مهرجان السينما المتوسطية «سينيميد» يسلّط الضوء على أزمات لبنان

ازدحام أمام أحد الأفران في بيروت (أرشيفية-أ.ف.ب)
ازدحام أمام أحد الأفران في بيروت (أرشيفية-أ.ف.ب)
TT

مهرجان السينما المتوسطية «سينيميد» يسلّط الضوء على أزمات لبنان

ازدحام أمام أحد الأفران في بيروت (أرشيفية-أ.ف.ب)
ازدحام أمام أحد الأفران في بيروت (أرشيفية-أ.ف.ب)

يسلّط مهرجان السينما المتوسطية «سينيميد» الذي ينطلق، اليوم (الجمعة)، في مدينة مونبلييه في جنوب فرنسا، الضوء على لبنان المنكوب، وستكون الفرنسية الشابة من أصل تونسي حفصية حرزي ضيفة الشرف فيه، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتُفتتح الدورة الثالثة والأربعون للمهرجان، اليوم (الجمعة)، بالعرض الأول لفيلم التشويق السياسي القضائي «أنكيت سور آن سكاندال ديتا» للمخرج المتحدر من جزيرة كورسيكا، تييري دو بيريتي الذي يتناول تهريب المخدرات والفساد في صفوف الشرطة.
ويسلط المهرجان الضوء بنوع خاص على لبنان الغارق في أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة، من خلال عرض لفيلم «دفاتر مايا» (بالإنجليزية «ميموري بوكس») للزوجين جوانا حاجي توما وخليل جريج، والذي أُدرج ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان برلين في مارس (آذار).
ويتحدث المخرجان في ندوة سينمائية على هامش المهرجان عن هذا الفيلم الذي يستند إلى قصة حقيقية عن امرأة لبنانية هاجرت إلى كندا تروي لابنتها المراهقة ذكرياتها وتبوح لها بأسرارها ومكنوناتها في شأن تجاربها خلال فترة الحرب اللبنانية في ثمانينات القرن العشرين.
كذلك يتضمن برنامج المهرجان المتوسطي فيلم «كوستا برافا لبنان» للمخرجة اللبنانية مونيا عقل، والذي عُرض في مهرجان البندقية السينمائي في سبتمبر (أيلول)، ويدور حول عائلة انتقلت للعيش في الجبال هرباً من التلوث والضائقة الاجتماعية في العاصمة بيروت.
وتترأس الممثلة والمخرجة والموسيقية والمغنية والكاتبة الإيطالية آزيا أرجنتو لجنة التحكيم التي ستختار الفائز بجائزة «أنتيغون دور» من بين الأفلام العشرة الطويلة المشاركة في المسابقة والمنتجة في بلدان متوسطية عدة بينها مصر وتونس.
وكانت أرجنتو قبل أربع سنوات في طليعة من أثار مسألة الاعتداءات الجنسية في عالم السينما، مساهِمة بذلك في إطلاق حملة #مي_تو، إذ أعلنت في 2017 أنها تعرضت للاغتصاب من المنتج الهوليوودي الأميركي هارفي وينستين عام 1997 عندما كانت في الحادية والعشرين.
وسيكون لامرأة أخرى حضور بارز في المهرجان كضيفة شرف هي الممثلة والمخرجة الفرنسية حفصية حرزي التي اكتشفها الجمهور العريض من خلال دورها في فيلم «الكسكسي والبوري» للمخرج عبد اللطيف كشيش، وفازت عنه بجائزة «سيزار» أفضل ممثلة واعدة عام 2008.
وتتحدث الممثلة الشابة الأحد 17 أكتوبر (تشرين الأول) عن فيلمها الروائي الثاني كمخرجة «أم صالحة» الذي عُرض في دور السينما في يوليو (تموز).
وصوّر الفيلم في الأحياء الشمالية من مدينة مرسيليا، حيث أمضت حفصية حرزي المولودة لأم جزائرية وأب تونسي طفولتها، ويشكّل تحية للنساء اللواتي يتولين تربية أطفالهن بمفردهن.
ولاحظ مدير «سينيميد» كريستوف لوبارك أن «ما أظهرته أفلام عدة هذه السنة هو ربما الدور الذي يؤديه مراهقو اليوم في مواجهة الآباء الفاشلين في بعض الأحيان، وهو نوع من العلاقة العكسية».
كذلك يتناول المخرج الإيطالي داريو ألبرتيني، من خلال فيلم «أنيما بيلا» المشارك في المسابقة، موضوع العلاقة بين الأبناء وذويهم من خلال قصة راعية شابة، ومثله يفعل الفيلم الوثائقي «ليزانفان تيريبل» لأحمد نجدت كوبور الذي يتعمق في الحياة اليومية لأسرة تركية.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».