من الواضح أن إحصائية «الأهداف المتوقعة» ليست أداة مثالية للحكم على مستوى الأندية، وأن بها بعض العيوب الواضحة. ومن اللافت للنظر أن معظم الإحصائيات المتعلقة بالأهداف المتوقعة للموسم الماضي توقعت أن ينهي برايتون الدوري الإنجليزي الممتاز في المركز الخامس أو السادس، لكن الفريق أنهى الموسم في المركز السادس عشر! تخيلوا لو حدث هذا ونجح برايتون، الذي يأتي في المركز الخامس عشر من حيث فاتورة الأجور بالدوري الإنجليزي الممتاز، في احتلال أحد المراكز المؤهلة للدوري الأوروبي. من المؤكد أن هذا - في حال حدوثه - سيكون إنجازاً استثنائياً. ربما لم يكن المدير الفني لبرايتون، غراهام بوتر ليفوز بأفضل مدير فني في الموسم على حساب المدير الفني لتشيلسي توماس توخيل، لكنه بكل تأكيد كان سيحصل على ثاني أفضل مدير فني بدلاً من المدير الفني لليدز يونايتد، مارسيلو بيلسا.
وأكثر من ذلك، كان بوتر سيكون أحد المرشحين لتولي القيادة الفنية لنادي توتنهام، وليس مجرد مدير فني يتم ذكر اسمه بشكل عابر! بل وربما كان الأمر سيصل إلى المطالبة بتعيين بوتر مديراً فنياً للمنتخب الإنجليزي بدلاً من المدير الفني الحالي غاريث ساوثغيت! ومع ذلك، يبدو الآن أن هناك اتجاهاً عاماً للتعامل مع بوتر على أنه شخص غريب! دعونا نؤكد أنه دائماً ما كانت كرة القدم البريطانية تنظر بعين الشك والريبة لأي شخص يسافر للعمل في الخارج، وهو ما حدث مع بوتر عندما بدأ مسيرته التدريبية على مستوى الأندية من خلال العمل في السويد، فهناك طريقة غريبة في التفكير لا تعترف بالنجاحات التي يحققها الشخص في الخارج.
لقد كان جيمي هوغان هو المدير الفني الأكثر تأثيراً في النصف الأول من القرن العشرين، لكن لفترة طويلة كان يُنظر إليه في إنجلترا على أنه شخص غريب الأطوار ولا يتم تقييمه إلا بناء على الفترة المخيبة للآمال التي قضاها قرب نهاية مسيرته الكروية مع نادي أستون فيلا! وعلاوة على ذلك، تم نسيان بوبي هوتون الآن، كما كان هناك احتقار عام تجاه مسيرة ستيف مكلارين بعد رحيله عن ميدلسبره، رغم إنجازه الرائع بالفوز بلقب الدوري الهولندي الممتاز مع نادي تفينتي! وحتى روي هودجسون لم يحصل على التقدير الذي يستحقه في وطنه إلا بعد عقود من فوزه بلقب الدوري السويدي الممتاز لأول مرة.
لكن اتضح للجميع بعد ذلك أن بوتر بالفعل مدير فني جيد، حيث بدأ برايتون الموسم الحالي بشكل جيد للغاية وحقق الفوز في أربع مباريات من أصل سبع مباريات خاضها في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى الآن، وكان آخرها الفوز على ليستر سيتي في المرحلة الخامسة من بطولة الدوري بهدفين مقابل هدف وحيد.
لقد لعب برايتون بشكل رائع خلال الشوط الثاني أمام بيرنلي، وهو الأمر الذي مكنه من تحقيق الفوز في نهاية المطاف، كما فاز على واتفورد الذي يبدو بلا أنياب حقيقية بعيداً عن ملعبه، وفاز على برينتفورد بفضل الهدف الذي أحرزه في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء. إن تحقيق برايتون أربعة انتصارات وتعادلين مع كريستال بالاس وآرسنال في الجولتين السادسة والسابعة على التوالي في أول سبع جولات، يعني أنه يحتل الآن المركز السادس في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق الأهداف عن أصحاب المركز الثالث والرابع والخامس. وخلال الموسم الماضي، لم يحقق الفريق الفوز الثالث في الدوري إلا في السادس عشر من يناير (كانون الثاني)، وهو ما يشير إلى أن الفريق قد حقق تقدماً ملحوظاً عن الموسم الماضي.
لكن تجب الإشارة إلى أنه قد يكون من الصعب التكهن بما سيقدمه الفريق على المدى الطويل، خصوصاً أن معظم الانتصارات التي حققها هذا الموسم جاءت بصعوبة وأمام أندية من المحتمل أن تنهي الموسم ضمن النصف الثاني من جدول الترتيب. وفي المباراة الصعبة الوحيدة التي لعبها برايتون حتى الآن، والتي كانت على ملعبه أمام إيفرتون، خسر الفريق على الرغم من تقديمه أداء جيداً. وحتى بعد الفوز على ليستر سيتي، فإن عدد الإصابات التي يعاني منها ليستر سيتي - على الرغم من عودة بعض اللاعبين - يعني أن هناك انطباعاً بأن برايتون كان محظوظاً، لأنه لم يواجه منافسين أقوياء حتى الآن!
