معرض الرياض الدولي للكتاب تمثيل ثقافي أبعد من الصفحات

تفاصيل داخلية تتحدث عن المطبوعات والحضور الجماهيري

من معرض الكتاب في الرياض أمس (تصوير: بشير صالح)
من معرض الكتاب في الرياض أمس (تصوير: بشير صالح)
TT

معرض الرياض الدولي للكتاب تمثيل ثقافي أبعد من الصفحات

من معرض الكتاب في الرياض أمس (تصوير: بشير صالح)
من معرض الكتاب في الرياض أمس (تصوير: بشير صالح)

تعددت أوجه التمثيل الثقافي في معرض الرياض الدولي للكتاب، حيث تجاوزت مجرد عرض المؤلفات الورقية والترويج لها، وجاءت الفعاليات الفنية متكاملة مع الحدث الثقافي، ليبرز الكتاب بعدة أوجه تساهم في تحقيق مصادر التنوع الثقافية.
وبعد سنتين من الغياب يجسد معرض الكتاب بنسخته الحالية، الذي يقام بتنظيم وزارة الثقافة السعودية للمرة الأولى، اختصاص الهيئات الثقافية الإحدى عشرة، التي لاقت اهتماماً واضحاً.
كانت ورش العمل المقامة في المعرض تتقاطع أعمالها مع تخصصات هيئات الثقافة السعودية، وتنوعت من خلال طرح ورش الكتابة والتأليف، وورش صناعة الأفلام والمسرح وفنون الطبخ وتراث الأزياء في المملكة، وعوالم الكتابة في الخيال العلمي، ومراحل تأسيس الوكالة الأدبية، والكتابة المعمارية وغيرها الكثير.
من اللافت أن تنظيم معرض الكتاب الحالي استفاد من ذكاء اختيار الموقع، فالصالة الرئيسية للمعرض تقع بمقربة من المنطقة الترفيهية في واجهة الرياض، التي تضم الفعاليات المصاحبة للمعرض والمطاعم والمقاهي والسينما، مع تخصيص طريق مشاه مجهز بإضاءات لافتة ترشد الزوار إلى طريق العبور، بالإضافة إلى وجود منظمي المشاة، ورغم ذلك غابت مواقف سيارات الأجرة ومنصات طلبات السيارات من حيز التنظيم.وتضمنت المنطقة الترفيهية لواجهة الرياض نشاطات فنية مصاحبة للمعرض مثل العزف العراقي الحي تماشياً مع ضيف الشرف دولة العراق، وانتشار عدد من المعلقات الشعرية التاريخية بشكل حضاري مبتكر في أرجاء المنطقة. كما قدم مسرح جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، أربع أمسيات غنائية وموسيقية ذات قيمة فنية رفيعة، بدأت بأمسية غنائية للفنان عبد الرحمن محمد، ثم أمسية للموسيقار المصري عمر خيرت، وأمسية تجمع الموسيقي العراقي نصير شمة بمواطنه المطرب القدير سعدون جابر، فيما تناولت الأمسية الرابعة الأغاني الشهيرة التي كتبها الشاعر الراحل الأمير عبد الله الفيصل لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ.
على جانب آخر، يرى أصحاب دور النشر أن الأسعار تأتي بناءً على تكاليف الطباعة والنقل والشحن حتى وصلت إلى الرياض، ويحرص أصحاب الدور القادمة من خارج المملكة على ضمان انتهاء الكمية وجني الأرباح، وهذا ما يدفعهم إلى اختيار مؤلفات يُضمن بيعها، حيث تصدرت الرواية بأشكالها المشهد العام، وغابت العديد من العناوين الفلسفية والاجتماعية عن الأرفف.
وقد أشار بعض الزوار إلى أن سقف الحرية ارتفع بشكل ملحوظ على الكتب السياسية والدينية، وأن المؤلفات ذات الأصداء القيمة انتهت في غضون اليومين الأولين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».