لبنان: قانون الانتخاب الحالي يبقى نافذاً والاغتراب سيقترع «حتماً»

اللجان النيابية تتفرغ للنظر في التعديلات المقترحة

TT

لبنان: قانون الانتخاب الحالي يبقى نافذاً والاغتراب سيقترع «حتماً»

استغرب مصدر نيابي لبناني بارز ما أخذ يشيعه فريق سياسي معين، في إشارة مباشرة إلى «التيار الوطني الحر»، من أن الهيئة العامة في البرلمان ستدخل تعديلات على قانون الانتخاب الحالي لمنع اللبنانيين المقيمين في بلاد الاغتراب من المشاركة في العملية الانتخابية التي ستجرى في 27 مارس (آذار) المقبل لانتخاب مجلس نيابي جديد، داعياً إلى الكف عن المزايدات الشعبوية التي لا جدوى منها والتي يراد منها تحريض فريق على آخر في محاولة مكشوفة لكسب ود الناخبين لعله يتمكن من إعادة تعويم نفسه سياسياً بعد تراجع شعبيته في الشارع المسيحي.
وكشف المصدر النيابي أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان اتفق مع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي على أن تجرى الانتخابات في 27 مارس المقبل، وقال لـ«الشرق الأوسط» بأن الرئيس بري سيدعو اليوم (الاثنين) اللجان النيابية المشتركة للاجتماع الخميس المقبل على الأرجح للبحث في التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب الحالي الذي لا يزال نافذاً ما لم تقرر الهيئة العامة في البرلمان استبدال قانون آخر به.
ولفت إلى أن الرئيس بري يصر على إجراء الانتخابات في موعدها المتفق عليه وأنه لا مفر من إنجاز هذا الاستحقاق لتأمين الانتظام في المؤسسات الدستورية لأن المجلس النيابي المنتخب هو من ينتخب رئيس جمهورية جديد خلفاً للحالي الرئيس ميشال عون فور انتهاء ولايته الرئاسية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022، وقال بأن اللجان النيابية ستعيد النظر في تحديد المهل بعد أن تقرر تقديم موعد الانتخابات على أن يعود القرار النهائي للهيئة العامة في البرلمان.
وأكد المصدر النيابي بأنه يعود للهيئة العامة النظر في تخصيص 6 مقاعد نيابية للمغتربين اللبنانيين المقيمين في بلاد الاغتراب على أن توزع على القارات الست مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ولفت إلى وجود تباين بين «التيار الوطني» الذي يصر على توزيع هذه المقاعد كأساس للبدء بتطبيقها وبين حزب «القوات اللبنانية» الذي يتمسك باقتراحه بأن ينتخب من هم في بلاد الاغتراب النواب الذين يتشكل منهم البرلمان الحالي أي 128 نائباً استناداً إلى قيودهم في لوائح الشطب في الدوائر الانتخابية مع إفساح المجال أمام تصحيحها في حال وجود أخطاء.
وأكد أن التباين في هذا الخصوص لا يقتصر على الخلاف بين «التيار الوطني» و«القوات» وإنما ينسحب على أطراف أخرى ويعود للبرلمان مجتمعاً القرار النهائي، ما يفتح الباب أمام تعليق العمل بتحديد 6 مقاعد للمغتربين، وهذا ما يدعو لتعديل قانون الانتخاب النافذ حالياً استناداً إل المداولات التي ستجرى في اجتماع اللجان النيابية المشتركة.
وأكد أن الرئيس بري يقف دائماً إلى جانب تطبيق القانون، وقال إن تقديم موعد إجراء الانتخابات من الثامن من مايو (أيار) 2022 إلى 27 مارس من العام نفسه يعود إلى حلول شهر رمضان في الأسبوع الأول من أبريل (نيسان)، وهذا ما يحول دون القيام بجولات انتخابية، إضافة إلى أنه ستليه أعياد الفطر والفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي وأيضاً للطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي.
واعتبر المصدر نفسه أن الإصرار على إجراء الانتخابات في موعدها ما هو إلا رسالة إلى المجتمع الدولي الذي ينظر إليها على أنها المدخل لإعادة تكوين السلطة في لبنان وإحداث تغيير فيها، مع أن القرار يعود أولاً وأخيراً إلى الناخب اللبناني وإرادته في التغيير، وقال بأن أمام الحكومة الميقاتية فرصة لتحقيق أبرز ما تعهدت به في بيانها الوزاري لكنها لن تكون مديدة ومفتوحة إلى ما لا نهاية.
