النظام السوري و«حزب الله» يشنان عملية كبيرة على الزبداني

مقتل وجرح العشرات في اشتباكات في مدينة حلب

النظام السوري و«حزب الله» يشنان عملية كبيرة على الزبداني
TT

النظام السوري و«حزب الله» يشنان عملية كبيرة على الزبداني

النظام السوري و«حزب الله» يشنان عملية كبيرة على الزبداني

شنت قوات النظام السوري و«حزب الله» اللبناني عملية عسكرية كبيرة على مدينة الزبداني بريف دمشق الغربي، الخاضعة لسيطرة المعارضة، وذلك بعد حصار مطبق فرضته عليها في اليومين الماضيين، مما أدى لمقتل العشرات. ومن جانب آخر، أفيد عن اشتباكات محتدمة تشهدها مدينة حلب بين قوات المعارضة وعناصر «داعش» من جهة، وبين قوات المعارضة وبين قوات النظام من جهة أخرى، مما أدى لمقتل وجرح العشرات. حول معارك الزبداني، القريبة من الحدود اللبنانية، أفاد «مكتب أخبار سوريا» أن 13 من مقاتلي المعارضة قتلوا، يوم أمس (السبت)، «خلال محاولة الفصائل صد تقدم جنود الجيش السوري النظامي المدعم بميليشيا (حزب الله) في السلسلة الجبلية المحاذية للمدينة من الغرب».
ونقل المكتب عن أحد الناشطين في الزبداني قوله إن الجيش النظامي بدأ «عملية عسكرية كبيرة على التخوم الغربية لمدينة الزبداني، وشن هجوما عبر 3 محاور بغطاء ناري ومدفعي كثيف غير مسبوق». وذكر أن القوات النظامية «نجحت في التقدم من جهة التلال المطلة على أبنية الجمعيات في الزبداني ومن التلال المتاخمة لبلدة معدر من جهة الشمال ومن المنطقة المعروفة بعين الرملة وظهر البيدر».
ووفقا للناشط السوري، فإن مقاتلي المعارضة المسلحة، وأبرزها «حركة أحرار الشام الإسلامية»، و«جبهة النصرة»، حاولوا التصدي لهجوم قوات النظام ومقاتلي «حزب الله»، مما أدى إلى مقتل 13 مقاتلا على الأقل وجرح العشرات، وأوضح أن المعارك أسفرت عن إطباق قوات النظام على الزبداني من الجهة الغربية، وذلك بعد إحكامها السيطرة على السلسلة الغربية للمدينة. ثم أضاف أنه «بالتزامن مع المعارك في الجبل الغربي، نفذت القوات النظامية قصفا عنيفا بالأسلحة الثقيلة والراجمات والطيران الحربي والهليكوبترات على أماكن انتشار قوات المعارضة وطرق إمدادهم في سفح الجبل الغربي من جهة الزبداني وعلى وسط المدينة».
وأشار الناشط المدني وسيم سعد، في حديث مع «مكتب أخبار سوريا»، إلى أن قوات النظام أغلقت الطريق الرئيسية المؤدية من دمشق إلى منطقة وادي بردى الواقعة في منتصف الطريق بين العاصمة والزبداني على خلفية المعارك الدائرة غرب المدينة، كما منعت دخول المواد الغذائية والطبية والمياه المعبأة وكثيرا من البضائع إلى قرى وادي بردى.
وفي حين أوردت قناة «المنار» التلفزيونية، التابعة لـ«حزب الله»، «مقتل وجرح عدد من المسلحين في اشتباكات بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في خشعات الزبداني ترافق مع قصف مدفعي مركز على مواقعهم»، عرضت القناة ليل الجمعة لقطات لمقاتلين في منطقة جبلية يستخدمون أسلحة ثقيلة حول المدينة وجثة لأحد مقاتلي المعارضة.
في هذه الأثناء، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن عدد قتلى المعارضة الذين قضوا خلال اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في الجبل الغربي للزبداني ارتفع إلى 6، وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت في وقت سابق عن مصدر أمني لبناني أن الجيش السوري مدعوما بمقاتلين من «حزب الله» حاصر مدينة الزبداني، بينما ادعت وكالة «سانا» الحكومية السورية أن 20 على الأقل من مقاتلي المعارضة قتلوا في معارك للسيطرة على المنطقة. ونقلت «سانا» عن مصدر عسكري قوله إن الجيش أحكم السيطرة على 10 نقاط استراتيجية على الأقل إلى الغرب من الزبداني. وادعت أن قوات الجيش «قضت على أكثر من 20 إرهابيا وأصابت العشرات من أفراد التنظيمات التكفيرية»، أن بين القتلى عددا من المقاتلين الأجانب.
أما عن الجبهات الأخرى، فقد أفاد «المرصد» عن حصوله على نسخة من شريط مصور يظهر عشرات المتظاهرين في بلدة كفربطنا بغوطة دمشق الشرقية، وهم يحملون رايات سوداء كتب عليها «لا إله إلا الله محمد رسول الله» ويتجولون في شوارع البلدة، مرددين شعارات، منها: «إسلامية.. إسلامية.. ثورتنا إسلامية، غصبا عنك يا بشار وعن العلمانية». وكانت عدة فصائل خرجت في مظاهرة بمدينة حلب في وقت سابق، ونادت بشعارات: «حلب تريد خلافة إسلامية»، بحسب «المرصد» برفقة مسلحين وعدة أحصنة، ورفعت راية سوداء كتب عليها بالخط الأبيض «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، كما سحبت رايات أخرى كان يحملها مواطنون ونشطاء، وتوجهت من حي المرجة مرورا بالصالحين والفردوس وجسر الحج وصولا إلى حي المشهد في حلب.
هذا، وشهدت حلب خلال الساعات الماضية اشتباكات عنيفة بين عناصر تنظيم داعش من جهة وفصائل المعارضة من طرف آخر، في محيط قرى الظاهرية والعدية، وكذلك مناطق أخرى في محيط قرية احتيملات بريف حلب الشمالي. ووفق «المرصد» أن اشتباكات متقطعة دارت بين قوات النظام مدعمة بـ«قوات الدفاع الوطني» (الشبيحة) من جهة، وكتائب المعارضة من جهة أخرى، على أطراف حيي بني زيد والليرمون شمال حلب، ومناطق أخرى في حي الخالدية، مما أدى لمقتل وجرح العشرات. وأيضا، أفاد «مكتب أخبار سوريا» بخروج مظاهرة في مدينة مارع الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف حلب، طالب خلالها المشاركون فصائل المعارضة بنقل مقراتهم العسكرية إلى خارج المدينة المأهولة بالسكان، وذلك تجنبا لقصفها جويا من قبل قوات النظام، أو من قبل «داعش» الأمر الذي يودي بحياة المدنيين.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.