولار كميزانية هو في الغالب لا يعرف ما يقوم به. أشاهد بعض الأفلام المكلفة 200 مليون، 250 مليون، 300 مليون ولا أرى على الشاشة أين ذهبت كل تلك الملايين.
> حين شاهدت الفيلم لاحظت أنه طبّق طريقة «راشومون» من حيث إن فيلم أكيرا كوروساوا ذاك سرد الحدث ذاته من أكثر من وجهة نظر. كيف تمّ ذلك بين الكتابة والإخراج؟
- عندما قرأت السيناريو وجدت أنه بنى الموضوع على هذا النحو بالفعل. هناك ثلاث وجهات نظر: وجهة نظر الضحية جودي كومر ووجهة نظر المتهم بالاعتداء عليها أدام درايفر ووجهة نظر المدافع عنها زوجها مات ديمون. وجدت الصياغة مثيرة وجديدة ووافقت عليها. كل شيء قام على مسألتين الضحية والمعتدي.
> هل من الصعب إقناع مشاهدي اليوم بحكاية تاريخية تعود إلى قرون مضت وليست، مثل بعض أفلامك التاريخية السابقة، قائمة على وقائع معروفة؟
- لا أعتقد لأن ما يرويه فيلم «المبارزة الأخيرة» حول وضع المرأة التي تتعرّض للاغتصاب وتجد نفسها مُدانة لأن المغتصب لديه سلطة أعلى من سلطتها وضع ما زال قائماً لليوم. اسمع. لا نتعلّم شيئاً من التاريخ على الإطلاق. الزمن يمضي والإنسان ما زال يرتكب الأخطاء نفسها. الحروب مليئة بالدروس والحكم. هل نتعلم؟ لا.
> سير ريدلي، كيف اخترت ممثليك لهذا الفيلم... أو كيف تختار ممثليك عموماً؟
- عادة ما أشاهدهم في الأفلام. أعتقد أن الطريقة التي يتّبعها عديدون في هذا المجال ليست ذات فائدة. أقصد إحضار الممثل كمرشح للدور والطلب منه إلقاء بعض المشاهد والحوارات. ربما ينجح ذلك في المسرح، لكن في السينما هذا التحضير ليس من تحبيذي مطلقاً. أعمد إلى مشاهدة الممثلين في أفلامهم السابقة واختار معظمهم على هذا النحو. طبعاً هذا لم ينطبق على مات دامون لأننا كنا عملنا معاً وأعرفه إلى حد بعيد.
> لديك فيلم تاريخي آخر تبدأ تصويره قريباً عن نابليون بونابرت؟
- نعم. Kitbag سنبدأ بتصويره في الشهر الأول من 2022. الكاستينغ تم وجودي كومر ستؤدي دور زوجة بونابرت ودور بونابرت سيذهب إلى واكين فينكس.
> كيف سيختلف هذا الفيلم عن أفلام سابقة تم تحقيقها عن بونابرت؟
- كثيراً. هو رؤية شخصية أكثر منها إعادة سرد لحروبه.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».