وأضاف أن الفرصة الممنوحة للحكومة لإخراج البلد ولو على مراحل من الأزمات المتراكمة التي تحاصره تبقى في حدود أقل من ثلاثة أشهر لأن لبنان سيدخل في النصف الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل في عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة التي يليها حكماً الانصراف لخوض الانتخابات النيابية والتحضير لها اقتراعاً وإدارياً من قبل وزارة الداخلية، فيما من المبكر منذ الآن تسليط الأضواء على طبيعة التحالفات الانتخابية التي لن تكون على قياس سابقاتها التي أجريت على أساسها الدورة الانتخابية الأخيرة.
وغمز المصدر النيابي من قناة رئيس الجمهورية برفضه التوقيع على المرسوم الخاص بفتح دورة استثنائية للبرلمان بعد أن وقع عليه الرئيس نجيب ميقاتي وأودعه لدى دوائر القصر الجمهوري للتوقيع عليه من قبل عون الذي لن يبدل موقفه بذريعة أن فتح هذه الدورة التي تستمر حتى تاريخ بدء العقد الثاني للبرلمان في أول ثلاثاء بعد 15 أكتوبر الحالي أي في 19 منه سيؤدي إلى عدم ملاحقة النواب المدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت طوال فترات انعقاده.
وأكد أن تقدير عون ليس في محله لأنه من غير الجائز ملاحقة هؤلاء النواب بعد أن ادعى عليهم المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار لمحاكمتهم أمامه، رغم أن الأصول الدستورية والقانونية لا تجيز محاكمتهم إلا أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وقال إن عون بامتناعه عن التوقيع على مرسوم فتح دورة استثنائية يكون قد حسم عدة أسابيع من عمر الحكومة التي يفترض بأن توظف لملاقاة الحكومة الميقاتية من قبل البرلمان في منتصف الطريق للتعاون معاً لإنقاذ البلد من الأزمات غير المسبوقة التي ضربته.
وتابع المصدر نفسه أن مجرد الموافقة على فتح دورة استثنائية ستدفع باتجاه دعوة البرلمان للانعقاد بصورة دائمة لإقرار القوانين استكمالاً لتلك التي أقرت في السابق، لأن هناك ضرورة لتمرير رسالة إلى المجتمع الدولي للتأكيد على أن الحكومة ملتزمة بالإصلاحات الإدارية والمالية للعبور بالمبادرة الفرنسية إلى بر الأمان استجابة لاحتياجات اللبنانيين من جهة وإتمام الاستعدادات الحكومية لبدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي من جهة ثانية.
وأكد أن أمام الحكومة الميقاتية فرصة وإنما ليست مفتوحة لتوفير الحلول التي تعهدت بها في بيانها الوزاري، وقال بأن تذرع عون بعدم فتح دورة استثنائية لا يتعلق بمنع النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر من الملاحقة بمقدار ما أنه يعكس رفضه الإقرار بأن لبنان مع تشكيل الحكومة يدخل في مرحلة جديدة، وبالتالي لن يتغير لناحية العقلية التي يدير بها البلد، رغم أن ما تعهد به من إنجازات بقي حبراً على ورق وهو في حاجة لإنقاذ السنة الأخيرة من عهده.
لذلك يستعد البرلمان - بحسب المصدر - للبدء بورشة تجمع بين التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب وبين مشاريع واقتراحات القوانين التي تتيح للحكومة خوض معركة الإنقاذ وإنما بالأفعال وليس بالأقوال التي لا يزال يرددها عون وفريقه السياسي من دون أن يترجمها إلى خطوات تنفيذية لأن عون لن يتغير برغم أن البلد يقف أمام محاولة جدية لخوض معركة التغيير.
وعليه لن تكون هناك من عوائق تمنع الاغتراب اللبناني من المشاركة في العملية الانتخابية تكراراً لمشاركته في الانتخابات الأخيرة بخلاف ما يشيعه «التيار الوطني» الذي يبحث الآن عن تحقيق انتصارات وهمية على غرار تلك التي حققها عندما منح الحكومة الثقة متذرعاً بأنها التزمت في بيانها الوزاري بالعناوين التي كان طرحها في بيانه الأسبوعي لتبرير انعطافه في موقفه باتجاه تأييدها بخلاف مواقفه التي تأرجحت في حينها بين التأييد والامتناع عن منحها الثقة.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».