وبالتالي، هناك نقطة مهمة تظهر على السطح الآن وتتعلق بترتيب المباريات التي يلعبها الفريق، وما إذا كان ينبغي بذل مزيد من الجهد والمحاولات لتجنب أن يلعب أي فريق سلسلة من المباريات القوية أو الضعيفة بشكل متتالٍ، أم لا. وقد حدث العكس تماماً مع نوريتش سيتي هذا الموسم، حيث لعب مباريات قوية للغاية أمام ليفربول ومانشستر سيتي وليستر سيتي وآرسنال - جميعها من الأندية الثمانية الأولى في جدول الترتيب الموسم الماضي. وبالتالي، كان من الطبيعي أن يحقق نوريتش سيتي نتائج سلبية في بداية الموسم، وهو الأمر الذي يؤثر بالسلب على ثقة الفريق في نفسه قبل خوض المباريات التالية، حتى وإن كانت أمام فرق أقل قوة. لقد انتهت مسيرة ستيف بروس مع سندرلاند بعدما حصل فريقه، بعد أن باع لتوه دارين بينت، على نقطة واحدة فقط من ثماني مباريات متتالية في الدوري لعب خلالها أمام أفضل سبعة أندية في الموسم السابق، بالإضافة إلى ستوك سيتي خارج ملعبه.
وبالتالي، فإن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل النتائج الجيدة التي حققها برايتون في بداية الموسم الحالي تعود إلى أنه واجه منافسين ضعفاء أم لأنه قد تحسن بشكل ملحوظ عن الموسم الماضي؟ للإجابة عن هذا السؤال يتعين علينا أن نلقي نظرة على الأرقام المتعلقة بإحصائية الأهداف المتوقعة خلال الموسم الماضي. لقد سجل برايتون 40 هدفاً في الدوري (أقل من الأهداف التي كان من المتوقع أن يحرزها النادي بـ13.82 هدف)، واستقبلت شباك الفريق 46 هدفاً (مقابل 39.81 هدف كان من المتوقع أن يستقبلها الفريق). أما خلال الموسم الحالي، فقد سجل الفريق حتى الآن 8 أهداف (مقابل 4.45 كان من المتوقع أن يحرزها الفريق)، واهتزت شباكه بخمسة أهداف (مقابل 4.48 هدف كان من المتوقع أن يستقبلها الفريق).
لقد كان التصور العام يتمثل في أن برايتون لا يمتلك مهاجماً صريحاً قوياً وقادراً على إحراز الأهداف من أنصاف الفرص - كان الهداف الأول للفريق هو نيل موباي بثمانية أهداف - لكن كان النادي يعاني أيضاً من مشاكل واضحة في خط الدفاع. وكان المهاجم الوحيد الذي تعاقد معه النادي هو عبد الله سيما البالغ من العمر 20 عاماً من سلافيا براغ، وتمت إعارته إلى ستوك سيتي. وعلى الرغم من إشادة البعض بأن الأهداف التي سجلها برايتون في الدوري حتى الآن جاءت عن طريق أربعة لاعبين مختلفين، وأن ذلك يوضح أن الفريق يمتلك كثيراً من الخيارات الهجومية القوية، ولا يعتمد على لاعب واحد فقط، لا توجد ضمانات بأن الفريق سيواصل استغلال الفرص أمام الفرق الأكثر قوة.
ومع ذلك، كان من الجيد للغاية أن يغير بوتر مركز ليندرو تروسارد لكي يتحرك بحرية أكبر، وهو الأمر الذي جعله يشكل خطورة أكبر على مرمى المنافسين. لقد وصل اللاعب البلجيكي من راسينغ جينك كجناح، لكنه لعب خلف اثنين من المهاجمين أمام برينتفورد، وكان من الواضح للجميع أنه يستمتع باللعب في هذا المركز. وقال تروسارد: «عندما ألعب في عمق الملعب، يمكنني الخروج إلى أي من الجانبين، ويكون من الصعب الدفاع ضدي في مثل هذه المواقف».
وبعد الفوز على ليستر سيتي، والتعادل مع كريستال بالاس وآرسنال، سيلاعب نوريتش سيتي. وإذا حقق الفريق الفوز على نوريتش - وهو متوقع - ومع مرور نحو 20 في المائة من مباريات الموسم، سيكون الفريق قد قطع نصف الطريق بالفعل نحو البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز. وبعد ذلك، يمكن للفريق أن يحلم بإنهاء الموسم ضمن المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية وتحقيق إنجاز يؤكد أن بوتر يمتلك قدرات جيدة للغاية كمدير فني!
بداية برايتون الرائعة... تحسُّن عن الموسم الماضي أم نتيجة مواجهة منافسين ضعفاء؟
المباريات المقبلة ستكشف المستوى الحقيقي للفريق تحت قيادة المدرب غراهام بوتر
بداية برايتون الرائعة... تحسُّن عن الموسم الماضي أم نتيجة مواجهة منافسين ضعفاء؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة